من يتابع حركة السوق العراقية يجد أن هناك غيابا للدولة ، ممثلة بوزارة التجارة ، وكأنها حلقة زائدة في الحكومة ، أو لا علاقة لها ، أو ليس من واجبها ضبط حركة السوق من السلع والاسعار ، وتقدير الحاجة الفعلية للبضاعة المستوردة ، وليس أن يترك الأمر ( للمستورد ) وحده الذي قد يبحث عن الربح فقط ، بغض النظر عن تأثير ما يقوم به على تراجع الانتاج المحلي ... فهل يجوز مثلا استيراد البيض ، ولدينا معامل دواجن على إمتداد مساحة البلاد .. وقس عليه ما يماثله .. أن ضبط حركة السوق من واجب الحكومة ، خاصة ما يتعلق منها بحياة المواطن وارتباطها بسلع اساسية كالمواد الغذائية ، ومن ضمنها اللحوم والدواجن اضافة الى الادوية ..
وفي الظروف غير الطبيعية يكون للحكومة دور مهم في توفير حاجة الشعب ، وبالذات الطبقات الدنيا منه ، وأصحاب الدخول المحدودة ، من خلال توفير مواد وسلع ضرورية عبر منافذ متعددة تابعة للدولة ، و الجمعيات الاستهلاكية ، والتعاونية ، والامر نفسه ينسحب على الدواء خارج المستشفيات ، ومراقبة الاسعار عامة من خلال هيئة أو غرفة أو أي مسمى أخر ، وترتبط مباشرة بمكتب رئيس الوزراء في بعض الدول ... فليس من المعقول أن يتحمل الشعب نفقات وزارة تتولى توفير أربع مواد بفترات متفاوتة ، وغير منتظمة ، يمكن أن يقوم بها تاجر من الدرجة الثالثة او الرابعة ..
أن وزارة التجارة والتموين تعد من الوزارات المهمة عندما تواجه الدول ظروفا غير طبيعية ، سواء بسبب الحروب ، أوالوضع الامني ، او الاقتصادي .. وهناك دول ، وفي منطقتنا بالذات لديها وزارة خاصة للتموين ، ومهمتها توفير السلع الضرورية في السوق ، بما فيها الخبز باسعار مدعومة للشرائح الفقيرة فقط ، عبر مخابز وافران خاصة تابعة لها ، إسوة بمواد أخرى ضرورية يحصلون عليها ( ببطاقات ) عن طريق المجالس المحلية توزع لمن يستحقها فعلا وفق ضوابط محددة لا يمكن التلاعب بها مطلقا...
وهناك دول تتبنى من خلال وزارة التجارة مشاريع خاصة منها ( سلة رمضان ) على سبيل المثال لمساعدة المحتاجين ، تتضمن مواد اساسية يحتاجها الصائم بسعر مناسب ، او مدعوم من الدولة ، أو مجانا من أهل الخير ...
وبذلك يكون ثقل الدولة حاضرا في السوق لضبط الاسعار وبذلك تساعد الشرائح الفقيرة من جشع الطامعين ..
وقد تكون الظروف الاقتصادية للمواطنين وبالذات ذوي الدخول المحدودة فرصة مناسبة للتفكير بعودة النشاط التعاوني بمختلف مجالاته ، وتشكيل الجمعيات التعاونية على مستوى النقابات والجمعيات في البداية لتوفير السلع والحاجات التي ترى ضرورة توفيرها لاعضائها بهامش ربحي بسيط ويمكن أن تساهم في ضبط حركة السوق ، بعد أن غاب ثقل الدولة عنه ، وتركته لاصحاب المصالح والتجار الذين يهمهم بالدرجة الاولى تحقيق الربح السريع والعالي ... مقترح عله يحظى بالدراسة ...
مقالات اخرى للكاتب