لا يختلف إثنان, من متابعي الشأن العراقي, والسابرين أغواره, إن التشكيلات السابقة للحكومة العراقية, كانت الى حد كبير, ثمثل توافق دولي, في مسألة اختيار وتنصيب ادارة البلد.
وكان الدور الابرز في الحكومات السابقة, هو للقطب الاقليمي إيران, والقطب الدولي أمريكا, إضافة الى تجاذبات أخرى ضاغطة داخليا, بعضها ذات اجندات طائفية, وبعضها ذات أجندات مصلحية.
وبعد الإنتخابات الأخيرة, شهد العراق تحديات كبيرة, وجديدة, اهمها التحدي الامني, بتمكن داعش من احتلال اجزاء كبيرة من العراق, وكذلك الشد الحاصل, بين المركز والاقليم بالإضافة الى تشبث السيد المالكي بالسلطة, لولاية ثالثة.
برز الضغط الداخلي, والاقليمي, والدولي على أشده, ففي حين طالبت المرجعية الدينية في النجف بالتغيير, وعدم التشبث بالسلطة, كانت الدول الاقليمية, والدولية, تعمل وبوتيرة مكثفة, في رسم شكل الحكومة القادمة.
وتمثل الزخم الدولي, بزيارات كثيرة ومتقاربة المدة, من قبل المسؤولين في تلك الدول كالسيد سليماني, وشمخاني, وجون كيري وجو بايدن, وغيرهم كثير.
وخلال كل هذه الاحداث, كان التحالف الوطني –وهو المعني بتشكيل الحكومة- كان منشغلا بنقاشات واجتماعات مكثفة, لترشيح شخصية ذات مقبولية وطنية, واقليمية, ودولية, وحسب توجيهات المرجعية.
بعد تسمية رئيس البرلمان, ورئيس الجمهورية, إزداد الضغط على التحالف الوطني, فالمدة الدستورية المعطاة لرئيس الجمهورية, والبالغة خمسة عشر يوم, بدأت بالنفاذ, ولازال السيد المالكي, والاطراف الداعمة له متشبثين بالسلطة, وكانت الخشية ان يستغل السيد المالكي, نفوذه في الاجهزة الامنية, لتثبيت بقاءه لولاية ثالثة بالقوة, من جهتها كانت الجهات المناوئة للمالكي, كالسنة والاكراد, تضغط بشكل كبير لتغيير الواقع السياسي في العراق بطرق شتى, منها ما كان ظاهرا للعلن, ومنها ما كان خلف الابواب الموصدة, محاولة كسب الدعم الدولي لها, مقابل الجبهة الشيعية إن صح التعبير.
هنا ومع حراجة الموقف, وامام تحديات البقاء للأغلبية في العراق, وأعني هنا الشيعة, صار لزاما البحث عن مخرج, وازداد الضغط على التحالف الوطني, الممثل لتلك الاغلبية, وصار التحالف أمام خيارين, فأما التضحية بحق الاغلبية, من خلال ترشيح المالكي, او التضحية بالشخص, مقابل حفظ المكتسبات, وكل هذا كان يدور, في وقت كانت فيه المرجعية, تضغط بشكل كبير على التحالف, من خلال خطب الجمعة في كربلاء, للتغيير وعدم التشبث بالمنصب.
هنا اتخذ التحالف الوطني, خطوته الشجاعة, والجريئة, وفي اخر ساعة من المهلة الدستورية, ليعلن اسم مرشحة لرئاسة الحكومة, وليفاجئ العالم أجمع, بترشيح السيد العبادي, فالعبادي لم يكن بحسابات اي طرف, وان اسمه لم يكن على طاولة النقاش, اذ كانت الاسماء المتداولة, هي طارق نجم والشهرستاني وعبد المهدي والجلبي.
نعم لقد كان القرار الذي اتخذه التحالف قرارا وطنيا خالصا, وكان صقور التحالف على مستوى المسؤولية, في الحفاظ على أحقية الاغلبية بتشكيل الحكومة, من خلال التغيير السلمي, دونما سلاح او تشتت, لقد كانت الارادة العراقية حاضرة في قرار التحالف, والذي نتمنى ان يبقى بهذا النفس, في قادم الايام.
مقالات اخرى للكاتب