مسرحية طويلة جداً من فصل واحد قصير جداً
.

في بيت شيخ كبير وعالم خطير

الشيخ غارق في مكتبته يبحث في تفاسير القران عن مسالة تشغل ذهنه فلا يعثر على بغيته

يتحول الى سنة رسول الله، يبحث في الروايات الواردة عن النبي فلا يجد ضالته


يتحول الى احاديث الزهراء نفسها..فلا يجد ما يريد


يبحث في احاديث الائمة واحدا واحدا ...لكنه ايضاً لا يجد ما يريد

وجد رواية تقول ان الامام الحسين قال:(( كأني بأوصالي هذي تقطعها عسلان الفلوات مابين النواويس وكربلاء فيملأن منّي أكراشاً جوفاً، وأجربة سغباً)).... اعرض عنها


يخرج الى فناء الدار.. يطرق محتارا، يبحث عن مصدر علمي يثبت الاكتشاف الذي توصل اليه


يمسك عصاه، يبحش بها الارض وهو يفكر عسى ان يجد في الارض ما لم يجده في السماء

يبحث عن مخرج لما فيه من المحنة خارج القران والسنة؛ ليجد ما يستدل به شرعاً على تحريم لحوم ولد فاطمة على السباع
يعود الى غرفته حزيناً فيجد الغرفة قد اشرقت بنور عجيب

يسمع صوتاً صادرا من مركز الاشعاع... يرتعد وهو يستمع الى الصوت الصادر من ذلك النور يردد: بيكون، بيكون


يعود من رحلته في عالم العرفان مذهولاً

يناديه ابنه: أبي، الناس ينتظرونك

يتوضا ويخرج اليهم على عجل، فهم تواقون الى الاستماع الى احاديثه الشيقة عن معاجز اهل البيت


يدخل الى مجلسه ويبدأ بالحديث فوراً عن خصائص لحوم بني فاطمة (لا بني علي، فالكرامة لفاطمة لا لعلي)

يخبرهم ان لحوم بني فاطمة محرمة على السباع.

تسود همهمة بين الحاضرين...لا يدرون ايصدقونه ليصبحوا مغفلين؟ ام يكذبونه فيصبحوا وهابييين؟

***

فجأةً يدخل احد اولاد فاطمة...انه ولده وولد فاطمة ايضا، وكان قد اوصى الناس بانتخابه

يستبشر بقدومه، يقوم له احتراما لجدته فاطمة،
يجلسه جنبه ويسرُّ اليه ما رآه من النور وما سمعه منه: بيكون.... بيكون


....من بيكون هذا يا ابن فاطمة ؟

يجيبه ابن فاطمة: بيكون فيلسوف اوربي، مؤسس المذهب التجريبي. ما شأنك به يا مولانا؟

يجيب الشيخ الكبير وقد رفع صوته فسمعه كل من في المجلس:

[ لقد كنت ابحث عن دليل شرعي في الكتاب والسنة عن قضية فلم اجدها، لكن جدتك فاطمة تجلت لي وقالت لي بيكون بيكون. لابد انها كانت تريد ان تقول ان قضية تحريم لحوم ولد فاطمة على السباع قضية تجريبيبة يمكن اثباتها بالتجربة].
يسمع الحاضرون الدليل التجريبي فيستبشرون


... هذا ابن فاطمة الذي هو ابن الشيخ أيضاً، وهو الذي اوصى الشيخ بانتخابه، ولحمه محرم على السباع..


هذه احسن فرصة لتجربة فتوى الشيخ في لحوم بني فاطمة، فاذا ثبت ما قاله الشيخ فسوف ينتخبونه وهم مطمئنون الى الخيار الصواب في يوم الانتخاب.


يحيطون بابن الزهراء ليحملوه الى الزوراء حيث الاسد يرتجف من الجوع، وابن فاطمة يرتجف من الخوف

يحاول التملص فلا يحسن التخلص

الامر اليوم يختلف عن السقوط من المنبر اثناء قراءة المقتل....


يلتفت الى الشيخ يستغيث به، فيأتيه صوت الشيخ واثقا مطمئنا:

[ سيد لا تخاف، لحوم بني فاطمة محرمة على السباع، هذا امر مجرب مراراً وتكرارا]

يهم ان يقول للجماهير: " لا تصدقوا هذا الشيخ الخرف"، لكنه يتذكر ان هذا الشيخ لم يكن خرفاً يوم اوصى بانتخابه

يسحبه الجمهور الى حديقة الزوراء


***

في الطريق يلتقي بشيخ البصاق متوجهاً الى منبره يحمل قارورة فيها بصاق يوم كامل تكفي جمهوره، فيستنجد به فيقول له شيخ البصاق: لا تخف، ان الوحوش تكفّ عن زوار الحسين الهنود فكيف تاكلك وانت ابن الزهراء؟ ثم يطرق شيخ البصاق مبتسماً وينعطف الى زقاق جانبي ويطلق ساقيه للريح

يمر بمنبر يجلس عليه سيد الاحلام وهومشغول برواية آخر حلم له في الموسم الجديد

يرفع ابن الزهراء صوته مستنجداً به، لكن سيد الاحلام يصيح : "صلوات" فتنطلق حناجر العباد بأعلى الاصوات فلا يسمع احد صرخة الاستنجاد، بينما تواصل الجماهير سحبها ابن فاطمة لتجربة فتوى الشيخ حسب وصية جدته وطبقاً لمنهج بيكون التجريبي.

***

الجماهير تمسك بقوة بابن الزهراء وهي تسير به الى الاسد الجائع في الزوراء

.....فجأةً يعثر ابن الزهراء على حل ينقذه من قبضة الغوغاء

..يطلق صلواتٍ بأعلى صوته فتجفل الجماهير.

ينهرهم قائلا: صلوا على محمد وآل محمد

يمتثلون فيصلون على محمد وآل محمد

يقول لهم: اسمعوا شيئا مهما اقوله لكم


يتوقفون ليسمعوا


يقول لهم: خفقتُ خفقة عنّت لي فيها جدتي الزهراء قائلة: " لا تخف يا ولدي، اذهب الى الاسد وخذ معك من تشاء، فان كان من ذريتي فلا خوف عليه، وان لم يكن فطوّقه بلحمك وسوف تسري الى لحمه حرمة لحمك على السباع"

ويتابع: " هاتوا لي الشيخ الكبير وشيخ البصاق وسيد الاحلام لكي اخذهم معي الى الاسد وانا اضمن انه لن ياكلهم. انا اطوق الشيخ الكبير وسيد الاحلام يطوق شيخ البصاق....هيا احضروهم"

يصدق الناخبون مرة اخرى، فهم معروفون بتجربة المجرَّب وتصديق مالا يُصدَّق


***

يحددون يوماً لتنفيذ الاقتراح...يوما قربيا من الانتخابات وقريبا من محرم؛ ليفهم الجالسون تحت المنبر قيمة اهل البيت للخطيب، ويفهم الواقفون امام صندوق الانتخاب قيمة اهل البيت للسياسي.

في اليوم المحدد يصلون جميعا الى الزوراء

ابن فاطمة (الذي هو ابن الشيخ الكبير)، وشيخ البصاق، وسيد الاحلام، ومعهم الشيخ الكبير العالم الخطير


ابن فاطمة يحتضن الشيخ الكبير

سيد الاحلام يحتضن شيخ البصاق

يدخل الاربعة في القفص


يتقدم الاسد الجائع ويربض بخشوع امامهم

يمد الاسد يده ليتناول يد ولد فاطمة يقبلها ثم يمسح بها وجهه وصدره

...الناخبون يبكون خشوعاً

تتعالى اصواتهم بالصلوات


يشير لهم ابن فاطمة ان اسكتوا لاني اريد ان اكلم الاسد

تتعالى اصوات الموالين مرة بهتاف:

علي وياك علي..... علي وياك علي.....

هتاف منعش يستمع له ابن فاطمة فترتخي له عضلاته


يستمتع بسماعه للحظات ثم يشير اليهم مرة اخرى ان يسكتوا

تهدأ الاصوات لتستمع الى حوار ابن فاطمة مع الاسد:


- من انت؟

- انا ابن فاطمة، ومن انت؟

- انا امين العاصمة ....