تقول المصادر المؤرخة لتواريخ الدبلوماسية ونشأتها أن مفردة (سفير) بمعناها الدبلوماسي تعني (الخادم). وهي مفردة دينية من التراث المسيحي لـ(خادم الكنيسة) وقد نقلها الإسبان للتعبير عن البمعوث الدبلوماسي المعروف. فشاعت في الاستعمال العالمي. وفي معجمات العربية: السَّفِيرُ: الرَّسول والمصلح بين القوم، والجمع سُفَراءُ؛ وقد سَفَرَ بينهم يَسْفِرُ سَفْراً وسِفارة وسَفارة: أَصلح. وفي حديث عليّ أَنه قال لعثمان: إِن الناس قد اسْتَسْفَرُوني بينك وبينهم أَي جعلوني سفيراً، وهو الرسول المصلح بين القوم. يقال: سَفَرْتُ بين القوم إِذا سَعَيْتَ بينهم في الإصلاح. كما أن مادة (سفر) تعني الإنكشاف والظهور ومنه سمي السَّفَرُ سَفَراً لأَنه يُسْفِرُ عن وجوه المسافرين وأَخلاقهم فيظهر ما كان خافياً منها ومنه أيضاً سميت السافرة سافرة لأنها تثسفر عن وجهها وتكشفه.
هذه المقدمة اللغوية أجدها أصلح ما يمكن للتعبير عن فعل (الإستتار) و(الإحتجاب) و(التنقب) التي قام بها السفير العراقي في أستراليا أمام مظاهرة الإخوة ثوار رفحاء الكرام. فقد (تنقب) و(تحجب) و(استتر) عنهم، ولم يقم بأي (وساطة إصلاح بينهم وبين الحكومة التي يمثلها)، فلم يعد بعدها (سفيراً)! فلا اللغة الإشتقاقية ولا اللغة والعمل والأعراف الدبلوماسية تنطبق عليه. مما يتطلب من (وزارة الخارجية العراقية) العمل على إستبداله وتغييره. فهذا منصب دبلوماسي (سافرٌ) لا مخدع حريم (محجبٌ)! فجل ما أخشاه أن (يستحلي) عملية (الإستتار) حتى عن (صفوة القوم) في البلد المضيف –إستراليا- من سياسيين ومثقفين وإعلاميين، فنتهم بالتشدد والتطرف الديني بفرضنا (الحجاب والإحتجاب) على (سفرائنا) فـ(تفضحنا منظمات حقوق الإنسان) النشيطة في الإعلام العالمي. خاصة وإنها سابقة في التاريخ الإنساني لم يسبقنا بها أحد في تاريخ العالم فحتى القبائل البدائية لديها (مبعوثين وسفراء) اي والله فكل المؤرخين يذكرون أن الجماعات البشرية الأكثر بدائية عرفت (الوساطة) و(ظعور وسفور المبعوث) للتفاوض وإجراء الصلح وأن ورق البرد في الحضارة الفرعونية والألواح الآشورية في حضارات بلاد النهرين وفي التاريخ الصيني والهندي والاغريقي و الروماني وحتى في إفريقيا السوداء العتيقة. ما سمعنا في ابائنا الأولين بمبعوث أو سفير (مستتر) إلا مع (سفيرنا) في إستراليا! فقد فتق علينا فتقاً لا يُرجى رتقه بعمله هذا. لذا وبكل إحترام وود وحفظاً لـ(هيبة) بلدنا نطالب سفارة جمهورية العراق بالعمل فوراً على تمزيق (الحُجب) وعزل (السفير المستتر) ليعود إلى (مخدع الزوجية) المحمي خلف الأستار في بلده معززاً مكرماً وعلينا صداقه.
ملحوظة: كتبت هذا المقال تهميشاً على حادثة (إستتار السفير العراقي) في إستراليا. بل و(إستتار طاقم السفارة) بأكمله عن (السفور) و(الظهور) لإستلام طلبات ثوار رفحاء في مظاهرةٍ سلمية أنيقة. ولما تدخل البوليس الإسترالي وإستطاع الولوج إلى (المخدع الدبلوماسي) أضطر (أهل الأسرار والإستتار) إلى بعث شخص باكستاني يعمل سائقاً لدى (الأسرة العفيفة) حيث لا يدخل عليهم مخدعهم إلا محرم أو خصي.
علي الساعدي
17-03-2013
مقالات اخرى للكاتب