الواقع الذي نعيشه واقع مختلف تماماً عن ما سبقه مختلف في كل شيء أحياناً يكون التغيير مصدر ضرر لمجاميع بشرية دون أخرى , قد يكون بين المجتمعات أو في المجتمع الواحد بين طبقاته أو بين الطبقة نفسها والضرر والفائدة تشمل جميع جوانب الحياة وتفاصيلها الجزئية البسيطة من النواحي الاقتصادية والعملية والنفسية والمهنية والعلاقات الاجتماعية الثقافية والفكرية . والدول والمجتمعات والافراد مرغمين على الموافقة والقبول والعمل بالتغيير مرغمين , مثلاً عند ظهور تطور تقني أو الكتروني أو غيرهما في المجال الطبي والعسكري والزراعي والصناعي والى غيرها من مجالات الحياة سيسبب ذلك خسارة للدول والمجتمعات والاشخاص خسارة مادية تكون متفاوتة بين مجتمعات ودول العالم بحسب الرؤية المستقبلية لهذه الدول والمجتمعات , مثلاً الدول المنتجة للوسائل الجديدة والمحدثة للتغيير بالمنطق ستكون خسائرها اقل من غيرها السبب هو استشرافها للمستقبل في هذا الجانب او ذاك . نسوق مثلا على ذلك الدول التي تصنع وتبيع بدالات الهواتف الارضية عندما أُختُرِعَت الهواتف النقالة أدرَكَت خطر استخدامها للتقنية المتعامل بها ( البدالات الارضية فمن الفطنة والعقل أن تسرع ببيع ما لديها من مخزون حتى لو كان بسعر كلفة العمل دون الربح فبيع المخزون بأي ثمن هو ربح بالنتيجة النهائية , كذلك التوقف عن تصنيع خطوط جديدة في مصانع هذه الادوات . وهذا المثال ينطبق على بقية القطاعات التي ذكرناها هنا الضرر الكبير سيصيب من . . ؟ يصيب الدول المتخلفة والدول بطيئة التطور وتحملها الخسارة في مجالين وليس في مجال واحد . الاول خسارتها في استعمال ادوات تعتبر متخلفة وبطيئة من ناحية الفعل والاداء وغير مجدية بالمقارنة مع الواقع التقني الجديد , المجال الثاني هو الضرر الاكثر اهمية التخلف عن ركب التطور الحاصل في العالم من جميع النواحي الامنية والصحية والاقتصادية والاجتماعية وحتى الترفيهية . نسوق مثل على ذلك قبل الاحتلال القوة الجوية العراقية شرعت في الحصول على منظومة حاسبات متطورة من فرنسا أقترح الفرنسيون على الوفد العراقي المفاوض تأجير الحاسبات بدل شرائها كونها تتطور بأستمرار وبشكل سريع الحديث منها اليوم سيصبح قديم غداً رفض الوفد العراقي فكرة التأجير لدواعي أمنية . على الدول المتخلفة والغير منتجة لوسائل التغيير تقع مسؤلية متابعة ما يجري في العالم من تطور في مجريات الحياة كي تتمكن هذه الدول من استشراف المستقبل في أدنى مستوياتها على اقل تقدير وبالتالي تستطيع أن تقلل من خسارتها المادية والاجتماعية أو استثمار ما لديها من معدات وأدوات وتوظيفها للحالة الجديدة مثلاً التطور السريع في مجال الاتصالات أخذت بعض الدول الموائمة بين ما لديها من تقنيات والعمل في نفس الوقت على إدخال المستحدث) بشكل تدريجي مقبول لتقليل الخسائر التي ستسببها عوامل التغيير الجديدة , حجم الخسارة أحياناً ينسحب على سياسة هذه الدول ومواقفها وقواها في كافة المجالات الداخلية والخارجية . كيف للدولة أن تكون قوية ومهابة إذا لم تمتلك القوة العسكرية الفاعلة والمتطورة , والتطور في هذا المجال كيف يكون هل يكون عشوائياً وبدون تخطيط , هنا لابد من استحداث جهات مركزية متخصصة في متابعة التطور ومعتمدة على ما تستطيع الحصول عليه من معلومات سواء كانت من مصادر علنية وهي بالكاد تكون متوفرة أو من مصادر سرية وهذه هي الاهم , لذا فالدول المتقدمة وظفت لهاذا الجانب إمكانيات كبيرة لا تقل اهميتها عن الجوانب الامنية والعسكرية , أحدثت في دوائرها الامنية مراكز متخصصة بما يسمى ( التجسس الصناعي ) وهذا مهم جداً ولا يقتصر على الدول الصناعية فقط بل من المطلوب من الدول الغير صناعية أن تعمل عليه وفق مصالحها الحيوية العامة . أسرائيل مثلاً دولة صناعاتها متواضعة لا تستطيع ان تضاهي اميركا او بريطانيا او اليابان وفرنسا وغيرها من الدول لكن بالمقابل تعمل بقوة في هذا الجانب ( التجسس الصناعي ) كذلك وبحسب ما قلناه الدول الصناعية الكبيرة تستخدم هذا الاسلوب والشواهد كثيرة على ذلك , مرة من المرات طرحت روسيا نموذج سيارة مدنية كان مسروق من نموذج لسيارة ( أوبل ) شركة المانية معروفة وقد احتجت هذه الشركة وقدمت شكوى الى الجهات الدولية المتخصصة وكادت أن تتسبب في ازمة سياسية بين المانيا وروسيا , وهذا الحال ينسحب على المجالات كافة وبنفس المستوى من الاهمية سواء العسكرية وغيرها مثل العلوم البايولوجية والبحوث والدراسات المتقدمة والتي تخص كافة جوانب الحياة , على كافة دول العالم وخاصة الدول ( بطيئة التطور ) مثل العراق ان تعمل في هذا الاتجاه لأستشراف المستقبل وسوف يعود ذلك بالفائدة من جانبين على الاقل جانب تقليل الخسارة المادية وجانب مواكبة التغيير والتطور .
مقالات اخرى للكاتب