لم يتوقف الجدل ، بل والاعتراض ، في الساحة المصرية على منح جزيرتي تيران والصنافير الى المملكة العربية السعودية أثناء زيارة الملك السعودي الى القاهرة مؤخرا . وبعيدا عن جذور عائدية هاتين الجزيرتين ، فان أسئلة كثيرة طرحت عن مغزى توقيت هذه الخطوة ولما الآن بعد ان سكتت المملكة عنها طوال عقود ، بما فيها مفاوضات كامب ديفيد التي كان مصير الجزيرتين جزءاً مهما من الاتفاق الذي تم في النهاية .
السؤال المثار أيضا هو : ما الثمن الذي تحصل عليه مصر من هذه الخطوة ؟ .وهل يقتصر الامر على الهبات المادية والاستثمارات أم يتعداه الى الانخراط في مشروع السعودية الاقليمي؟ .
ما هو المشروع السعودي في المنطقة الان؟ .
كلما كانت المفاوضات النووية بين إيران والغرب تتقدم ، كان القلق السعودي يتزايد، وكان السلوك السياسي للرياض يتقدم باتجاه التصعيد ضد طهران والدول والحركات الصديقة لها ، وهو ما يعرف بالمحور الايراني ، وفق توصيف معارضيه، أو محور المقاومة ، وفق توصيف مؤيديه . مصدر القلق السعودي هو التغيير الذي بدأ يظهر على السياسة الاميركية حيال السعودية . تغيير وراءه أصوات أميركية بدأت تتعالى حول جدوى استمرار العلاقة مع الرياض في وقت بات فيه الجميع يعرف ان الرياض هي مصدر التطرف وهي وراء دعم الكثير من
، بالمال والفتاوى الحركات التكفيرية ولاول مرة يبدو الانفاق السعودي الباذخ في واشنطن عاجزاً عن اسكات هذه الاصوات التي بدأت تنادي بضرورة اعادة النظر بالعلاقة مع الرياض ،وهي متناغمة الى حد كبير مع توجهات الادارة الاميركية الحالية .فالمسؤولون الاميركيون دأبوا خلال العامين الاخيرين على تذكير السعوديين بضرورة تغيير سياساتهم وفق معطيات جديدة ستشهدها المنطقة .
كانوا يقصدون بشكل كبير توقيع الاتفاق النووي مع ايران وما سينتج عنه من انفتاح غربي على طهران .السعوديون ، ومعهم عدد كبير من مؤيدييهم ومخالفيهم ، فهموا الامر على ان الجانب الاميركي سيقوم بعملية استبدال الحليف ، وان إيران ستحل محل السعودية ، أو على الاقل، ستكون ايران قوة كبيرة تعترف بها الولايات المتحدة وتنسق معها أحياناً او تتقاسم معها النفوذ أحيانا أخرى . .رد الفعل السعودي اتسم بالغضب حيال التغيير الاميركي وراحت الرياض تتحرك لتشكيل تحالفات عربية واسلامية ، وتخوض حروباً بدأتها في اليمن وصعّدتها في سوريا عبر المجموعات التابعة لها ، في حين صعّدت في لبنان ضد المكون الشيعي المتهم بقربه سياسياً من ايران .
لكن هذا يبدو ،بالضبط، ما تريده مراكز تخطيط وقرار في واشنطن. لا تورط مباشر في المنطقة بل رعاية صراع فيها يقوم بين محورين تتزعم ايران أحدهما والسعودية
تتزعم الثاني بكل ما لديها من خزين مالي يستغل دولاً تعاني متاعب مالية كبيرة مثل مصر .
محوران يخوضان صراعاً بنكهة طائفية ينخرط فيه الكبار والصغار فيكونون جميعا حطباً في ناره .