فى ظل أشتعال كافة ارجاء اقليم الشرق الاوسط اثناء ما سمي بثورات الربيع العربي و فى ظل عمليات تفجيرية و ارهابية هنا و هناك بجميع دول المنطقة كانت هى فى حالة هدوء تام، و لم تعد تتصدر عناوين مانشيتات الصحف و الجرائد بعد ما استحوذت كوارث المنطقة على كافة التقارير الاخبارية و النشرات التلفزيونية، و لكن حقيقة الامر كانت هى أكثر الدول تحركا و نشاطا لحماية مصالح أمنها القومي و لانهاك و أستنزاف الاخرينن فقد أستغلت أسرائيل الغزو الامريكي للعراق2003م و اغتالت كافه علمائه قبل ان تسرق تاريخه، و باليمن كانت مشاركة فى تدمير الصواريخ الاستراتيجية قبل ان تنقل يهود اليمن من صنعاء لتل أبيب، و بسوريا كانت حلقة هامة أثناء تفكيك انياب الجيش السوري ( السلاح الكيماوي ) قبل ان تغتال العديد من قادة حزب الله و ايران بسوريا، و لم تكتفي اسرائيل بنشاطها بالجوار او منطقة الشرق الاوسط فقط بل كانت تستغل احداث الفوضى باوكرانيا أفضل استغلال بعد ان عملت على نقل يهود اوكرانيا الى تل ابيب فى سرية تامة .
و الان باتت أسرائيل تتحرك فى الاضواء و توسع من دائره نفوذها و علاقاتها الدولية و لم تعد بوصلتها تجاه العم سام فقط، و باتت تستميل الدب الروسي حتى أعلنت تل أبيب عن تنفيذ مناورات عسكرية مشتركة بين اسرائيل و روسيا فى اطار ما تم الاتفاق عليه بين بوتين و نتنياهو منذ اسبوع بروسيا، فى خطوة للتعاون بين البلدين تكللت أيضا بالسماح لشركات الغاز الروسية بالمشاركة في العطاءات الخاصة بتطوير حقلي الغاز الإسرائيليين لفيتان و تمر بالبحر المتوسط، و جميعها مشاهد تعكس لنا دور أسرائيل الجديد فى خريطة الشرق الاوسط الكبير .
و بلبنان الذى لم يعد يعرف معنى الاستقرار منذ أن صار ساحة لتصفية حسابات دول الاقليم و الذى يشتعل سريعا متأثرا بأزمات الجوار، عاد مجددا ليتم وضعه فى معادلة تصفية حسابات جديدة، فبعد جوالات عديدة بين الموساد و حزب الله بسوريا مؤخرا انتهت بتصفية العديد من عناصر الحزب فى مقدمتهم القيادى مصطفي بدر الدين و من قبله سمير قنطار، و ما قبلها من عواصف ضغوط خليجية و دولية على الحزب، حتى بات واضحا الان كيف تهيئ تل أبيب جنوب لبنان من جديد للحرب القادمة بعد واقعة تفجير بنك لبنان و المهجر، و هي الواقعة التى وجهت فيه كل أصابع الاتهام لحزب الله، فالبنك المستهدف هو اول مصرف نفذ عقوبات و اغلق حسابات عناصر عديدة تابعة لحزب الله، الامر الذى ساعد فى تأليب الرأي العام اللبناني بالداخل على حزب الله مجددا، و أعاد للاذهان عملية أجتياح حزب الله للعاصمة اللبنانية بيروت 2008م فى ظل الضغوط المتتالية عليه وقتها من كافة الاتجاهات على و هو نفس الامر الذى يتكرر الان و لكن بشكل أكثر ضراوة، و خلال ذلك المشهد الدائر بالايام الجارية تنفذ اسرائيل مناورات فى عمق مزارع شبعا و مرتفعات الجولان، و بتواجد امنى مكثف استمرت الآليات الاسرائيلية فى بناء الساتر الترابي بموقع الحماري ببلدة سردا جنوب لبنان .
فبتأكيد تموز 2006م لن يكون اخر المعارك بين اسرائيل و حزب الله و ترى اسرائيل ان افضل فرصة لجولة الحرب القادمة مع حزب الله بالفترة الحالية فى ظل استنزاف الحزب بالحرب السورية، و لكن هل تدرك الاطراف العربية التى تزج لبنان للدخول فى تلك الحرب مجددا تأثير تل الحرب ان نشبت مرة اخرى على الوضع فى الاقليم كله و ليس على لبنان فقط، هل يري العرب بوضوح ميزانا لقوى العسكرية بالمنطقة بعد ان دمرت امريكا العراق و ادخلته نفق مظلم لا نهاية له ثم الحقت سوريا بنفس النفق، و شكل معادلة دول المواجهة فى ظل حالة الفراغ المرعبة بالاقليم و تفشى الجماعات المتطرفة بدلا من الجيوش الوطنية، حقيقة الامر أن أي خطوة أخرى غير محسوبة فى ظل المتغيرات الاقليمية الحالية قد تدفعنا الى الانزلاق بنفس النفق المظلم الذى اسقطت فيه امريكا العراق و سوريا .
مقالات اخرى للكاتب