المكاسب الاخيرة لم تكن وليدة الصدفة ومنها الانتصارات التي حصلت بدماء ابناء العراق الغيارى في تحرير الفلوجة والتي تستدعي اليقظة والحذر من العوامل المؤثرة في سقوط هذه المدينة والمدن الاخرى ولكشف مثيري الحقد الطائفي والجريمة التي زرعت الخوف والرعب في قلوب ابنائها وباعوهم بثمن بخس والذين تلطخت ايديهم بدماء ابناء شعبنا من كل طوائفه والتي عادت من جديد محاولة الانتقام و خلط الأوراق وبثُ الفرقة وزعزعة الامن بين افراده واقسمت على ان تخلق النزاعات والفتنة الطائفية بين اقلياته و دياناته ومذاهبه المتعددة المتأخية والتي فشلت في بث سمومها بينهم مدى التاريخ و خلال القرون الماضية .
الوضع السياسي الراهن يحتاج الى تكثيف الحوارات واللقاءات بين الأطراف السياسية الشريفة لمواجهة المحن والتحديات التي تواجهها الساحة العراقية ويستدعي اهمية تكاتف جميع الأطراف لتجاوز الازمات الحالية والقادمة وعلى ضرورة اتخاذ الخطوات العملية لعبور المشاكل السياسية واتباع سبل الحوارات البناءة في تخطي العقبات التي تعاني منها المرحلة بالابتعاد عن الاعتبارات الضيقة. وعلى الاحزاب والقوى السياسية أن تنسجم وتعمل بروح وطنية وأن تضع مصلحة المواطن معيارا حقيقيا وقيمة عليا، والتي يفتقر البعض لها و الى أبسط القيم الأيديولوجية الوطنية وغياب مقومات بناءها الصحيح لكونها أسست كمشاريع مضاد أو مشاريع طائفية استقطبت وافدين من الشارع السياسي الغير ناضج بدلا من المدارس السياسية وكذلك الانقسامات التي تعصف بتلك المكونات السياسية التي تمثل أجندات خارجية تتحرك تبعا للحراك الاقليمي والدولي . في الوقت الذي تبدي تلك القوى عجزها عن كبح جماح التدخلات الخارجية، بل نرى البعض يدعوا لها اويجعل لإتفاقاتهم السياسية وحل نزاعاتهم شروط مكفولة ومرهونة لدى المحيط الاقليمي والدولي بسبب فقدان الثقة وأزمة الضمير.
و من المؤسف مايقوم به البعض من هذه القوى من تهريج وتصخيب وتهويل في وسائل الاعلام الغاية منها تغفيل ابناء شعبنا ونقل صور مشوهة للحقيقة للمنظمات الدولية وخاصةً في الفترة التي سبقت تحرير الفلوجة بؤرة الفساد والارهاب وتخليص ابناءه الشرفاء من هذه الشرذمة البعيدة عن الانسانية والأشادة الدولية بالجهود الحثيثة التي بذلتها الحكومة العراقية والقوات العسكرية والأجهزة الأمنية والحشود الشعبية المقدسة والبيشمركة الابطال في تحرير هذه المدينة والمدن الاخرى التي ظُلمت من جهتين اولاً داعش والثانية خيانت سياسيها وتطهيرها من تنظيمات الارهابية .
والهدف الرئيسي لمثل هذه التصرفات هي لاشغال القوات العسكرية والامنية عن الامور المكلفة بها وتتطلبها المرحلة للقيام بها . هذه الشخوص العديد من الوجوه الكالحة التي طردتها الجماهير ولاتمثل فيها اي طموحات واقعية للمجتمع لوجود معطيات هشة لديهم لاتملك النضج السياسي ولا الادبي ولا تحمل اي مشروع للبناء والتنمية ولاتعرف إلا الفوضى والاضطراب المستمر واعادة عقارب الساعة الى الوراء وليس فيهم من له علاقة بالوطن وبالدين ابداً انما يمثلون اجندات سخرتهم للوصول الى تطلعاتهم الرخيصة وتخلق الاجواء الطائفية بين حين واخر وتخندقت خلفها هؤلاء الساسة لانهم لايتمتعون بالحد الادنى من البرغماتية الوطنية ولا يهمهم مصالح ابناء مناطقهم، بقدر ما يدغدغ مشاعرهم وعواطفهم إرضاء زعماء ورؤساء المحيط الاقليمي والمحيط العربي مثل السعودية وقطر وتركية . وقد تناسوا بأن تلك الدول بدون أستثناء هي من وضعت العصا بعجلة العملية السياسية من خلا دعمهم المستمر للمجموعات الارهابية ومخطط لها من قبل الصهيونية العالمية ، وما أكثر المبررين لتلك الحركات خارج أطار الوطن .
وهي حقيقة تستهدف العراقيين بجميع فئاتهم وطوائفهم ومكوناتهم . ولايمكن ان تجد ذرة من الخلق الاسلامية او الانسانية التي يدعي البعض منهم والقريبة من الحيونة لديهم وهي وليدة الاشكالات الشرعية والانحرافات الخلقية التي تحملها لعدم بناءها وفق منهجية صحيحة لذلك تجد الكثير من المفاسد الفكرية المنحرفة تحت اغطيتهم واهدافهم اصبحت واضحة كوضوح الشمس . ويجب طرد هؤلاء من العملية السياسية وهذا يتحقق فيما اذا كانت هناك نوايا صادقة وجهود تبذل في سبيل الوصول اليه وتحتاج الى بيئة مناسبة من اجل توفيرالملاذ والمسير الصحيح والهدف المنشود لتحقيقه .
للوصول الى تلك الغاية علينا البدء في وضع اللبنة الاولى لمشروع منسجم مع الواقع الحالي يُعبر عن تراث العراق العريق وتاريخه المجيد, ويحقق تطلعات الشعب العراقي . يمكن للإصلاحات أن تنشأ عن التغيّرات في ميزان القوى داخل قيادات الأحزاب أكثر من نشوئها عن الآليات الديمقراطية مثل التغييرات التشريعية او تحديث قواعد الانتخابات و يمكن أن يحدث تجديد في القيادة بشكل تدريجي مع مناورة الأحزاب السياسية في محاولتها للبقاء وتجنب ضغوط الشارع ، أو عن طريق التدخلات السياسية من قبل بعض الدول الطامعة بخيرات البلد ، التي يمكن أن تفضل بعض الشخصيات وتنزع إلى إضعاف شخصيات أخرى .وكذلك الحد من تصرفات بعض الدخلاء على العملية السياسية وجهال السياسة. وتكون الحرية الشخصية مصونة لجميع دون التعرض للاخرين والتضيق على ما منحه للغير وكرامة الانسان مصونة , كما ان التعبير عن الراي حق شرعي كفله القانون ودافع عنة الدستور إلا ان يجب ان تكون المطالب وفق الصياغات القانونية دون إثارة الشارع المحتقن اصلاً و الظروف الامنية الشائكة التي تستوجب الحيطة والحذرعند التصرف لان المتربصين يتأبطون شراً بألشعب العراق دون استثاء.
الملاحظ في بنيان العملية السياسية متعثرة وراكدة بسبب البيت العنكبوتي الذي اسس عليه من المحاصصة المذهبية والاثنية وفوضى الثغرات ونواقص في الدستور التي تعيق العمل ولا تفي بألغرض المطلوب من اجل استكمال بناء الدولة والعملية السياسية وعزائنا ان يبقى سبباً في بناء اساس للديمقراطية الهشة وسيبقى الحال هكذا الى ان يتطور الحراك والاتجاهات وهو مرهون بالجهد والوقت ولعل اختيار الوجوه الجديدة التي تمثل باكورة لثقل القوى الجديدة المؤمنة بمسار الدولة العصرية وانحسار نفوذ القوى الفاشلة هو شاطئ الامان الذي يرنو اليه البلد . كي تساعد على انتشال العملية السياسية من مأزقها العميق والارتقاء بها او بالأحرى تهيأتها لمرحلة قادمة رغم كوننا غير مقتنعين ان تكون اكثر صلابةً مما نحو فيه الأن لفقدان عوامل الرجاء في البعض من السياسيين والبرلمانيين المنتفعيين مع الاسف الشديد . وفي أجواء كهذه وانعكاساتها المباشرة على الناس، وتعمق مظاهر الأزمة العامة في البلد بجوانبها المتعددة وسوء الأوضاع السياسية والامنية . حيث إن الأحزاب السياسية في ادارة مؤسسات الدولة أصبحت معتمدة على بعضها البعض وتساعد بعضها البعض من أجل البقاء .لا نتوقع من ان يكون البعض في مستوى المسؤولية ولا نتأمل في المرحلة التي نعيشها الان والقادمة كي يكون القشة التي تنجي الغريق من طوفان الارادات البائسة .
مقالات اخرى للكاتب