ترددت كثيرا في كتابة هذا المقال ، واجلته أكثر من مرة ، خوفا من أن يتهمني أحدهم بأنني ( بطران ) أو أنني من الذين يبحثون عن ( حب الركي ).
لكنها قضية اجتماعية تربوية أخلاقية تحتم علينا التطرق اليها بدون زعل أو خجل ، وهي بنظري أهم من مقالات السياسة التي لم تعد تجدِ أي نفع .
فالمثل البغدادي يقول ( اكل ما يعجبك ، وألبس ما يعجب الناس ) ذلك لأن نوعية المأكل تؤثر على الذي يتناوله فقط دون أن يؤثر على غيره ، فمثلا أنك لو تناولت ( ماعون باجه ) عند الحاتي فهذا لن يؤثر أبدا على الخطط الحكومية في محاربة الفساد الاداري والمالي المستشري في كل دوائر الدولة.
كذلك تناولك ( كاهي وقيمر الكسرة ) لن يثني تركيا عن سحب قواتها المتواجدة في بعشيقة منذ أمد بعيد ، حتى لو أبدلت ماعون الكاهي بماعون باقلاء بالدهن الحر .
أما الشطر الثاني من المثل الشعبي ، وهو بيت القصيد : (ألبس ما يعجب الناس ) فهذا الامر يستوجب التوقف عنده ، لأنه يبين لك وجوب مراعاة العادات والتقاليد و الذوق العام للمجتمع الذي أنت فيه قبل أن تقرر ماذا تلبس .
فالخروج مثلا بالبيجاما ( خاصة اذا كانت مقلمة ) يعتبرعيبا ، لان البيجاما من ملابس النوم فكيف بالذي يتسوق من الاسواق الشعبية بالبيجاما كانه حمارا وحشيا يتقافز بين القصاب وفرن الصمون.
ستقول الدشداشة أيضا من ملابس النوم ، أقول لا ، فالدشداشة متعارف عليها من الازياء العربية الاصيلة التي يمكن أرتدائها في كل وقت ومكان بشرط نظافتها و أناقتها ، ويستثنى من ذلك ( الجلبية والمغربية ) التي غزت أسواقنا وتسببت في أظهار ( زنود الرجال ) التي باتت تنافس ( زنود الست) الشهيرة في راس الحواش .
ولو بقي الامر على البيجاما فنحمد الله ونشكره ، لكن الموضه الجديدة التي غزت شوارعنا وأسواقنا بل وحتى دوائرنا أرتداء الرجال والشباب والاطفال لما يسمى ( التراكسوت ) و ( البرمودا) !
فهذان الزيان الغريبان على مجتمعنا أصبحا جزءا من ثقافة شارعنا العراقي ويستحيل أن تدخل أي دائرة رسمية ألا و وجدتهما أمامك ، فهما يصلحان للنوم والاستيقاظ والدوام و التنزه وفي حفلات الزفاف وفي صلاة الجمعة وفي الزيارات وفي كل المحافل الاخرى الرسمية والشعبية.
وأستغرب من عدم مبادرة دوائرنا منع دخول المراجعين اليها بالتراكسوت والبرمودا؟
أما أولئك الذين يرتدون ( التي شيرت ) مع ( البنطلون الكلاسك المنزوع ) فحدث ولا حرج ، فالبنطلون المنزوع عبارة عن بنطلون ضيق جدا ملتصق على جسد الشاب ميزته أن طول السرج لا يتجاوز عشرة سنتيمتر فقط لا يكاد يغطي الا جزءا ضئيلا من مؤخرته ، وأن أيحركة غير أعتيادية من هذا الشاب ستكشف للناس ما لم يغطه البنطلون!
المأساة لم تنته بعد ....
فمحلات تصليح السيارات أضحت والحمد لله منتشرة في كل بيت وحارة وشارع ، ولا بد لك من أن تمر من بينهم فترى العجب العجاب ، أنواع البطون والظهور والسيقان ، وملابس داخلية بمختلف الاشكال والالوان ، وذاك الذي تمدد تحت السيارة لفحص وتبديل ( طوبات السيارة ) و قد نسي أن ( طوباته ) مكشوفه للعيان .
العراقيون أصحاب حضارة وثقافة وذوق رفيع في كل مناحي الحياة ، وأصحاب غيرة وشرف ، والعراقي يستحي من خياله ، هكذا نشأنا وهكذا تربينا ، وتعلمنا من آبائنا كيف نربي أولادنا على المسموح والممنوع ، وينبغي أن ننتبه جميعا لذلك جيدا لان مثل هذه المناظر المقززة تؤذي الذوق العام وتخدش الحياء ، ومجتمعنا لا زال والحمد لله مجتمعا محافظا ملتزما بدينه و تقاليده وأعرافه وقيمه الاخلاقية.
أقترح على كل الفيترجيه والتنكجيه والبنجرجيه في بلدي الحبيب أن يستخدموا الاحزمة لشد بناطيلهم قبل أن تتحول كراجاتهم الى جزر للعراة !!!
حسبي الله ونعم الوكيل ....
مقالات اخرى للكاتب