في الوقت الذي تشهد فيه الاوطان العربية هزات متلاحقة عنيفة ..هزات كان المتوقع منها انجاب يقظة – وان كانت متأخرة – تسهم في اعادة ترميم ماهدمته الحكومات التسلطية طيلة قرن كامل من زمن الانسانية الجديد ،و التي جرت الخراب والدمار لشعوبها واقعدتها عن السير في ركب الانسانية الزاخر بالانجاز الحضاري تلو الانجاز، لكن هذه الهزات لم تستثمر بالشكل المطلوب بل على العكس تماما ،عمقت الجراح ،واشعلت الصراعات ، وسعت الى التجزئة والانقسام بفعل الشراك المحبوكة التي نصبتها ايادي الاستكبار العالمي المتمثل بالولايات المتحدة وحلفائها والتي لم تكتف بالفوضى الخلاقة اسلوبا لمشروع الشرق الاوسط الجديد الذي امتدت تداعياته لتمزيق العالم العربي ككل ،بل صنعت من نفس الجسد العربي حركات هدامة مثل القاعدة وداعش والنصرة ومن لف لفها، تستثمر النصوص الدينية والاحاديث المكذوبة التي تدعو الى القتل والغزو في الازمنة الغابرة مستغلة المراهقين والشباب المتشرد من الطبقات البائسة، واجبها اللعب على الوتر الديني المتطرف الذي يكفر الجميع ويدعو الى ذبح المخالف ومصادرة امواله ،ولا يؤمن برأي اخر ،و يشعل المزيد من الصراعات الطائفية ليعود بالشعوب العربية الى زمن الكهوف بعد ان تكون شعوب العالم قد لفضتها وكرهت التعامل معها، وما يجري في ليبيا واليمن وسوريا ومصر خير شاهد ودليل .لم يسلم العراق من تداعيات تلك الهزات، وحبائل تلك الشراك مع ان تجربته الديمقراطية سليمة، وجاءت عبر قوافل من الشهداء، وانهار من الدماء، لكنها لم ترق للاخوة الاعداء ،ولا لاذناب وعملاء اميركا في المحيط الاقليمي ،فوجهوا بوصلة صنيعتهم ( داعش ) نحو المناطق العراقية الرخوة المترددة من التجربة الجديدة ليعششوا فيها ويعيثوا خرابا ودمارا املا في افشال التجربة الوطنية واعادة العراق الى عصور الدكتاتورية والتخلف،لكن العراقيين وكعادتهم حين ينتفضون بعد صبر الحليم تكون انتفاضتهم كسيل العرم وهاهم جيشا وحشدا شعبيا يكتسحون دواعش العصر وبامكانياتهم الخاصة دو ن مساعدة اساطيل الشر التي لم تضع في حساباتها صولة عراقية بهذا العنفوان .العراقيون النشامى حرروا مدنا بظرف ساعات وطهروا محافظات بظرف ايام مراهنين القادة الاميركان الذين وضعوا جدولا زمنيا لتحرير تلك المحافظات يمتد من ثلاثة اعوام الى ثلاثين عاما !!.
مقالات اخرى للكاتب