راح قصي مع أمه لـ بلاد الشام، واتربى عند أهل جوز أمه، لكن بـ مجرد ما كبر، حصل المتوقع، والراجل قال له: إنت مش ابني، بس ما قالوش: "إنت لقيط"، مكنش ينفع يقول له كده، لأن أصله معلوم كـ واحد من سادات مكة، حتى لو ماكانش من الأسرة الحاكمة، لكنه حفيد فهر والنضر وولد عدنان، وفيه روايات بـ تقول إن أهل قضاعة اتخانقوا مع قصي، وأنكروه، وقالوا له: روح شوف أهلك فين؟ بس الروايات دي منطقية، بحسب اللي حصل بعد كده.

المهم، عرف قصي قصته، فـ خد بعضه ورجع بلده مكة، وكـ واحد متربي بره في الحاضرة والحضارة، بالإضافة لـ مكانته العائلية، خد وضعه، ووصل لإنه اتجوز بنت حليل الخزاعي، كبير خزاعة، المسيطر على البيت الحرام، وبالتالي بقى واحد من الأسرة الحاكمة، وده ادى لـ قريش وضع أكبر في مكة.مات حليل، ودي كانت نهاية الدولة الخزاعية، وبداية دولة قريش، لأن قصي سيطر على ملك حماه، وطرد قبيلة خزاعة من مكة كلها. إزاي ده حصل؟

التفاصيل كتير والروايات أكتر، لكن فيه مجموعة نقاط فيه اتفاق عليها بين الروايات:

أولا: الانتقال مكنش سلمي، بمعنى إن قصي ما ورثش حماه وراثة طبيعية، وده بـ ينفي فكرة إن حليل أوصى لـ جوز بنته بـ تولي الأمور في الدولة. قصي حارب الخزاعية حرب مريرة استمرت فترة طويلة، بـ دليل إنها ما انتهتش بـ انتصار عسكري لـ فريق على فريق، وده اللي هـ نشوفه بعد شوية.

ثانيا: قصي استقوى بـ الخارج، وكان أول واحد يعملها، بس مش آخر واحد، ده هـ يبقى منهج، والاستقواء هنا كان بـ إخواته من أمه، وده يؤكد فكرة إن العلاقات مع الشام محتاجة دراسة أكتر، وممكن يدعم فكرة إن رجوع قصي من قضاعة مكنش لـ خناقة حصلت بين قصي وأهل جوز أمه، وإنهم أنكروه وقالوا له: "إنت مش مننا" وكده. لأن لو ده حصل، أكيد العلاقات كانت هـ تتقطع. ده أقل واجب. لكن اللي حصل إنهم ساعدوه في حربه ضد الخزاعية، تفتكر ممكن يكون راجع أصلا علشان كده؟ الله أعلم.

ثالثا: على المستوى الإقليمي، قصي عمل تحالفات قوية، سواء بين بطون قريش جميعا، أو القبائل اللي كان ليها دور في تنظيم عملية الحج، وبالتالي حركة التجارة، وبعد ما استتب إليه الأمر، وزع ديار مكة على القرشيين ووزع تورتة الحج على قبائل سيادية ساعدته، ولو بالحياد، زي آل صفوان وعدوان والنسأة ومرة بن عوف، وأقرهم على ما كانوا عليه من مسؤوليات، وفيه تفسير من التفسيرات لـ كلمة قريش بـ إنها تعني "التجميع" في إشارة للتقريش اللي عمله قصي في العركة دي.

رابعا: الموضوع ما انتهاش بـ انتصار عسكري حاسم، وإنما حصل "تحكيم" بين الجيشين. والحكم كان راجل اسمه يعمر بن عوف، واختيار يعمر شيء غامض بالنسبة لي، لأنه من كنانة (جد النضر وفهر وقصي نفسه)، بس واضح إن خزاعة كانت انهزمت فعليا من الناحية العسكرية، والتحكيم كان تحصيل حاصل، أو لـ لحفظ ماء الوجه، أو لـ ضمان خروج آمن من مكة؛ لأن يعمر حكم بـ إن قصي ياخد كل حاجة، كل حاجة، وخزاعة تسيب مكة وتمشي. وهم قبلوا.

انتهت الأحداث بـ نشوء دولة قريش تحت حكم قصي بن كلاب، اللي أسس مش بس دولة محلية، لكن إقليم كامل توسعت فيه حركة التجارة أضعاف مضاعفة، لكن يفضل سؤال وملاحظة قبل ما نتنقل لملامح دولة قصي وولاده، ودول موضوع الليلة اللي جاية