تحتفظ ادراج وزارتي الداخلية والعدل، بملفات تقطر دما، كان قبل لحظات من انفجار عبوة، يتدفق حياةً، في عروق يسري داخلها الامل... وفجأة انفجرت سيارة مفخخة، مرت على كل السيطرات، التي تزكم شوارع بغداد بزحامات تؤذي المواطن الشريف وتسر المخربين.
باتت بغدادغابة ثعابين تمتد على ارضها العقارب كالثيل الاخضر، بساط موت فظيع؛ جراء الزحامات والقلق الممض الذي يشغل بال المواطن، باحتمال انفجار مفخخة لا عاصم له منها، في اجهزة سونار اريد بها كشف المفخخات، فكشفت تواطئ رجال من المناصب العليا في وزارتي الداخلية و(العلوم والتكنلوجيا) ومكتب رئيس الوزراء، مع الارهاب.. اما طمعا بمال يدره عليها السكوت عن الحق، او حقدا على العملية السياسية؛ قصد تخريبها من الداخل، او كلا الاحتمالين معا، ولا تفسير لاستمرار السيطرات باستخدام اجهزة كشف متفجرات لا تعمل، سوى تلك الاحتملات الثلاث.
فالواقع صادر فرصة الاحتكام الى الحديث النبوي الشريف: "جد لاخيك سبعين عذرا" اي عذر وهم يدرون بالاجهزة لا تعمل، ويدرون اننا ندري انها لاتعمل، وهي بالفعل لا تعمل، ومع ذلك يستمرون بالازام السيطرات على استخدامها، مستهترين بدم العراقيين، يقطر من الملفات المحفوظة طي ادراج التحقيق في وزارة الداخلية، واذا لم تطوَ كالسجل، فانهى ترحل الى محاكم وزارة العدل، لتطويها.
واذا لم تطوها وزارة العدل؛ فتهملها او تضيعها وتميعها ولا تتخذ بها اجراءً قضائيا رادعا للمجرمين، جزاء اعتدائهم على حياة الابرياء.
ان الدم المتقاطر من ملفات محفوظة يستصرخ ضمائر المسؤولين، في الدولة، لتفعيل المطالبة بحق الحياة لمن ماتوا؛ فقد قال.. جل وتعالى في محكم كتابه المبين: "ولكم في القصاص حياة يا اولي الالباب".
على الدولة، ان تقتص للشهداء من المخربين، وبهذا تحمي وجودها وتقي هيبتها من الاستباحة؛ فقد جاوز الظالمون المدى، في عراق ضاق على ابنائه؛ حتى باتوا يتنفسون من خرم ابرة.
هذا اولا، وثانيا، يتوجب على السيطرات التوقف فورا، عن تمظهرات سونار لا يعمل، مثل امرأة عاطلة عن الانوثة.. بلا رحم.. اما ثالثا ورابعا والى ما نهاية له من حساب، يجب ان تنشر الدولة، قواتها الامنية، مدربة على مواجهة المتفجرات الخبيئة، واذا انفجرت، يجيدون تخفيف نسبة الخسائر، والتحوط من انفجار رديف يليها يمحق المسعفين.
فقد شهدنا عند غروب الثلاثاء 17 ايلول 2013 انفجارين في ساحة النصر والبتاويين، المتواشجتين اقترابا متداخلا، وقبله في حي البنوك واور، منطقتان تتماهيان جغرافيا.
في الحالتين عمدت السيطرات الى تكديس الناس والسيارات تمر من امام سونار لا يكشف متفجرات، ناهيك عن الجبن الصريح لدى قوات الامن، الذين تبلغ بهم الهستيريا جبنا، لحظة وقوع انفجار، حد اطلاق النار على الناس من دون تمييز؛ ومعظم الشهداء هم ضحايا جبن السيطرات وتواطئ الجميع مع اجهزة كشف فاسدة.
الناس تموت والشعب يتلظى، بينما المتسببون بآلامهم يمرحون في عمان وابهى متنزهات الجمال في العالم، وهم فاضل واخوه هيثم الدباس واحمد البدران وصاحب مصرف (المتحد) واللواء صباح الشبلي.. مدير شرطة النجدة العام وآخرون مسلكيون اسهموا في العملية، بحكم مناصبهم الوظيفية، داسوا ضمائرهم نظير... وهم ممثلو وزارات الداخلية والدفاع والعلوم والتكنلوجيا وومكتب رئيس الوزراء واعضاء الوفد المفاوض للشركة البريطانية التي تتهمه.
لا تهملوا احدا من هؤلاء؛ توقيرا لدم الشهداء الذي ما زال يشخب عبيطا، في القبور.
مقالات اخرى للكاتب