يتفق الجميع على ان المؤسسات الامنية تأتي في المرتبة الاولى من حيث اهميتها وحساسيتها بسبب جسامة المسؤوليات الملقاة على عاتقها في حفظ الامن وتحقيق الاستقرار والدفاع عن حدود البلاد من التهديدات الخارجية وبسبب تلك الاهمية والحساسية فان اختيار موظفي ومنتسبي هذه المؤسسات لا بد وان يكون صعباً ولا يمر بسهولة فهو يعتمد على السيرة الذاتية والبحث والتقصي عن التاريخ والاخلاق والسلوك في المجتمع قبل قبولهم للعمل في هذه المؤسسات الخطيرة ، ويعلم الجميع ان القيادات السياسية الجديدة التي جاءت بعد التغيير في عام 2003 اهملت وتجوزت عملية البحث والتقصي عن سيرة وسلوك المنتسبين عندما شرعت في عملية بناء الجيش والشرطة والاجهزة الامنية العراقية الاخرى وكانت مجازفة ومغامرة اضطرت اليها هذه القيادات نتيجة الحاجة الملحة للبناء السريع والمستعجل لهذه الاجهزة بهدف تهيئتها باسرع ما يمكن للدفاع عن النظام الجديد ومواجهة الارهاب واكمال تشكيل مؤسسات الدولة التي انهارت مع انهيار سلطة صدام وبسبب عدم وجود اجهزة تقوم بمهمة التعرف على اوليات وخلفيات المنتسبين وقد تسبب هذا الاهمال وذلك التجاوز بكل ما تعانية المؤسسات الامنية اليوم من امراض وفشل وفساد ازكم الانوف حيث واجهت هذه المؤسسات في بداية تشكيلها اندفاع ضباط الجيش السابق من السيئين والفاشلين والمتمرسين على الاحتيال والتسلق والتملق والذين كانوا الى وقت قريب يعتاشون على مكارم وعطايا قائدهم المقبور ومن الذين امتلأت سيرتهم الذاتية بالشارات الحزبية وانواط الشجاعة المزعومة وهؤلاء كالمرتزقة جاهزين ومستعدين للعمل مع كل من يدفع ومع الشيطان ما دام هذا الشيطان يحقق لهم ما يريدون من مصالح خاصة وامتيازات مادية ، وتدرك القيادات السياسية الممسكة بزمام الامور هذه الحقائق وتعاملت معهم على اساس ذلك ولكنها تحاول مضطرة وبكل ما اوتيت من قدرة على التستر والتعتيم ان تزين الصورة القبيحة لهؤلاء القادة الامنيين العاملين في هذه المؤسسات والتغاضي عن انعدام حسهم الوطني وفسادهم وفشلهم الذريع في تحقيق الامن والذي اضحى حكاية القاصي والداني ، ويُخطأ من يتصور ان البعثيين الذين تمرسوا على التضليل والازدواجية والاحتيال على مدى عقود يمكن ان يتحولوا الى بشر اسـوياء وناس طيبين بين عشية وضحاها في ظل حكومة ضعيفة مشغولة بمواجهة الارهاب والمؤامرات الداخلية والخارجية ومهتمة بتغطية فشلها في تقديم الخدمات وفي ظل ظروف غير مستقرة ومضطربة تساعدهم على الغش والفساد والتامر دون حسبب او رقيب ، ويتوهم من يعتقد ان الاغداق على هؤلاء واعطائهم اكثر مما يستحقون كفيل بتخليصم من امراضهم النفسية المستعصية وكفيل بتغيير سلوكهم المشين .
مقالات اخرى للكاتب