عندما تهب العاصفة يشل الخوف البعض، ويهرب البعض، ويسرق البعض ولكن ليس كهذه السرقة التي وصلت الى حد طرد المختلين عقليا من اسرتهم (وكذلك ذوي الاحياجات الخاصة)، ويتحلى بالشجاعة آخرون فيواجهون الموقف بصلابة، وفي النهاية يمضي الشرفاء في طريق الحق، ويظل الانتهازيون مختبئون مترصبون ليحصدوا ما زرع المجدون العاملون . فكيف الحال أذا كان ما حدث أعصارا وهو ما حصل في العراق مع سقوط الصنم . لذا لم نجد خيارا غير أن نشمر عن السواعد، ونحتضن بغداد بقلوبنا التي تخلى عنها المهزوز المرتجف، ومضينا ولم نلتفت لكل من يأتينا وهو يحمل نذر الخطر، فهناك من يقول أن اختفاء صدام خطة وأنه وفدائييه سيهاجمون المركز الاعلامي في أول رد فعل على الأحداث، وذهب البعض الى أبعد من هذا وقالوا سيهجمون عليكم الليلة فأخرجوا من الفندق قبل فوات الآوان، ولم يفت من عضدنا كل ذلك، خاصة وأن شبح صدام ما زال ماثلا ويرتجف من أسمه الكثيرون، الكثيرون، الذين اصبحوا هذه الايام أبطالا، ويتوقعون منا أن نستجدي شجاعتهم الوهمية . لقد كان المواطنين ينقلون لنا اخبار سجن المخابرات في الكاظمية، وألحوا علينا بالذهاب معهم لمشاهدة المفرمة (المثرمة ) البشرية حيث كان السجناء وأكثرهم من أبناء المحافظات الجنوبية يطحنون في هذه المفارم ويلقى لحم أجسادهم الطاهرة في نهر دجلة طعاما للأسماك، كما ذكر لنا بعض الوافدين أنهم سمعوا صراخ وأصوات تطلب النجدة من تحت الارض في معسكر حماد شهاب، على طريق بعقوبة، حيث دأب النظام على تهياة سراديب كسجون عميقة ويربطها بانفاق على مسافات بعيدة، مما يصعب أكتشاف ابواب هذه السجون، وهذا ما حدثني به شاب من أهالي مدينة النجف الاشرف عن أكتشاف سجن في مثل هذه المواصفات آبان الانتفاضة الشعبانية، فيه سجناء أمضوا سنين طويلة، ونسوا حتى أسمائهم، لأنهم كانوا ينادوهم بالارقام وليس بالاسماء، كل هذه العوامل دفعتنا أن نمضي قدما في عملنا الذي لايخلوا من الشوائب، لأننا لا نستطيع أن نرفض تطوع أي شخص لقلتهم في ذلك الوقت أولا، ولعدم معرفتنا بكل الناس ثانيا، مما فرض علينا أن يكون بين صفوفنا النطيحة والمتردية والطامع ضعيف النفس، ورغم أعتراضي على بعض الأشخاص الأ أن الزبيدي كان يقبلهم مما جعلني أفكر بالأنسحاب من اللجنة، ولكن الوضع الصعب الذي كانت به بغداد حتم علي التريث في هذا القرار . أجرى الزبيدي مقابلات عديدة مع محطات تلفزة أجنبية هذا اليوم، كالتلفزيون الايطالي والياباني وغيرها، كانت الاسئلة تدور حول الأوضاع الداخلية، التي يجهلها لبعده عن العراق لسنين طويلة، وكان يطلب مني عدم الأبتعاد عنه والجلوس الى جانبه وتدارك أجوبته وتصحيحها، وكانت اكثر الاسئلة تدور حول طبيعة عمل اللجنة وموقفنا من حزب البعث فكنا نجيب أن من تطلخت أياديه بدماء الشعب ستقرر المحاكم مصيره وفقا للقانون . المهم أننا مضينا في طريقنا وطريق قدر الشعب، وأولينا لجنة العدل اهمية خاصة فوقع الأختيار على نخبة متميزة من القضاة، ورجال الأدعاء العام، حيث ترأس القاضي أحمد الذرب رئاسة اللجنة وضمت أعضاء من ذوي الكفاءة من بينهم : القاضي أبراهيم الهنداوي والقاضي علي حسين السعدي ( متقاعد ) والقاضي مفيد محمد بركات القاضي لطيف جبار والقاضي عبد الرحمن فاضل الطائي........ والقائمة تطول . تكاملت لجنة العدل والقضاء يوم 22/4 وأتخذت من الاعظمية، والكرخ، مقرين لها، وقد اجتمع اعضاء اللجنة وأصدروا بيانا ذكروا فيه ان عمل اللجنة شرعي، لأن الظروف التي يمر بها البلد يوفر مثل هذا الحق لابناء الوطن للتصرف، وعدم الوقوف متفرجين على ما يتعرض له من كوارث، وأن يتعاملوا مع حالة الاحتلال بعمل يدفع المواطنين حول قيادة مؤقته، لحين أنجلاء الموقف كي يستطيع الشعب أعطاء الشرعية لما يتصوره افضل حال .
لقراءة الحلقات السابقة
http://www.aliraqtimes.com/index.html?mod=page&author=492
مقالات اخرى للكاتب