اقصر الطرق لمساعدة رئيس الوزراء حيدر العبادي في خطواته الاصلاحية هي جيوبنا. اذا تصورنا انفسنا ركاب حافلة ام الطابقين "ايام زمان" تواجهنا العبارة الشهيرة "ساعد الجابي باصغر نقد" فان العبادي اليوم وفي ظل ازمة الانهيارات المالية المتلاحقة نتيجة هبوط اسعار النفط هو "جابي" هذه المصلحة. واذا اردنا مساعدته فلن نحتاج الى ان نذهب بعيدا. لن نحتاج الى اعادة قراءة "ثروة الامم" لادم سميث, او "راس المال" لكارل ماركس, او "نهاية التاريخ" لفوكوياما او "كيف تتعلم الصينية في سبعة ايام" بدون معلم .. خصوصي. بالمناسبة الصين تعلمت الدرس بكل اللغات خلال فترة قياسية بعد ماسي ثورة ماوتسي تونغ الخضراء. وطبقا لمسؤول صيني فان بلاده كانت اول الامر تخشى الذئب (في اشارة الى الكبار من الدول الصناعية في العالم), لكنها في مرحلة لاحقة باتت ترقص مع الذئب. واليوم ـ كما يقول نفس المسؤول الصيني ـ صارت هي الذئب .
ماذا عنا نحن؟ نرجع الى الوراء . هل يكفي استمرار الحديث عن الاموال المهدورة التي يقدرها احمد الجلبي باكثر من 700 مليار دولار وبهاء الاعرجي باكثر من 1000 مليار دولار في غضون السنوات العشر المنصرمة؟ لا اجابة مقنعة من احد. لكن امين بغداد نعيم عبعوب يقول انه يرسل لاهالي العاصمة كابساته يوميا لرفع النفايات والتي تقدر بنحو 20 الف طن. بينما لاتاتي الكابسة الى اهالي لندن ـ والعهدة على عبعوب ـ الا مرة في الاسبوع. الفارق ان اهالي لندن مثل اهالي بكين وطوكيو وكوالالامبور ونيويورك لا ياكلون حتى يجوعوا واذا اكلوا لا يشبعون .. وخل يسمع خطباء جمعتنا السنة والشيعة.
كيف نساعد المحصل او الجابي "العبادي" باصغر نقد؟ قبل ان يدلو كل واحد منكم بدلوه عليه ان يتجول في ازقة او شوارع الحي الذي يسكنه في اي مدينة من مدن العراق من بغداد "وحط ايدك". فماذا يجد؟ مول صغير, بجانبه دكان للتسوق المنزلي, علوة مخضر, "جوبة مال غنم" و "صندوق دجاج",وشوايات سمك ودجاج وكباب للعوائل, وصيدلية, ومكتب دلالية عقارات. وايضا مول صغير, ودكان تسوق, وعلوة مخضر, وجوبة غنم, وصندوق دجاج, وشوايات سمك ودجاج وكباب للعوائل. وصيدلية وعلوة وجوبة وشوايات وصولا الى السيطرة والصبات الكونكريتية حيث ينتهي الشارع. هذا في كل زقاق او شارع من اي حي في اي
مدينة من مدن العراق, بل وحتى انتشرت هذه الظاهرة في الارياف التي يفترض انها سلة غذائنا واذا بها "تبكي بباب العباس" مثل اهالي المدينة حيث يتسوق الفلاحون الخيار والطماطة والرز والمعجون ولبن كانون وطبقات البيض التركي المستورد . راشد لم يعد يزرع.. صار اما صحوة او سائق كيا او شيخ عشيرة يتنقل من فصل عشائري الى اخر. اما زينب التي كانت تحصد فقد انهمكت بالفيس بوك ومشاهدة المسلسلات التركية. بالمحصلة لم يعد بيد ركاب المصلحة النقد الكافي لمساعدة العبادي. الكل ياكل وينام ويرمي النفايات بالاف الاطنان. كل ما يطلبه المواطنون ان تبقى الرواتب والاجور مصانة مهما هبطت اسعار النفط وذلك من اجل المول وعلوة المخضر وشواية السمك والدجاج على الحطب والكباب السفري. اما الاستثمار فلا يصنع الا مدنا من .. زرق ورق.
مقالات اخرى للكاتب