محمد حسين الصغير، الرجل الذي يرى نفسه فوق الجميع مقاماً، ويتأثر جداً حينما يُذكر في محفل من المحافل بالاسم فقط أو بلقب لا يتضمن هذه العبارة: (الاستاذ الأول المتمرس الدكتور...)، جمعتني به أكثر من مناسبة، فرأيته متغطرساً بطبعه متبجحاً بعلمه، يحاول جاهداً أن يبدي للناس الصفة التي هي على الضد دوماً من المعنى الذي ورثه عن أبائه وأجداده لتكون صفة له ولقباُ عليه... لا تفارقه الأنا حيثما حلَّ أو ارتحل، ولا يرتضي ابداً أن يتقدم عليه أحد في عنوان أو أن ينأى به عن الصدارة مكان، لا يحترم من دونه في سلم الدرجات الأكاديمية، ويسخر ممن لا يعرفه في المناقشات والمؤتمرات العلمية... اتذكر يوماً أني قد كنت مدعواً لحضور مؤتمر في كلية الفقه، وكان أحد الباحثين قد ارتقى لتوه أعواد المنصة ليلقي بحثه، فما هي إلا أن ألقى الباحث التحية حتى قام الصغير نافجاً حضنيه ناظراً في عطفيه، وقد وثب من مقعده وثبةً يحسده عليها الضفدع ويتعجب منها الكنغر، ثم انهال على الرجل بالكلام البذيء وأشار إليه باحتقار ساخراً مغاضباً، واستدار خارجاً من قاعة المؤتمر وهو يتمتم بكلمات أحسبها بالشتيمة أولى وأجدر، فما كان من المسكين وهو في ذلك الموقف المهين إلا الإيجاز ما وسعه، ثم نزل عن المنصة وهو في حال يثرى لها. بعد أن شهدت على ما جرى علمتُ، وحينها فقط علمت، أن الصغير مهما تكبّر اسم على مسمى. وأن واستعلاءه بالعلم ليس سوى إثبات تاريخ ومسيرة لما تضمنه اللقب من معنى.