لا ادري لما تعودت الذائقة العراقية على ثقافة الذم والقدح لكل مفاصل الدولة العراقية دون أستثناء ودون تلمس بعض الومضات الخيرة في أداء المسؤولون .وطغت ظاهرة النفور وعدم الرضا و تحولت الى ظاهرة مستديمة في سباق التنافس المحموم من اجل كسب النجاحات في سلم المناصب والمسؤوليات ، وأحلت حمى التسقيط والطعن واللمز والهمز لكل عمل خير ونافع لملايين الفقراء والمعوزين وبأتباع الوسائل المنحرفة والفاسدة وأضحت متاحة في سبيل معركة السلطة والتسلط .وتحولت الى ثقافة دائمة لدى الكثير ممن لايرعوي من مخافة الله والوازع الاخلاقي.
حقيقة المتجاوزين وسكان العشوائيات حقيقة مرة وحقيقة واقعه فلقد شهد العراق نموا سريعا وغير مسبوق بعدد السكان وفي عملية التحضر وأتساع المدن . غير ن الحكومات العراقيه المتعاقبه دون استثناء لم تسطيع ايجاد الحلول الناجعه لمواجهات الحاجات المتصاعده لهذا التوسع السكاني والحضري وبسبب الفقرواتساع الفوارق الاجتماعيه وعزوف الدوله عن التخطيط المنظم لازالة العشوائيات ولتوفير المساكن للفقراء وأصحاب الدخل المحدود .فقد انتشرت في ذي قار المستوطنات العشوائيات لايواء فقراء الناصرية وقصباتها و لم تنال الأهتمام اللأزم من قبل الدوله ولا من سلطة المحافظة بجميع مراتبها ودوراتها الانتخابية .
أن ميزة المسؤول المحلي الطبيعيه هي استشرافه للمستقبل وتحسس معاناة أبناء مدينته من خلال التخطيط المستند على الدراسة والتحليل بدراسات علميه ومعالجات جذرية وخصوصا في قضية التجاوزات (العشوائيات ) والتي نسميها "بعملية اسكان الفقراء".
أن اقدام المهندس رحيم الخاقاني رئيس لجنة الخدمات في محافظة ذي قار على تقديم قانون 59 لتمليك المتجاوزين وفق ضوابط ورؤى لاتخالف ولا تستعدي على القانون والمال العام .خطوة جريئة وشجاعه تمنى فقراء الناصرية أن يقدم عليها اخرون ومنذ زمن .ففحوى القانون 59 تتلخص بتمليك المتجاوزين على اراضي البلدية الواقعة داخل الاحياء والمقاطعات السكنية مقابل دفع مبالغ اجر المثل والبيع بالسعر الحقيقي المسجل عند كل بلدية وتقسيط المبلغ عليهم كونهم عوائل محدودة الدخل وفقيرة .. وحدد مهلة اسبوع لتمليك المتجاوزين وهدد المعرقلين بالاقالة .
جمالية وقانونية هذا القانون انها تنصف الطرفين ولاتميل كفة المواطن على كفة الدولة وتعطي مسوغا انسانيا وقانونيا لاتصاف هؤلاء المساكين والذين اختزلوا تفاصيل حياتهم وأقتطعوا من جزئيات معيشتهم ليبنوا لهم سقفا يؤويهم وعوائلهم في ارض الوطن على اراضي متروكة وغير مخدومة .وهي تعطى لهم بقيم توازي القيم السائدة في مناطقهم مما سيعود بمبالغ طائلة لخزينة الدولة التى تعاني اصلا من العجز والوفاض .
خصوصا واغلبهم قدموا اولادهم شهداء في معارك التحرير دفاعا عن حياض الوطن ولايزال قسم كبير منهم في فصائل الحشد الشعبي مدافعا عن وطن لايملك شبرا فية .
الالاف الناس ترفع اكف الدعاء والضراعة الى السماء متمنين لهذا الوطن الامن والسلام وان يعيش أبنائة من الفقراء والمساكين امنيين مطمئنين على ارض يمتلكوها تشعرهم بروح المواطنة والانتماء لهذا الوطن .وتضع اسم (الخاقاني ) في لوح الشرف والاعتزاز لمبادرتة الشجاعه والمخلصة داعين سلطة ذي قار ممن يمسك صولجان العزة والكبرياء على الفقراء ان يرحم بهم وان لايضع المعرقلات والاجتهادات الشخصية ولا يكترث إلى قرارات الحكومة المحلية .
الكثير من هؤلاء المواطنون يتطلعون الى عدل وانصاف دولتهم أملين أن لايردوا مقطع الشاعر الشعبي جودت التميمي حينما دنا منه الموت وهو لا يملك بيتا في وطنه حيث قال جملته الشهيرة شفتهمنه شفتهمنه
متر فوك الكاع لمنه
ومتر جوه الكاع طمنه
شفتهمنه
سيظل الخاقاني ومن امثالة من الشرفاء مصدر حب والهام وتمسك بتراب الوطن واتمنى ان لاتحمل ارض العراق وحكامها وهي ارض السواد كل هذه القسوة على الفقراء فلا تمنحهم حضنها أو تلفهم بجدران تحميهم بردا وحرا في الحياة لكنها ودودة وكريمة في استقبالهم باللحد الضيق؟!.
مقالات اخرى للكاتب