Editor in Chief: Ismael  Alwaely

Editorial secretary: Samer  Al-Saedi

Journalist: Makram   Salih

Journalist: Saif  Alwaely

Journalist: Ibnyan   Azeezalqassab

Editor: Aboalhassan   Alwaely

Reporter: Abdulhameed   Alismaeel

مقالات وأبحاث
الاثنين, أيار 1, 2023
الثلاثاء, نيسان 25, 2023
الأربعاء, نيسان 19, 2023
السبت, نيسان 15, 2023
الجمعة, نيسان 1, 2022
الأحد, آذار 13, 2022
الأربعاء, شباط 16, 2022
الثلاثاء, شباط 15, 2022
السبت, حزيران 3, 2017
السبت, أيار 20, 2017
السبت, أيار 13, 2017
الجمعة, أيار 12, 2017
الاثنين, أيار 1, 2017
1
2
3
4
5
6
   
تفسير القران.. قتال الباغين- مجلس حسيني.. الشيخ عبد الحافظ البغدادي الخزاعي
الخميس, أيلول 18, 2014

بسم الله الرحمن الرحيم

               ﴿وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللهِ َ) الحجرات 9 –

من هم أهل البغي ...؟ــــــــــ  قبل الإجابة على هذا السؤال , هناك اتفاق بين فقهاء المسلمين على مقاتلة الباغين بالنص والإجماع,النص هي الآية المذكورة أعلاه .. والإجماع هو ما اجتمع عليه العلماء ... ويكون القتال  بشروط ثلاثة تميزهم عن غيرهم , وتجعلهم تحت طائلة القانون الإسلامي .. وهي .

1- أن يكونوا في كثرة ومنعه لا يمكن اتقاء شرهم وكفهم عن أماكنهم , إلا بالاتفاق على تجهيز جيوش وقتال , أما لو كانوا نفرا قليلا , كالواحد والعشرة , لا يطلق عليهم بغاة , بل هم قطاع طرق ..

2- أن يخرجوا من قبضة الإمام " الحكومة والأعراف العشائرية " تكون لهم آماكن معروفة منفردين فيها عن بقية أبناء الشعب , مثلا يعيشون في بادية أو صحراء نائية , او قرى عديدة يحتلونها ... أما لو كانوا في قبضة الإمام " قبضة الحكومة " لم يكونوا من الباغين .. باعتبار رجوعهم للدولة .. مثلا أطفالهم في المدارس , ومريضهم يزور المستشفى , واقتصادهم مرتبط بالبنوك , ولو حدث معهم خلاف يراجعون مراكز الشرطة .. هؤلاء معارضين وليس بغاة ..

3- أن يكونوا على المباينة بتأويل  سائغ عندهم لحصول شبهة اقتضت خروجهم على الدولة .. ولو باينوا بغير شبهة .. فهم قطاع طرق وحكمهم حكم المحاربين ,هذه تحتاج تعريف المعنى ..

الباغون يجب ان تكون لهم فكرة وإستراتيجية , تختلف هذه الفكرة عن المسلمين جميعا فيقاتلون من اجلها , مثل معاوية بن أبي سفيان حين جاء بجيش جرار إلى العراق كان عنده شبهة بائنه , وهي اخذ ثار عثمان من أهل العراق , رغم إن قتلة  عثمان لم يكونوا من أهل العراق فقط .. ولكن المهم هو عذر بين قاتل الأمويون وأهل الشام تحت هذا العنوان والفكرة والإستراتيجية ...

 

من هم المحاربون  الذين أشارت لهم الفقرة الثالثة ..؟. يقول تعالى في كتابه الكريم :{إِنَّمَا جَزَآءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ} معاني المفردات {أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ}: المراد به: أنَّه إذا قُطعت اليد اليمنى تقطع الرّجل اليسرى، والعكس بالعكس. {أَوْ يُنفَوْاْ}: النفي: الطرد، وأصله: الإهلاك بالإعدام، ومنه النفاية لرديء المتاع، ومنه النفي وهو ما تطاير من الماء عن الدلو....

هذا جزاء المفسدين في الأرض ... الذي يسميهم يحاربون الله ورسوله .. " أي يحاربون الناس وقوانين رسول الله {ص} التي تنص على الاستقامة والأمن والسلام ... المسلم من سلم الناس من لسانه ويده ..

هذا جزء من الحدود المتعلقة بمكافحة الجريمة ، وضعت الشريعة له وسائل عمليّة جزائيّة حاسمة في حدود الله تعالى، السبب في هذا التشدد على المجرمين , ذلك لحفظ الأمن ومنع النفوس الشريرة في الاندفاعات المنحرفة، الّتي تندفع نحو القتل والنهب وقطع الطريق وتدبير المكائد للإسلام والمسلمين، وإشاعة الفوضى والخراب والفساد في حياة النَّاس، وما إلى ذلك...

حددت الآية  المحارب لله , انه مفهوم عام يشمل كل الانحرافات الجرمية ... أما سبب نزول الآية ..

ذكر أنَّها نزلت في العرنيين لما نزلوا المدينة  مظهرين الإسلام , نفر من عرينة,  وعرينه حي من بجيله فلم تتعود أجسامهم أجواء المدينة  ,واستوخموها واصفرت ألوانهم، فأمرهم النبي {ص} أن يخرجوا إلى إبل الصدقة فيشربوا من ألبانها وزبدها وغيره من المواد ، ففعلوا ذلك فصحّوا. ثُمَّ مالوا إلى الرعاة فقتلوهم ونهبوا الإبل وارتدوا عن الإسلام، فأخذهم النبي(ص) وقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف وسمل أعين بعضهم ... هذا هو الجوّ الَّذي نزلت فيه الآية ...

على هذا الأساس،هناك رأي للمفسرين عن أهل البيت(ع): «أنَّ المحارب هو كل من شهر السلاح وأخاف الطريق، سواء كان في المصر أو خارج المصر، فإنَّ اللص في المصر وخارجه سواء. وذهب أبو حنيفة إلى أنَّ المحارب هو قاطع الطريق في غير المصر»...

وللطبري رأي أوسع قليلا في المعنى العام للآية .. يقول:{وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً} تعني «الزنا والسرقة ... وقتل النَّاس وإهلاك الحرث والنسل». { معنى يهلك الحرث والنسل }  من كانت غايته الشر منها القسوة والجفاء , تتمثل في إهلاك كل حي من الحرث الذي هو الزرع والإنبات والأثمار , ومن النسل الذي هو امتداد الحياة بالإنسال . والنسل هو ما يخرج من الإبل ْ . يعني إهلاك الحياة على هذا النحو قتل وحرق الناس وتفجير وتعطيل العملية الاقتصادية,كيان هذا المخلوق حقد وشر وغدر وفساد.. 

                      الظاهر أنَّ مثل هذه التفسيرات تعطي الآية حدود واسعة لمصاديق الفساد ... لأنَّ كلمة المحارب  في المفهوم العرفي تعني من شهر السلاح،  بينما الفساد ,  تشمل كل المواقف العدوانيّة الّتي تستهدف تحطيم الكيان الإنساني للإسلام والمسلمين، سواء بحمل السلاح ضد الناس  وأرعبهم وقتلهم , وأحيانا تدخل في مفهوم أوسع , حين  يخطط الخارجون على الشرع تدبير المؤامرات والتعاون مع أجهزة الكفر ومؤسساته وأتباعه، أو بإثارة الفتن والقلاقل الّتي تضعف قوة المجتمع , وتضاعف من الخطر عليه، ونحو ذلك.. فإنَّ مثل هذه الأمور تعتبر المفهوم الشامل لكلمة المحارب ...

            هذا يعني إن الذين يقتلون الناس  في الزمن الراهن هم أما محاربين , أو باغين , ولهم شبهة سائغة وأحكام وأمير يرجعون أليه , ولهم ارتباطات خارجية لزعزعة الأمن والاقتصاد  يتلقون أوامر من استخبارات تلك الدول , فهم إذا كانوا داخل المدن ولا يزيدون على عشرة , ويقومون بأعمال الفساد فهم من المحاربين , أما إذا زاد عددهم على عشرة , وأصبح لهم مكان خاص بهم في صحراء أو قرية  أو مدينة , فهم من الباغين الذين نزلت بهم الآية المباركة .....

        مثل من التاريخ :...ما رواه الكليني جاء رجل إلى الإمام الصادق {ع} في مسالة قال:.«رجل يخرج من منزله يريد المسجد أو يريد الحاجة فيلقاه رجل أو يستقفيه, أي يأتيه من الخلف , فيضربه ويأخذ ثوبه؟ قال: أيّ شيء تقول فيه ..؟  قال :يقولون: هذه دغارة معلنة وإنَّما المحارب في قرى المشركين ، فقال: أيهما أعظم؛ حرمة دار الإسلام أو دار الشرك؟ قال: فقلت: دار الإسلام، فقال: هؤلاء من أهل هذه الآية: {إِنَّمَا جَزَآءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ}..معنى الدغارة{الدَّغرَةُ أخذ الشيء اختلاسا}..!!

ثالثاً: اختلف المفسرون والفقهاء في العقوبات المذكورة، هل هي على سبيل التخيير للحاكم فله أن يختار أي واحد منها، أو أنَّ لكل واحد منها موضعاً معيناً، فيكون ذكرها على سبيل الإجمال باعتبار أنَّها عقوبة للمحارب وللمفسد، مع إيكال التفاصيل إلى السنّة النّبويّة؟

ذكر صاحب (مجمع البيان) عن الإمامين محمَّد الباقر وجعفر الصادق(ع)، قال: «إنَّما جزاء المحارب على قدر استحقاقه، فإن قتل فجزاؤه أن يقتل، وإن قتل وأخذ المال فجزاؤه أن يقتل ويصلب، وإن أخذ المال ولم يقتل فجزاؤه أن تقطع يده ورجله من خلاف، وإن أخاف السبيل فقط فإنَّما عليه النفي لا غير، قال الصادق{ع}: إنَّ عليّاً(ع) نفى رجلين من الكوفة إلى البصرة»..

         جاء في كتاب البرهان في تفسير القرآن ، عن آل رزين قال: «قطع الطريق بجلولاء على السابلة من الحجاج وغيرهم ، فبلغ الخبر المعتصم، فكتب إلى العامل بها , فإن أنت طلبت هؤلاء وظفرت بهم وإلاَّ أمرت أن تضرب ألف سوط ,فواصلهم العامل حتّى ظفر بهم، ثُمَّ كتب بذلك إلى المعتصم، فجمع الفقهاء وكان منهم أبو داود: ثُمَّ سأل أئمة المذاهب عن الحكم فيهم، وكان الإمام الجواد{ع} حاضرا ..حكم الله فيهم بقوله: {إِنَّمَا جَزَآءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ} ولأمير المؤمنين أن يحكم بأي ذلك شاء فيهم، فالتفت إلى أبي جعفر(ع)، فقال له: ما تقول في ما أجابوا فيه؟ قال: قد تكلم هؤلاء الفقهاء ,قال: أخبرني بما عندك. قال: إنَّهم قد ضلوا في ما أفتوا به، والَّذي يجب في ذلك أن تنظر في الَّذين قطعوا الطريق، فإن كانوا أخافوا السبيل فقط ولم يقتلوا أحداً ولم يأخذوا مالاً، يأمر بإيداعهم الحبس، فإنَّ ذلك معنى نفيهم من الأرض بإخافتهم السبيل، وإن كانوا قد أخافوا السبيل وقتلوا النفس وأخذوا المال أمر بقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف، وصلبهم بعد ذلك، فكتب إلى العامل بأن يُمثل ذلك فيهم».

كيف نُفسر «قسوة» هذا التشريع؟ ...... قد تُثار هنا فكرة قسوة هذا التشريع بما لا يتناسب مع الرحمة الّتي يتحدث عنها الإسلام كصفة لازمة لٍتشريعاته، ..... الجواب على هذا السؤال .

ينظر الاستلام إلى  تحديد المصلحة الواقعيّة لحياة الإنسان ، ولا ينظر إلى العاطفة والشفقة ..هناك عمليّة توازن بين حجم الجريمة الّتي يقوم بها المحاربون لله ولرسوله المفسدون في الأرض، وتأثيرها على سلامة المجتمع الَّذي يتعرض للخطر من قِبَل هؤلاء، وبين حجم العقاب الَّذي يُراد منه أن يكون عنصر ردع للآخرين، لئلا يتكرر ظهور مثل هذه النماذج البشريّة المجرمة المنحرفة الّتي تُسيء إلى النّاس عندما تُسيء إلى حدود الله , فالحدود ليس انتقام من احد إنما هي عملية تنظّم السلامة العامة للمجتمع. من هنا، كان التشريع الإسلامي في الفساد وإيذاء الآخرين ,يتناول المشكلة من جذورها , يضع حدّاً للمعاناة لمثل هذه الجرائم ,من خلال استئصالها، حتى يعيش المجتمع بذلك في راحة ووئام. 

هذه أحكام تتعلق بالمحاربين ... إذن من هم الفئة الباغية :... الفئة الباغية هي التي ينطبق عليها راي العلماء إنهم في منعة وقوة , ولا يمكن إزالة شرهم إلا بتجيش الجيوش وان لا يقل عددهم عن العشرة ,والا يعتبرون قطاع طرق ,وان لا يكونوا تحت أمرة الحكومة ولا يعترفون بسلطانها ,. والثالثة ان تكون عندهم شبهة بينة يختلفون فكريا عن عامة الناس , فيحاربون الناس والمجتمع تحت تلك الأفكار.

       هناك حديث للنبي {ص} يقول فيه لعمار بن ياسر .. يا عمار تقتلك الفئة الباغية .. في مسند أحمد : عن أبي سعيد الخدري قال : في فترة بناء مسجد المدينة بعد الهجرة كنا نحمل لبنة لبنة وعمار بن ياسر يحمل لِبنتين, فرآه رسول الله « ص » فجل يَنفض التراب عنه ويقول : يا عمار ألا تحمل لِبنة كما يحمل أصحابك ؟ قال : إني أريد الأجر من الله . قال : فمسح وجهه من التراب وقال : ويحَ عمار تقتله الفئة الباغية يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار ... ونقله البخاري بقوله : وكان عمار ينقل لبنتين لبنتين فمرّ به النبي « ص » ومسح عن رأسه الغبار وقال : ويح عمار ! تقتله الفئة الباغية ، عمار يدعوهم الى الجنة ويدعونه الى النار (2) .

     في السيرة النبوية : دخل عمار بن ياسر على رسول الله {ص} وقد أثقلوه باللِبن ، فقال : يا رسول الله « ص » قتلوني ، يحملون عليّ ما لا يحملون ، قالت أم سلمه زوج النبي « ص » : فرأيت رسول الله « ص » ينفض وفرته بيده ويقول : ويحّ ابن سمية . ليسوا بالذين يقتلونك ، إنما تقتلك الفئة الباغية.

   يعد شهادة عمار بن ياسر يروى عن حنظله قال : كنت عند معاوية فأتاه رجلان يختصمان في رأس عمار يقول كل واحد منهما : أنا قتلته ، فقال عبد الله بن عمرو : يطيب أحدكما نفسا لصاحبة ، فإني سمعت رسول الله « ص » يقول : تقتلك الفئة الباغية وكان ابن عمر يكرر هذا القول .. فرد عليه يوما معاوية نافيا التهمة عن نفسه وأصحابه , أنحن قتلناه وإنما قتله من جاء به ألينا .

   وتكرر هذا القول يوم حفر الخندق ... ذكره مسلم في صحيحه : ان رسول الله « ص » قال لعمار حين حفر الخندق .. جعل يمسح رأسه ويقول : بُؤس ابن سمية تقتلك فئة باغية .ثم روى مسلم ,أربعة أحاديث بطرق أُخر بهذا المضمون : تقتلُ عمارا الفئة الباغية .قال النووي (في حاشية الكتاب ) : قال العلماء : هذا الحديث حجة ظاهرة في ان عليا {ع} كان محقا مصيبا ، والطائفة الأُخرى بغاة ، لكنهم مجتهدون فلا إثم عليهم لذلك ...... ما معنى كلمة الرسول {ص} ويح عمار ...؟.: كلمة ويح تقال لمن وقع في مهلكة قال الفرّاء : الويح كناية عن الويل ، يدعونه ، أي الفئة الباغية ؛ الى النار أي إلى سببها وان لم يتعمّدوا دعوته إلى النار ، بهذا الحديث عبر عدد كبير من المفسرين بقولهم :اتّضح ان الحق مع عليّ {ع} ومن وقف معه  ، لأن معاوية وطائفته كانوا مجتهدين ضانين أنّهم يدعونه الى الجنّة وان كان الواقع في نفس الأمر بخلاف ذلك .في الطبقات : عن هُنيّ مولى عمر بن الخطّاب كنت أول شيء مع معاوية على عليّ ، فكان أصحاب معاوية يقولون : لا والله لا نقتل عمارا أبدا ، إن قتلناه فنحن كما يقولون ، فلما كان يوم صفّين ذهبت أنظر في القتلى فإذا عمار بن ياسر...  فقال هُنيّ : جئت الى عمرو بن العاص وهو على سريره ، فقلت : أبا عبد الله ، قال : ما تشاء ؟ قلت : أنظر اكلّمك ، فقام اليّ ، فقلت : عمار بن ياسر ما سمعت فيه ؟ فقال : قال رسول الله « ص » تقتله الفئة الباغية ، فقلت هو ذا والله مقتول ، فقال : هذا باطل ، فقلت : بصرت به بعيني مقتول ، قال : فانطلق فأرنيه ، فذهبت به فأوقفته عليه فساعة رآه انتُقع لونه ، ثم أعرض في شقّ وقال : إنما قتله الذي خرج به ..... ويروى أيضا : سمعت عبد الله بن سلمة يقول : رأيت عمار بن ياسر يوم صفين شيخا آدم في يده حربة وأنها لترعد ، فنظر إلى عمرو بن العاص ومعه الراية ، فقال : أن هذه راية  قاتلت أهلها مع رسول الله « ص » ثلاث مرات وهذه الرابعة ، والله لو ضربونا حتى يُبلّغونا سَعفات هجر لعرفت إن  موقفنا على الحق وإنهم على الضلالة ,وأنهم على الباطل .

    عن عائشة قالت : ما من أحد من أصحاب رسول الله « ص » أشاء ان أقول فيه إلا قلت . إلا عمار بن ياسر ، فإني سمعت رسول الله « ص » يقول : مُليء عمار إيمانا إلى أخمص قدميه . ويروي رواية أخرى ، وفيها : حُشى إيمانا  ما بين أخمص قدميه إلى شحمة أُذنيه . ...

عن خالد بن الوليد قال : كان بيني وبين عمار بن ياسر كلام ، فأغلظت له في القول ، فانطلق عمار يشكوني الى النبي « ص » ثم  جاء خالد يشكوه إلى النبي « ص » ، قال : فجعل يغلظ له ولا يزيد إلا غلظة والنبي « ص » ساكت لا يتكلم ، فبكى عمار وقال : يا رسول الله ألا تراه ؟ فرفع رسول الله « ص » رأسه وقال : من عادى عمارا عاداه الله ومن أبغض عمارا أبغضه الله .

   عن حبه  العُرني قال : انطلقت أنا وأبو مسعود إلى حذيفة بالمدائن فدخلنا عليه ، فقال : مرحبا بكما فقلنا : يا أبا عبد الله حدثنا فإنا نخاف الفتن ! فقال : عليكما بالفئة التي فيها ابن سمية ، إني سمعت رسول الله « ص » يقول : تقتله الفئة الباغية الناكبة عن الطريق ، وإن آخر رزقه ضياح من لبن . قال العرني : فشهدته يوم صفّين وهو يقول ائتوني بآخر رزق لي من الدنيا ! فأتي بضياح من لبن .. فشرب وقال : اليوم ألقى الأحبّة محمدا وحزبه ...

عن رياح بن الحارث قال : كنت إلى جنب عمار بن ياسر بصفين ، فقال له رجل : كفر أهل الشام ، فقال عمار : لا تقل ذاك ، ديننا ودينهم واحد وقبلتنا وقبلتهم واحدة ، ولكنهم قوم مفتونون .... جاوزوا عن الحق ، فحق علينا أن نقاتلهم حتى يرجعوا .ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

 ما الفرق بين الفئة الباغية والفئة المحاربة؟... هناك فرق كبير بين المحارب  والفئة الباغية ....

المحارب يخرج على الناس  فِا سقًا وعاصياَ من دون فكرة وتأويل،يخرج من أجل الدنيا يريد المال، هو لض يسرق بالقوة وفي وضح النهار .. يريد أخذ المال أو قتل الأنفس المعصومة.. وفي بلدنا عدد كبير من هؤلاء سواء قبل السقوط وبعد السقوط ازداد عددهم ...

2-الباغي هو الذي يخرج يحارب على تأويل سائغ " من اجل فكرة يختلف فيها مع الناس " قد يقتل ويأخذ المال، فالمحارب والباغي يقتل ويأخذ المال؛ لكن المحارب خرج من أجل الدنيا والباغي خرج بتأويل سائغ وفكرة يؤمن بها ويختلف مع المجتمع , يخرج وفي تصوره انه مؤمن وقريب من معرفة الاحكام دون غيره ..فهو مسلم ومجاهد في تصوره  من أجل الأحكام الشرعية، هنا يتوضح الفرق انه العصب الرئيس هو الفكرة والغاية التي يقتل بها كل طرف الناس ويروعهم .. الفرق أن المحارب خرج من أجل الدنيا  يسرق ويقتل ويروع ...

والباغي خرج من أجل الدين برايه انه يطبق الشريعة ..، له تأويل سائغ يظن أنه على حق .. لديه تأويل وله مبررات هي ليست صوابًا لكن يراها أنها صواب، له فيها حجج شرعية من أجلها يقاتل، هذا باغٍ، هذا الذي نتكلم عنه في الآية المباركة ، هذه الطائفة الباغية هي التي خرجت على ولي الأمر الشرعي لتعزله أو خرجت بقوة السلاح، خرجت عن أمره وعن طاعته.

ما أحكام هؤلاء البغاة؟

                إذا لم يكن للبغاة منعة ولا قوة ولا شوكة ولا سلاح فللإمام " للحكومة " أن يأخذهم ويحبسهم حتى يتوبوا، له ذلك،  إذا خرجوا عليه فله أن يمنعهم أو يحبسهم حتى يتوبوا، أما إذا تأهبوا للقتال وكان لهم منعة وسلاح يدعوهم الإمام" الحكومة " إلى التزام الطاعة وعدم الاعتداء على الناس والرجوع إلى الجماعة، فإن أبوا ذلك قاتلهم حتى يهزمهم ولا يبدؤهم بالقتال حتى يبدؤوا هم لأن قتالهم دفع لشرهم.وإراحة البلاد من أفكارهم وفتنتهم ...

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ    هناك مسالة مهمة بالتشريع الإسلامي بصدد الآية المباركة, الرأي يقول :

 لا يجوز قتل مدبرهم الفار من المعركة، لا يجوز للإمام( الحكومة) أن تتبعهم وتقتلهم ، ولا قتل أسراهم، إذا أُسر أحد من الفئة الباغية,  لا يجوز له أن يقتله، ولا الإجهاز على جريحهم كأن يكون هناك شيء من الجرحى ثم يأتون ويقتلونه وهو جريح هذا على مذهب أو قول جمهور الفقهاء..... 

توضيح المطلب ..   الدليل على هذه الأحكام؟ قول الله تبارك وتعالى: { وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} سماهم الله سبحانه وتعالى طائفتين مؤمنتين، هذه طائفة مؤمنة وهذه طائفة مؤمنة، لكن هؤلاء خرجوا على ولي الأمر الشرعي{ ولي الأمر الشرعي}       أما ولي الأمر المرتد الغير شرعي ... فهو أصلًا ليس بولي أمر بل يجب قتله ويجب نزعه من الإمارة والخروج عليه، لكن هنا  نتكلم عن ولي الأمر الشرعي، فإذا كان ولي أمر شرعي وجاءت مجموعة مقاتلة لنزعه أو الخروج عن سلطانه فهذه طائفة باغية نصلح بينهم؛ فإن أبوا الإصلاح إلى الخير وإلى الدخول في الجماعة فنقاتل الفئة التي بغت حتى تلتزم الحكم الشرعي.

هذه الطائفة الباغية يقتلون أنفسًا ويأخذون أموالًا؛ بعد القدرة عليهم والسيطرة عليهم تمامًا هل نحكم عليهم بالقصاص في الأنفس التي قتلوا وتضمّنهم الأموال التي أخذوا؟ نقول أخذتم الأموال الفلانية وأموال كذا فنطالبكم بإعادة الأموال التي أخذتموها، وقتلتم فلانًا وفلانًا نطلب الآن القصاص فيهم فنقتلكم بما قتلتم به أولئك الأبرياء؟  والسبب المبرر بعدم تضمينهم أن البغاة المتأولون لا يُضمنون ما أتلفوه في قتالهم من المال أو النفس ...

بدليل ما روى الزهري رحمه الله قال: “كانت الفتنة العظمى بين الناس وفيهم البدريون -يعني أهل بدر الصحابة من أهل بدر-... هنا تدخل علماء البلاط لدفع الأحكام في الآية وكأن أصحاب رسول {ص} غير مشمولين بالحدود ولا السرقة ولا القتل , وهذا من الأحكام العجيبة  ..

أولا :... أجمعوا -أجمع الصحابة ,على ألا يُقام حد على رجل استحل فرجًا محرّمًا بتأويل القرآن ولا يُقتل رجلٌ سفك دمًا محرمًا بتأويل القرآن ولا يَغرم مالًا أتلفه بتأويل القرآن” وهو ما رواه الزهري ، وهذه مسألة أجماعية أنهم لا يُضمّنون ما أتلفوه من الأنفس والأموال.   بل وصلت الحال إلى تأويل معنى قاتلوا التي تبغي انه لا يقتل....لان شهاب الدين القرافي المصري يقول :..في الآية مجموعة من الفروق , أحد عشر فرقًا بين قتال الفئة الباغية وقتال المشركين والكفار أعد منها , أن  المقصود بالقتال ردعهم لا قتلهم، عندما يُقاتل البغاة لا يقصد القضاء عليهم نهائيا جميعًا، لا، إنما القتال قام من أجل ماذا؟ من أجل ردعهم عما هم فيه، هذا أولًا.....

 ثانيًا؛ : يُكَفُّ عن مدبرهم الذي يفر من المعركة لا يُتابع. ولا يُجهَز على جريحهم، الجريح لا يُقتل. ولا يُقتل أسراهم، ولا يحُكَم على أسيرهم، نقبض على أسير ونحاكمه ثم نعدمه أو نقتله، لا، ولا تغنم أموالهم، ما أخذناه من أموالهم يُرد إليهم، ليست غنائم. ولا تسبى ذراريهم، نساؤهم وأولادهم ليسوا سبيًا. ولا يُستعان على قتالهم بمشرك، لا نأتي بالمشركين والكفار ونقول هذه مجموعة باغية على الإمام الشرعي تعالوا قاتلوا معنا هؤلاء المسلمين، هذا لا يجوز. ولا نوادعهم على مال ما، نقول خلاص بيننا وبينكم صلح مقابل مال ومقابل كذا. ولا تُنصب عليهم -المنجنيق- ولا تُحرق عليهم البساتين، ولا يُقطع شجرهم. هذه مجمل ما ذكره الإمام القرافي في الفروق في الفرق بين قتال البغاة وقتال المشركين، هذه الطائفة هي الطائفة الباغية والتي خرجت بقوة السلاح على الإمام الشرعي لتأويل سائغ.... نردعهم لأنهم مسلمون يقولون لا إله إلا الله محمد رسول الله ... هنا سؤال يحيرني , هو ان هؤلاء يفجرون الناس بالعبوات ويقتلون الناس بالجملة , ويكفرون الشيعة والسنة , رغم قولهم لا اله الا الله محمد رسول الله ..!!! لماذا لا يلتزمون برأي علماءهم أذن ..؟ ولو سلمنا أن نعمل برأي القرافي وغيره , يعني سنسمح لكل خارج على القانون يحارب الناس ولا يجوز قتله .. !!!!!.

          بينما  في أسباب نزول الآية يقول المفسرون :.." ثُمَّ مالوا إلى الرعاة فقتلوهم ونهبوا الإبل وارتدوا عن الإسلام، فأخذهم النبي(ص) وقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف وسمل أعين بعضهم "..

هذا هو الجوّ الَّذي نزلت فيه الآية ...ولكن لما وصلت الآية إلى اتهام معاوية , وانه باغ  رغم حديث النبي{ص} لعمار " يا عمار تقتلك الفئة الباغية " أصبح معنى { فقاتلوا التي تبغي} ردعهم وليس قتلهم , وكلمة ردع تعني الكف عن الشيء، يقولون: الحدود رادعة مانعة؛ أي تكف الفاعل عن العودة إلى فعله وتمنع غيره من الوقوع فيها. وتعتبر الدماء التي أهدرها في الغارات على المدن الإسلامية واقعة بناء على هذا الرأي , وسم الإمام الحسن {ع} وتهيئة ولده يزيد وقتل الحسين {ع} كلها غي مهمة ..

            رأي يقول : أمير المؤمنين {ع} و معاوية وكلاهما في الجنة ..دليلهم قوله تعالى: {وإن طائفتان من المؤمنين أقتتلوا} فعلي ومعاوية مؤمنان بنص الآية .. والمؤمن لو اجتهد واخطأ فله حسنة , وان أصاب له حسنتان ...!! ..الجواب:  نلفت نظركم إلى ما يلي: أولا :......هذا الكلام يؤسس لقضيتين كبيرتين وهي إمكان الاقتتال بين فئتين مؤمنتين مع المحافظة على صفة الإيمان عندهما .... 

القضية الثانية : أنه حتى لو اقتتلا فلا مانع من دخولهما الجنة , لعدم زوال صفة الإيمان عنهما , بهذا نخرج من الإشكال... ونطبق هاتين المسالتين على قتال  معاوية لمولانا أمير المؤمنين {ع} في صفين وباعتبار ينطبق عليهما رأي القرافي المذكور أعلاه ...فيكون علي {ع} ومعاوية كلاهما في الجنة ...

ولكن يجب أن يعرف الغرافي أصول الأحكام , وليس الميل عنها, مثلا ,توفر جميع الشروط  الواردة في صفة المؤمنين .. وأسباب نزول الآية ...وهي:

1- أن يكون القتال بين فئتين مؤمنتين مفروغ من إيمانهما.وليس فرقة عليها ألف شبهة ..

2- أن ( لا يكون القتال بين فئة مؤمنة وأخرى فيها إمام الأمة وخليفة رسول الله الشرعي)  المشار أليه لقيادة الإسلام بعد رسول الله{ص} , فهذا حتماً له حكم آخر... لأن أسباب نزول الآية هو المشاجرة التي حصلت بين أفراد الأمة,  من الأوس والخزرج وكلاهما من الأنصار ولم يكن النبي {ص} مع أحد الطرفين,  مما يعني أن النبي{ص} والإمام{ع}  كان خارج الصراع ..وهما بالأساس يمثلان حقيقة الإسلام , والقتال ضدهما يعني ضد الدين .. فما قيمة الدين ويأتي من يقول انه متدين وهو يحارب النبي أو الإمام ....؟ . وإذا قاتلنا الإمام فمن يمثل الفئة الثالثة المصلحة بين الطرفين... حيث يكون النبي او الإمام في دائرة الصراع فمن يصلح ..؟ بينما في صراع معاوية كان ضد القيادة الإسلامية ..

3- أن تفيء الفئة الباغية إلى الحق وترجع عن بغيها وعدوانها.لا أن تستمر وتبدل أحكام القران ...

4- أن تكون هناك فئة ثالثة تقوم بعملية الإصلاح والتقريب بين الفئتين المتنازعتين.

5- أن ترجع الفئة الباغية كامل الحقوق المسلوبة من حق مضاع ودم مراق إلى الفئة الأخرى وهذا معنى (( فَأَصلِحُوا بَينَهُمَا بِالعَدلِ وَأَقسِطُوا )) (الحجرات: 9).نعم في هذه الحالة يستجيب الطرفان للإصلاح وتسوية الخلافات ,ونسلم بصحة الصراع , ونقول أن هاتين الفئتين مؤمنتان.

النقطة الأخرى هي: إمكان دخولهما الجنة.! هذا الرأي بعيد جدا عن منطق القران , هذا قرار سياسي كتبه وعاظ السلاطين , وليس تفسير للآية , ولا دليل عليه ينهض به , بل نرى ما ينقضها من كتاب الله. كما في قوله تعالى: ( وَمَن يَقتُل مُؤمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً ) (النساء: 93). وقوله تعالى:( مَن قَتَلَ نَفساً بِغَيرِ نَفسٍ أَو فَسَادٍ فِي الأَرضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً) (المائدة:32). وحديث رسول الله {ص}:" من أعان على دم امرئ مسلم بشطر كلمة جاء يوم القيامة مكتوباً بين عينيه: يائس من رحمة الله ...ما أحكام هذه الآيات  وعشرات الأحاديث التي تتحدث عن الفتنة وحرمة الدم ...

 المشكلة البخاري ينقل هذا الرأي ولكن لا أرى ردا عليه إلا أن أقول انه رأي هزيل .. ينقل القوم عن صحيح البخاري 1/13 في باب ( وان طائفتان من المؤمنين..)يقول:{إني سمعت رسول الله{ص} يقول: "إذا التقى مسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار، فقلت: يا رسول الله هذا القاتل فما بال المقتول؟ قال: إنه كان حريصاً على قتل صاحبه" .. هنا العقل لا يقر بهذا الرأي ,كونه يؤسس لقاعدة إلغاء الخروج على الظالم او محاربة الباغين , لان الطرفين في النار ...هناك قرائن عديدة تدل على عدم صحة إيمان معاوية ... منها :1- إن الآية الشريفة لا تدل كون معاوية مؤمن حتى لو قاتل أمير المؤمنين{ع} طائِفَتَانِ مِنَ المُؤمِنِينَ  ليست كافية في إثبات إيمان معاوية لأنها تقول: "مِنَ المُؤمِنِينَ اقتَتَلُوا " فهي لا تثبت إيمان كل فئة مقاتلة لفئة أخرى من أهل الإسلام ..... وكثير ممن يدعون الإسلام وهو منهم براء ..

2- إنها تقول (من المؤمنين) ومن أين لنا أن نثبت أن معاوية كان مؤمناً حتى ندخله في مفهوم الآية خاصة أن القرآن يصرح" قُل لَّم تُؤمِنُوا وَلَكِن قُولُوا أَسلَمنَا وَلَمَّا يَدخُلِ الإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُم"  ولكن لو طالعنا حياة معاوية وتأكدنا حقيقة إيمانه ,عندها نثبت بأن معاوية مؤمن بمفهوم هذه الآية.

3- إن هذه الآية إنما جعلت الباغي مقبولاً بعنوان كونه فاء إلى أمر الله ولم نعهد معاوية ولا أذنابه قد فاءوا إلى أمر الله......... الأمر الثاني:

نحن لنا رأي في إسلام معاوية وبقائه على الإسلام المزعوم ..لان الحديث الذي ينقله الفريقان ( من مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية ) - كما في صحيح مسلم 3/1478, كتاب الإمارة,مسند أحمد 4/96 و 3/446,هذا يخرجه من ربقة الإسلام ويرجعه إلى جاهليته التي ما زال عليها.....

 إضافة إن معاوية وجيشه خرجوا من مفهوم الآية ولا تصح أن يحتج بها على إيمانهم لأسباب منها:أن الإمام علي (ع) كان مأموراً من قبل الرسول{ص}بقتالهِ, وذلك ما أخرجه البزار والطبراني في الأوسط والحافظ الهيثمي في المجمع 7/238, وأخرجه أبو يعلى كما في تاريخ إبن الكثير 7/304, وشرح المواهب للزرقاني 3/217 والحديث هو: (سمعت علياً يقول: أمرت بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين) ومعلوم أن معاوية أحد الثلاثة والمعركة أي صفين واحدة من تلك المعارك .. قول الرسول {ض} في علي وذويه: (حربكم حربي), وقوله: (يا علي ستقاتلك الفئة الباغية وأنت على حق فمن لم ينصرك يومئذ فليس مني), فقوله {ص}( حربكم حربي, ومن لم ينصرك فليس مني,) كلها شاهدة على مخالفات معاوية لمنهج الإسلام ومن يسلك منهجه من بعده .....

 ما سبب قدسية معاوية عند القوم..؟ :... السبب في القدسية التي نالها هذا الرجل زيادة على قدسية أهل البيت في قلوب كثير من المسلمين اليوم ممن ينتسب للتيار السلفي الوهابي , هو ما رواه الخطيب البغدادي عن الربيع بن نافع قال :معاوية بن أبي سفيان ستر لأصحاب محمد{ص} ، فإذا كشف الستر اجترئ ما وراءه " تاريخ بغداد ج1ص 223 .معنى اجتريْ" تشجع وتجاسر ...

فحقيقة الأمر أنه يجب الدفاع عن معاوية مهما صدر منه لأنه الخط الأول الذي يجب ألا يسقط دفاعا عن شيْ مقدس ابتدعوه اسمه عدالة كل من رأى النبي {ص} مسلماً في الظاهر , والحقيقة أن تعريف الصحابي هو: كل من رأى النبي{ص} مسلماً ومات ورسول الله عنه راض  ...السؤال الخالد السرمدي الذي سيظل يفرض نفسه هو : إذا كان كل من رأى النبي ومات على الإسلام ولو غضب عليه رسول الله {ص}, ولو قتل ريحانته , ولو سعى في إطفاء نور الله فهو صحابي : إذن فمن هم المنافقون الذين نزل بشأنهم القرآن ؟ هذا بالإضافة إلى أن النظام الإعلامي الذي يحط من شأن أهل البيت وينفخ في صورة اعدائهم من بني أمية نظام قديم لا أقول قدم يوم الجمل وصفين وإنما هو قديم قدم بعثة النبي ذاتها ..

لقد حان الوقت الذي نعلم فيه أن النبي{ص} لمـا بعثـه اللـه كـان أشـد النـاس في مخالفته بنو أمية وأعظمهم في ذلك أبو سفيان وشيعتـه مـن بنـي أميـة قـال اللـه تعالـى فـي كتابـه العزيـز ‏(‏والشجـرة الملعونة‏)‏‏ قال المفسـرون أنـهِ أراد بهـا بنـي أميـة‏.‏ ولذلك كان خصم رسول الله الأول هو أبو سفيان , وخصم الإمام علي الأول هو ابنه معاوية , وخصم الإمام الحسين الأول هو يزيد بن معاوية ..والسؤال الذي يفرض نفسه : من الذي جعل معاوية في الصحابة ؟ وما معيار الصحابي ليدخل فيه معاوية ؟!

١ - شهاب الدين بن حجر العسقلاني: قال : قد ورد في فضائل معاوية أحاديث كثيرة لكن ليس فيها ما يصح من طريق الإسناد وبذلك جزم ابن راهويه والنسائي وغيرهما.فتح الباري ج ٧- ص ٨١

٢ - أحمد بن حنبل:.قال عبد الله بن أحمد بن حنبل سألت أبي ما تقول في علي ومعاوية فأطرق ثم قال اعلم أن عليا كان كثير الأعداء ففتش أعداؤه له عيبا فلم يجدوا فعمدوا إلى رجل قد حاربه فأطروه كيادا منهم لعلي.  فأشار بهذا إلى ما اختلقوه لمعاوية من الفضائل مما لا أصل له ...كلام ابن حنبل كان قبل أن ينشئ المتوكل(المذاهب الإسلامية ) ويجعله إماماً لهم وينشر فيهم حب معاوية ! ولا يتسع المجال لعرض مكذوباتهم في معاوية ...! 

أما البخاري أفرد بابا خاصا في معاوية ، عنوانه "باب ذكر معاوية" ولما لم يعثر على منقبة له  رويت عن رسول الله {ص} فكتب  حديثين عن ابن عباس ..أولاهما أنه مدح معاوية لصحبته لرسول{ص} ثانيهما مدحا لمعاوية بكونه فقيها وعالما.من علماء الصحابة .. الآن عرفنا سبب كونه في الجنة..!!.

ولما وصلت النوبة إلى يزيد خرج علينا من يمدحه ...

كالحديث في مدح يزيد... ذكره غير واحد منهم، كابن تيميّة والذهبي، وهو حديث غزو القسطنطينيّة: قال ابن تيميّة مدافعاً عن يزيد: «وقد ثبت في صحيح البخاري، عن ابن عمر، عن النبي{ص}، قال: أوّل جيش يغزو القسطنطينيّة مغفور لهم. وأوّل جيش غزاها كان أميرهم يزيد...»... قال محقّق «منهاج السُنّة»: «لم أجد الحديث بهذا اللفظ، ولكن وجدت عن عبادة بن الصامت الحديث في البخاري 4 / 42 ـ كتاب الجهاد والسير، باب ما قيل في قتال الروم ـ ونصّ الحديث: أوّل جيش من أُمّتي يغزون البحر قد أوجبوا. قالت أُمّ حرام: قلت يا رسول اللّه! أنا فيهم؟ قال: أنتِ فيهم. ثمّ قال النبي{ص} : أوّل جيش من أُمّتي يغزون مدينة قيصر مغفور لهم. فقلت: أنا فيهم يا رسول اللّه؟ قال: لا».

 أحب الله من أحب حسينا :.. الإمام الحسين(ع) قيمة حقيقية في الإرث الإسلامي وعطاء لا ينتهي، وملحمة استشهاده منهج متكامل في مفهوم الجهاد والتضحية ضد الظلم والفساد... خلق نماذج الانشداد والذوبان في حبه،.. هذا الحب في قلوب عشاقه منذ أن كانوا أجنة في بطون أمهاتهم، وفي شهر محرم فإن عزاءه يتجدد تلقائيا في النفوس وتنجذب القلوب الحزينة نحو المنابر والحسينيات ..

يلي تناشدني عليمن تهمل العين .. كل البكا والنوح والحسرة على حسين ... حبه بكلبي يظهره بصبها دموعي .. مفتون في حبه ولا اشوفه بطوعي .. يا ريت كبل ضلوعه انرضت ضلوعي .. ومن كبل خده توسدت مني الخدين .. ابكى على مصابه كل صبح ومسية .. انحب واساعد علبكا الزهرة الزجيه .. لا زال تندب يا ضحيايا الغاضرية .. يحسين يبني يا حبيبي وقرة العين ...

الشيخ عبد الحافظ البغدادي الخزاعي 



اقرأ ايضاً

 
أضف تعليق
نطلب من زوارنا اظهار الاحترام, والتقيد بالأدب العام والحس السليم في كتابة التعليقات, بعيداً عن التشدد والطائفية, علماً ان تعليقات الزوار ستخضع للتدقيق قبل نشرها, كما نحيطكم علماً بأننا نمتلك كامل الصلاحية لحذف اي تعليق غير لائق.
الاسم :

عنوان التعليق :

البريد الالكتروني :

نص التعليق :

1500 حرف المتبقية
أدخل الرقم من الصورة . اذا لم تستطع القراءة , تستطيع أن تحدث الصورة.
Page Generation: 0.37517
Total : 100