إعتاد العراقيون والساسة خاصة الأعتماد على المعلومات من الجهات الخارجية ووسائل الأعلام , وقد ينساق ذلك في أطار الحروب النفسية والأعلامية والمعلومات الغير دقيقة التي تصب في أهداف غير ما يعلن , وكل مرة تتسرب المعلومات من جهة المصدر والجهات المستفيدة , وعلى أثر ذلك تتوالد ردود الأفعال وتشكيل اللجان والبحث في مصادقية ما يحدث , كما يحدث في استيراد الأطعمة المنتهية الصلاحية او صفقات الأسلحة وجهاز كشف المتفجرات , وسرعان ما تتسابق السلطات للتحقيق والأحالة للجان التي عادة ما تكون مقبرة للحقائق , في مؤتمر صحفي أكد الناطق بأسم الخارجية الأمريكية جينيفر بساكي , وتحدث عن معلومات وفق تقارير أعدها جهاز التفتيش في وزارته , واوضح إن هنالك ثمانية قضايا تدور في السفارة أبرزها وجود شبكة سرية لتهريب المخدرات تتولى تأمين مواد مخدرة لموظفين متعاقدين في مجال الأمن الدبلوماسي وأن واشنطن ستحقق في الامر , لجنة الأمن والدفاع لم تستبعد الأمر وقيام السفارة برعاية الشبكة وإرتباط ذلك بالخروقات الأمنية والعمليات المشبوهة ولا سيما التفجيرات , وهذه اللجنة والحكومة العراقية لا تستطيع فعل شيء والتعرض للموظفين كما يقول احد اعضائها , لسببين ان للولايات المتحدة الامريكية اليد الطولى في العراق وإرتباط ذلك العمل يدخل ضمن عمل وزارة الخارجية , وجهات اخرى تفترض إنه ضمن عمل جهاز المخابرات الوطنية , والواضح أن ليس من مصلحة المتحدث بأسم الخارجية الأمريكية الأدلاء بهذه المعلومات خاصة وأن للعراق إتفاقية ستراتيجية معه , تفرض توفير الحماية الامريكة للسيادة العراقية وترسخ مفاهيم الديمقراطية , وفي حوادث سابقة أبان حكم النظام السابق كشفت أحدى الصحف الامريكية أسماء المفتشين الدولين وإن لهم ارتباط بالمخابرات العالمية والأمريكية والأسرائيلية , كان في وقتها رد فعل النظام طرد المفتشين , وبعد جملة من الضغوط وبعد سنوات سمح بعودة المفتشين , ولكن هذه المرة لم يكملوا ما وصلوا له , وأنما العودة من البداية للبقاء في فترة أطول , الخارجية الامريكية ومراكز الدراسات الامريكية لم تكن غافلة عن أختيار الوقت المناسب لهذا التصريح , خاصة بعد الاضطرابات التي تشهدها المنطقة الاقليمة وما أنعكس في الساحة العراقية , وإعادة طرح مشروع بايدن لتقسيم العراق الى ثلاثة أقاليم طائفية وعرقية , هذا الأعلان بالون اختبار للساسة العراقيين وتحديد الخارطة السياسية المستقبلية وبناء الافكار على كيفية ردود الأفعال ,خاصة ان التفاعل والتعامل مع السياسة الخارجية والداخلية تعيش الكثير من التناقضات , واستخدام ذلك اوراق ضغط وترغيب وترهيب للسياسين , وتزامن ذلك مع وجود التظاهرات , والارتباك الامني , ومحاولة للتأثير على اجواء التقارب بين القوى السياسية , بعد الاجتماع الرمزي , وزيارة رئيس الوزراء لاقليم كردستان , والطمأنة التي شهدها المجتمع العراقي من عودة العلاقات والحلول عبر الحوارات , محاسبة مثل هكذا شبكات تخضع للاتفاقيات الدولية والمعاهدات اذا كان عملهم بصفة دبلوماسية ويطردون من العراق , واما خلاف ذلك سيتم محاسبتهم وفق القانون العراقي مهما كانت جنسياتهم , المهم هنا هل ان حكومات الشرق الاوسط لا تزال تعيش على معلومات مسربة ؟ و وهل يمكن قناعنا ان الدول العالمية تدين نفسها بنفسها وتحافظ على مصالحنا قبل مصالحها ؟
مقالات اخرى للكاتب