Editor in Chief: Ismael  Alwaely

Editorial secretary: Samer  Al-Saedi

Journalist: Makram   Salih

Journalist: Saif  Alwaely

Journalist: Ibnyan   Azeezalqassab

Editor: Aboalhassan   Alwaely

Reporter: Abdulhameed   Alismaeel

مقالات وأبحاث
الاثنين, أيار 1, 2023
الثلاثاء, نيسان 25, 2023
الأربعاء, نيسان 19, 2023
السبت, نيسان 15, 2023
الجمعة, نيسان 1, 2022
الأحد, آذار 13, 2022
الأربعاء, شباط 16, 2022
الثلاثاء, شباط 15, 2022
السبت, حزيران 3, 2017
السبت, أيار 20, 2017
السبت, أيار 13, 2017
الجمعة, أيار 12, 2017
الاثنين, أيار 1, 2017
1
2
3
4
5
6
   
الشيطان يحـكم
الاثنين, آب 18, 2014
فوزي صادق
  بالمرحلة الثانوية ، تغيبت يوما عن المدرسة ، فغادرت البيت مبكراً وأنانأناأن مستاء ، بسبب خلاف وقع مع زميل بالصف ، كان سبب غيابي هو الذهاب إلى المستشفى والتبرع بالدم من أجل رخصة القيادة المؤقـتة ، وبينما كنت ممداً على السرير الأحدب ، زارني شعور من الخوف ، فقد كانت الأولى وسأرى دمي ينساب أمامي ! كان رأسي مائلاً نحو الأسفل وقدماي للأعلى ، أما يدي فكانت أسيرة لدى الممرض ، فأخذت جولة بعينيّ في الغرفة الكبيرة ، وإذا بزاويتها هيكل عظمي كبير ! فقد أصابتني رعشة وهول من منظره.
كان الهيكل بمقاس الرجل الطبيعي، وكان متدلياً شنقاً برباط من القماش ، لأن القاعدة التي كان واقفاً عليها بدت مكسورة ، فاجتاحني شعور خاص تجاهه ، فهو الأن لا يمتلك أي شيء سوى الحبل الملتف حول عنقه ، أحسست بضعفه ، وانكسار شخصيته أمام الجميع ، ربما هي هلوسة بي من أبره التبرع ، لكن سأخبر بما عشته ، فلقد أحسست إنه يشتكي لي منذ النظرة الأولى ، لكنه عاجز عن الإفصاح والكلام ، أمضيت دقائق وأنا أحدق فيه وهو يبادلني نفس الشعور ، فسألت الممرض العربي بالغرفة إستعباطاً كما يقال : هل هذا الهيكل حقيقي أم اصطناعي ؟ فأجاب اصطناعي بالتأكيد، فقلت وهل هناك فرق يجعلك تقول بالتأكيد ، فقال : نعم ، أنظر بالأسفل ، تجد الماركة وأسم الدولة المصنعة ، فعاودت الكلام : لقد قرأت ان بعض مستشفيات الدول الفقيرة تستعمل هياكل حقيقية لأنها أرخص ، فلم يجبني وأنصرف .

بعد وهلة حضر أخصائي آخر ، فسألته نفس السؤال ، فقاطعني بطريقة حادة وصلفة وبدون رضا : وماذا يهمك في الموضوع ! هل أنت باحث في علم الإنسان؟ فأجبته بلا ، لكن أنا باحث هاوي في تاريخ وجغرافية الإنسان ، فقال لي ما الفرق ، أنت بتهزر ! " بلهجته " ، فقلت : أنا أتكلم بجد : أنت تعلم بما يجري بداخل الإنسان ، وأنا أحاول أن أعلم بما جرى خارج الإنسان ، فقال لي وبصوت منخفض وبلهجته : أسمع ! بقولك حاجة بس توعدني ما تقولش لحد ، الهيكل ده اللي واقف أصادك ، إنسان حقيقي جايبنو من نيبال ، بس هو مختوم بختم دولة غير وأنو مش طبيعي ، وإحنا بنقول للناس المزعجين زي حضرتك إنو صناعي ، فهمت دي الوقـتي .

الدم ما زال يخرج من جسمي نحو الكيس الأحمر ، جلست أفكر وأنظر للهيكل الذي أمامي ، ودموعي واقفة تريد التحرر من بين جفني ، فكلمت نفسي : هل تصدق إن هذا الهيكل الذي أمامك كان يوماً يهز الأرض في مشيه ، فربما كان قاتلاً ومتعطشاً للدماء ، أو مزارعاً كان يحتسي الشاي مع أولاده ، أو ربما سفاحاً ظلم القاصي والداني ، أو لاعب كرة ، أو صياد ، أو عاشق يتلو الشعر ، أو مدير مدرسة أو أميرة قبيلة وعزيز قوم ، والكثير من الأمور التي تخيلتها ، والآن هو واقف أمامي لا حول له ولا قوة ، كالصنم دون حراك ،لا يفقه ما أقول له ، ولا يدافع عن نفسه .. لكن ما الفرق بيني وبينه ؟ أنا فقط مكسو بلحم وجلد! إذا لماذا أخطأت على زميلي بالمدرسة من أجل سبب تافه ؟

نحن تائهون بهذه الحياة دون أخذ وقفة نفكر بها من نحن ، وأين نحن ، وماذا نريد ؟ إن بنا غرور وغطرسة ، ومتسلحين بهذا الجسم الرخيص الهزيل ، إنها مجموعة من العظام البالية ، والمغطاة باللحم الذي تخترقه النملة والبعوضة ؟ لماذا نبطش ونقـتل ونشرد غيرنا من البشر الذين لا نعترف بوجودهم معنا شركاء على الأرض ، لماذا أظلم وأغضب الله والبشر ، لماذا أسرق ، لماذا أرتكب المعاصي الدنيئة ؟ لماذا أتحول إلى وحش أحقر من الحيوان ؟ ولماذا أكون حقيراً ووضيعا ، فكلنا هياكل عظمية ، وسنصبح يوماً كهذا الواقف أمامي ، أو ربما هو أكثر حظاً منا ، فبعض الظالمين لم يمتلكوا حتى القبر، أو حتى حفنة من العظام البالية ، وقد رمتهم أعمالهم الشيطانية العفنة بمزبلة التاريخ ، وبالنهاية سنوضع في لحد من تراب يجعلنا كلنا متساوون ! وستنخر اللعازة عيوننا الجميلة ولحمنا وعظامنا .. إذا !! الذي يميزني عن باقي البشر، هو عملي وبصماتي وآثري ، وهذا يعتمد على عقلي وأخلاقي وثقافتي .   أثناء خروجي ترجلت أمام صديقي الهيكل ، فمددت يدي أسلم عليه ، استسلاما مني واعترافا بضعـفي ، فلمحت ثقباً كبيراً في كفه اليمنى وأنا أتفحصه ، فسألت الممرض ، فأجاب : طبيعي أن تجد ثقباً بكفه ، أو شرخاً بجمجمته ، لأنه بقايا حروب وصراعات غبية ، وغالباً عدم تفكيره وجهله هو سبب وجوده هنا ، بحروب لا ناقة له بها ولا جمل ، فهو هو من دفع الثمن غالياً .. فاتخذت الصمت أجابه ، وسالت الدمعة ، وغادرت المكان ، وأعلنت يومها أني متصالح مع الله أنه ربي الخالق الرازق وأنا العبد ، وتصالحت مع نفسي ، أني أعرف ما أريد ، وتصالحت مع من حولي ، أني لا أقصي أحداً، وأعترف وأحترم بمن يختلف معي فكراً ولوناً وعقيدة ، ثم توجهت إلي صديقي كي أعيد المياه إلي مجاريها .  
مقالات اخرى للكاتب

 
أضف تعليق
نطلب من زوارنا اظهار الاحترام, والتقيد بالأدب العام والحس السليم في كتابة التعليقات, بعيداً عن التشدد والطائفية, علماً ان تعليقات الزوار ستخضع للتدقيق قبل نشرها, كما نحيطكم علماً بأننا نمتلك كامل الصلاحية لحذف اي تعليق غير لائق.
الاسم :

عنوان التعليق :

البريد الالكتروني :

نص التعليق :

1500 حرف المتبقية
أدخل الرقم من الصورة . اذا لم تستطع القراءة , تستطيع أن تحدث الصورة.
Page Generation: 0.4686
Total : 101