جمعنا رئيس التحرير في كافتيريا الجريدة، فتحلقنا حوله، فقال: اريد ان اسمعكم مقطع فيديو للمالكي، وانتم بعدها اكتبوا ماتكتبون، كنا جميعا أذانا صاغية، فاخرج هاتفه المحمول، واستدرك ان المالكي صديقه، وانه ناضل معه في سوريا مع اختلاف الايديولوجيات ضد الديكتاتورية، لكن المالكي تحول الى ديكتاتور، وايد كلامه بمقطع الفيديو، كان لقاء للمالكي مع شيوخ العشائر، وكانت الاهزوجة التي تضمنت نصيحة للمالكي وترجمتها، لاتنطيها، فرد المالكي: ( همّه ايكدرون ياخذوها حتى ننطيها)، انتهى كلام المالكي، وبدأت ابتسامات التقرب الى رئيس التحرير تملأ الوجوه، وكأن الموجودين فرحوا بهذا السبق الصحفي، وبعد مرور اربع سنوات على الموقف، نرى ان المالكي انطاها، فماذا سيقول رئيس التحرير؟، هل كان سبقا اعلاميا حقيقيا، ام كانت اجنده مشبوهة تريد اسقاط تجربة العراق الجديد، فتناول البعض المالكي بالنقد الجارح، ولم استثن نفسي من تلك الحملة.
لكنني حاولت ان اكون منصفا، ارصد السلبيات واكتبها، وامدح الايجابيات واكتبها،
لم يكن سيف الاعلام حينذاك سيفا حقيقيا، بل كان امرا مشبوها يحمل في طياته دماء العراقيين التي تسفك يوميا وحتى الآن، الدماء التي تسفك لاتتحمل الحكومة او الدولة العراقية مسؤوليتها، اكاد اجزم ان جميع الاحزاب والشرائح والمثقفين مسؤولون عنها، يتحملها الاعلامي الذي اعطى قياده لممول الجريدة ولايعلم ماهو المشروع المطروح عوضا عن هذه الدولة، ويتحملها الفنان الذي وجد نفسه مهمشا فرمى بها باحضان من يتاجرون بدماء الآخرين، ويتحملها الشاعر الذي صمت يبحث عن الحداثة والحداثوية وكانه قد جاء من كوكب آخر.
اعباء المرحلة كثيرة، ولايستطيع احد ان يتنصل من مسؤوليته بخراب البصرة، بمقال وبقصيدة وبفيلم مأجور، امام دولارات سعودية او ايرانية او اميركية اسقطنا بلادنا، والآن نشعر بالاسى ونبكي بغداد، حيث بكى امرؤالقيس ابن حذام بعرة شاة كانت في ديار حبيبته، اما نحن فقد اسلمنا بغداد، لست واثقا من الذين هاجروا ابان الثمانينيات خارج العراق، لقد تعرضوا الى ضغوط كثيرة ، وعادوا باموال واتباع واعوان، ولاندري ماذا كانوا يعملون هناك في اوربا، وما مدى علاقاتهم مع مخابرات تلك الدول، عادوا بثراء فاحش يجعلنا نسأل الف سؤال وسؤال، واول سؤال نتوجه به اليهم: من اين لك هذا؟.
لايمكن لبغداد ان تسقط او تعيش الحذر من السقوط مرتين خلال عشر سنوات، ربما سقطت في الماضي لكنها نهضت، وعاندت مئات السنين، وكانت عصية على الرايات السود والخضر،اما الان فالامر مختلف، هناك من يريد لها السقوط، وهو يتبجح بحبها، وحرامي البيت اخطر حرامي كما يقولون، والخونة في بغداد يستعجلون سقوطها، فهم يسمون العصابات التافهة التي جاءت للغنيمة والسبي الدولة الاسلامية، بصحفهم وقنواتهم الفضائية، ربما يكون جنود الحشد الشعبي مليشيات بالنسبة الى سعد البزاز، وعصابات داعش ثوريين، ونسي البزاز وغيره، ان هؤلاء لايستثنون احدا لانهم جاؤوا من خلف التاريخ، جاؤوا بوساخة الف عام من الخطأ والاذى، ولن يكون سعد البزاز بمعزل عن نيران داعش ولاسواه ممن هلل وطبل لهم، كنا نقول داعش، ويقولون داعش اكذوبة، هؤلاء ثوار يريدون حقوقا مغتصبة، من سيحاسب هؤلاء الكتبة المأجورين عما قالوه في الايام الماضية، من سيتصدى لهم ويقول انتم من اسقط العراق بيد هذه العصابات العفنة، من سيحملهم دماء الابرياء واندثار الايزيديات اللواتي باعتهن داعش وتفرقن على الدول العربية لدى محبو الجواري والغلمان، من يارئيس تحريرنا الموقر، اعلمت الآن ان لاشيء يمكن مغادرته، وسيذكر التاريخ كل شيء، وكيف لايعطيها وهو يقع تحت طائلة ماتعرف انت وسواك.
مقالات اخرى للكاتب