لعل مسألة السيارات التي تُفخخ وتُفجر أصبحت مثل جثة متروكة في العراء صارت رائحتها النتنة تزكم أنوف الناس بدون أن يلتفت أحداً ليدفنها وينقذ العالم من شرورها ورائحتها وما تولده من أمراض مختلفة ، هذا هو حال السيارات المفخخة التي يتفننون بها لحصد أرواح الناس فلابد من طرح السؤال أعلاه رحمة بالمواطنين، وهو سؤال مهم يجب إن يجيب عليه رئيس الوزراء باعتباره القائد العام للقوات المسلحة أو وزارة الداخلية العراقية ومديرية شرطة المرورـــ من أين تأتي السيارات المفخخة وبهذه الكثرة؟ ونقصد مصدرها وليس من المجرمين الذي يعتبروها واسطة لقتل المواطنين، وهذا السؤال ممكن أن يكون على شكل مربع أو أغنية شعبية ولا مانع عندنا إذا ما بادر شاعر شعبي بتأليفها ومن ثم توزيعها موسيقياً نراهن أنها ستكون أغنية الموسم والمواسم القادمة..
السؤال ليس بالجديد لكن تَجَدّد بسبب التكرار والكم التصاعدي من التفجيرات وأعداد الضحايا ، وبخاصة عندما أعلن حسبما أشارت المصادر الرسمية عن كمية السيارات التي فُجرت خلال الأيام العشرة الأخيرة من مايو / أيار/ 2013 نحو خمسين سيارة أودت بحياة المئات من المواطنين والبعض من منتسبي القوات المسلحة، خمسون سيارة خلال العشرة الأولى من شهر واحد ولن نتطرق إلى ما قبلها أو ما بعدها، فنحن نسمع يومياً ليس في العاصمة فحسب بل البصرة والنجف وبابل والناصرية ونينوى وصلاح الدين والكوت والمحمودية والعزيزية والمدائن وبامكاننا ذكر الكثير لتصبح الكمية مئات السيارات والدراجات والعبوات الناسفة واغتيال وقتل المواطنين، وليتصور المرء الحقيقة التي ذكرناها وما حدث يوم الأحد المصادف 16 / 6 / 2013 كيف حمل عشرات القتلى والمصابين بتفجير سبع سيارات " لا غير!!"وقدرت الخسائر البشرية حوالي ( 56) قتيلاً وأكثر من ( 128 ) جريحاً في مناطق مختلفة وخص البعض من التفجيرات والضحايا الأبرياء في الوسط والجنوب، فهل هؤلاء المواطنين خراف جاهزة للتفجير؟ وكيف تكون الإجابة لعائلاتهم؟ وهل يكفي أن تقولوا لهم هم ضحايا التفجيرات الإجرامية؟ عما ذكرته المصادر الأمنية وكذلك الطبية بخصوص التفجيرات في يوم الأحد ، مع كل هذا الكم الهائل من تفجير السيارات مازال التفجير مستمراً ومازلنا نقول عشر سنوات ومديرية شرطة المرور والأجهزة الأمنية لا تعرف من أين تأتي السيارات المفخخة أو الجاهزة أو المرشحة للتفخيخ، عشر سنوات ولا نعرف بالضبط كيف تتعامل مديرية شرطة المرور مع تسجيل السيارات بشكل قانوني، وهل لديها على الأقل يا أيها الأعزاء المسؤولين معرفة بعدد السيارات في بغداد أما المحافظات الأخرى فذلك يحتاج إلى عدة أسئلة، فكلما تصاعدت التفجيرات والعبوات الناسفة تقوم السلطات العراقية باتخاذ إجراءات تقول عنها متشددة بالضد من السيارات التي تحمل لوحات مؤقتة وحسبما تقول السلطات : من أجل معرفة المالكين لكن المشكلة أن هذه الإجراءات البطيئة وغير الدقيقة لا تعفي كون أن هذه السيارات التي هربت إلى البلاد من مختلف البلدان بما فيها الأوربية وما زالت تهرب بطرق غير قانونية ولا تسجيل لها في السجلات الرسمية أو الحدودية، ومسألة الأرقام المؤقتة ممكن مثلما هي أي قضية أو معاملة يتم تزويرها، ثم على ذكر الدول الأوربية فقد سارع البعض من ذوي الضمائر الميتة وهم اليوم ملتحون وقاموا بفتح الحسينيات والمساجد في شراء سيارات قديمة وقسم منها كانت في " السكراب " وصلحت ثم حملت إلى البلاد بعد احتلالها وبيعت بأسعار ربحية وتبين بعد ذلك أن الكثير منها استعمل للتفجيرات أو قضايا أخرى، فهل انتهت التفجيرات والسيارات المفخخة عند الخمسين سيارة ؟ أم أن المسلسل التلفزيوني الذي لا نهاية له مازال مستمراً؟ وإلى متى تبقى السيارات غير المعروفة وذات الأرقام المؤقتة تجوب شوارع العاصمة وباقي المحافظات وهي ليست مسجلة ولا يُعرف أصحابها؟ ولماذا لا يصدر تعميم واضح من قبل السلطات ومديرية المرور بالذات في مصادرة أية سيارة غير قانونية أو التي لا يلتزم مالكيها بقوانين التسجيل المروري وتقديمهم للقضاء لينالوا العقاب القانوني ؟ وهل سنبقى نعيش على العشوائيات بعد مرور عشر سنوات على السقوط والاحتلال؟ ألم يحين الوقت لضبط الشوارع ولسد الطريق على من يريد التفجير أو التخريب؟
أسئلة كثيرة بحاجة ليس إلى أجوبة غير شافية بل عمل سريع ومنظم لكي يفهم المواطن أين يضع أقدامه، ولكي تعرف الحكومة وأجهزتها ومؤسساتها أن معاناة المواطنين الذين يُنكبون بحياتهم وعائلاتهم وأملاكهم لا يمكن أن توصف أو تعوض ببضع دنانير! لأنهم يشعرون ليس بعدم توفير الأمان والاستقرار فحسب بل يتماهى وأدوات القتل الإجرامية بشكل واسع ومستمر إذا استمر الحال على الطريقة المتبعة، إن قضية السيارات وهذه الكثرة من التفجيرات أصبحت هاجساً يومياً ،ولأن المواطن وهو يسير في أي شارع أو منطقة أو أية أسواق يحسب لكل شاردة وواردة حساب التفجير، سيارة أن كانت أو دراجة أو عبوة ناسفة أو أي أداة للقتل وهو أمر أصبح يومياً لا يطاق ومحير مثلما هو الوضع الأمني المحير والذي يعيث فساداً وتدميراً بحياة المواطنين، ملايين المواطنين يؤكدون لابد من إيجاد حلول صحيحة لهذه القضية ومعرفة الأسباب التي تكمن خلف هذه الامبالاة والإهمال أو هناك مخطط لاستمرارها من اجل مصالح ضيقة أو علاقات متداخلة بغرض إبقاء الوضع الأمني المضطرب والمتدهور على حاله لكي يتم تنفيذ المخطط الإجرامي باستمرار استخدام السيارات المفخخة التي يظهر للناس وكأنها لا يمكن التخلص منها ، إن من يريد معالجة أية قضية يجب عليه معرفة أسبابها لكي يضع المخطط الناجح في إيجاد حلول تعالج جذورها، ونستطيع القول أن ذلك هو الطريق الذي يؤدي لحل أية مشكلة تواجه البلاد، أما الحديث عن المعالجات الفوقية والترقيعية فلن يجدي نفعاً ولا يمكن الاستفادة منه لأنه يبقى حديثاً دون الفعل، ولهذا نجد من الضروري معرفة كيف يجري تجهيز الإرهاب وغيرهم من الذين يزكون تأجيج الحرب الطائفية بالسيارات التي تعد مادة أساسية في التفجيرات الجارية على قدم وساق في العراق لأنها الوسيلة الأكثر اتساعاً والأكثر بشاعة في قتل المواطنين وإصابتهم بالجملة إضافة إلى ما تحدثه من تدمير واسع النطاق لأنها أصبحت أداةً أولية في أي عمل إرهابي يسلب المواطنين أرواحهم .
هل تعي المؤسسات الأمنية ذلك؟ وهل تدرك وزارة الداخلية ومديرية شرطة المرور المعنى من ضبط مصادر التمويل ومصادر إرسال السيارات؟ أن الانكى من كل ذلك استمرار المسلسل وكأن شيئاً لم يحدث وان الضحايا عبارة عن دمى يلهون بها كما يلهو الأطفال بالدمى، إنها حالة من التراجيديا لكن المضحكة أليس كذلك؟!
مقالات اخرى للكاتب