ولم ار ابا مهدي المزعوم هذا حتى اليوم ، وظني انني لن اراه ما حييت ولو منحت عمر نوح "عليه السلام" . و صالح هذا هو المفهوم السائد ( والخاطىء ربما ) لدى عامة المسلمين خاصة اولئك الذين يتوارثون تقاليد وافكارا مسمومة و منسوبة للاسلام ظلما وعدوانا دون اخضاعها لادنى فحص عقلي . و اسباب تجنب هذا الفحص هي خشية المغامرة ومن ثم الوقوع في المحظور مما يخرج من الملة فيحبط العمل . المرء منا يولد و يعيش ثم يموت على تقاليد و افكار نقلت بتقنية الـ "كوپي - پيست" عبر سلك (يو اس بي) ممتد الى دماغه من مخ والديه اولا ، ومن محيطه ثانيا ، ومن ثم خطيب الجمعة وهذا هو ثالثة الاثافي والطامة الكبرى . ولكي يبرهن على امانته فانه يمضي حياته الشريفة ينقل ما غرز في دماغه لمن يليه من بعده ... وهكذا . ترى هل صحيح حقا ما نعتقد به بان كل ما يجري علينا من سراء وضراء هو بتخطيط من رب العالمين ؟ وان نتيجة كل ذلك هو مجرد تمهيد لنرى "صالحا" او صلاحا وان عاقبة الامور دائما خير ؟ لعل الكثير منكم تناهت الى سمعه الكريم قصة الحافلة التي انفجر دولابها في منتصف الصحراء . وبين خوف البعض ودعاء الاخرين ، امتص احد الركاب القلق صائحا باعلى صوته : "بيهه صالح " فهدأ من روع الرحلة التي كانت تمخر العباب الى دولاب معطوب آخر بعد ان اصلح السائق ( اصلح الله باله) الخلل الأول . توقفت الحافلة مرة اخرى ، ومرة اخرى وجه نفس الراكب ذات النداء "بيهه صالح" . فاذا ما جاء دور الدولاب الثالث - وربما الرابع - واطلق صاحبنا نداءه التطميني "بيهه صالح " توجه اليه احد الركاب وكان يستشيط غيضا وغضبا صارخا في وجهه بانه لن يعود الى هذه الحافلة الگشرة " باللبناني معترة" مالم يغادرها "حجي صالح" . الغالبية العظمى من المسلمين تعتقد راسخة بان ما يجري هو مشيئة الهية وبالنتيجة فان عطل الدواليب الثلاثة كان بتدبير من الله . تصور ان الله خالق السماوات والارض يخطط لتعطيل دواليب !!! فهم والحال هذه لا يميزون بين الارادة والمشيئة . ويضيفون الى ذلك فهما خاطئا لمهمة الدعاء فتكتمل الكارثة . ليس على الله بعزيز ان يسير البشر وما يملكون وفق ارادته مثل الروبوتات اليابانية فذلك عليه يسير وهو عنده اهون من خلق جنح ذبابة ، لكنه عز وجل الزم نفسه بالعدل المطلق فمنح الانسان نعمة العقل وحرية التصرف به و التي تكاد تكون شبه مطلقة . فاما استغلال هذا العقل بطاقاته القصوى فيصبح حقا خليفة الله المرتجى على الارض عن جدارة ، او يحتفظ بهذا العقل المجمد في براد تحت الصفر المئوي الى يوم يبعثون فيتحول الى وحش كاسر مثل حارث الضاري او العرعور . والغالبية العظمى منا لا تقوى على التمييز بين ان ما يقع اليوم هو ليس من صنع الله وحاشا له ذلك لكنه من صنع البشر الباغي الطاغي الذي استغل هامش الحرية الواسع الذي وهبه الله اياه تمننا منه وفضلا . نعم رب العالمين مكشوفة له اعمالنا بخيرها وشرها من الازل الى الابد وهو اعلم بما يجري على هذا الكون الهائل بقضه وقضيضه ، وليس فقط على الكرة الارضية التي لا تمثل فيه اكبر من حجم حبة قمح وسط بيدر . ما ان تتحدث بهذا الموضوع مع نصف ملتح حتى يكتسحك تسونامي من الحوقلات والبسملات والهلهلات والسبحلات ، لحتى انه يوشك ان يغرز في دماغك رصاصة التكفير لولا بقايا كياسة فيه . قلت ان هذه الماساة تكتمل مع الدعاء وخاصة اذا كان مشفوعا بسجدة شكر كالذي فعله الجزائريون في مباراتهم مع بلجيكا عندما بادروها بالهدف الاول . فاستنشقت النجيلة البرازيلية الصناعية حر انفاس الساجدين الشاكرين العابدين الزاهدين . لحظات واذا بشباكهم تهتز بهدف ، ثم اجهز البلاجكة الكفرة "بثانية على المهزوم" . وليت اصحابنا الساجدين عادوا الى ماقبل السجدة اذ كانوا في وضع لا يحسدون عليه . ولعل قائلا يقول ان في خسارة محاربي الصحراء " صالحا " لانه تدبير الهي ، فاذا كان الامر كذلك فلماذا كل هذا الاستنكار والاحساس بالفجيعة و التشنيع بالمدرب البوسني المسكين ؟ ونحن نعيش اجواء مونديال البرازيل الممتع ، اسمح لنفسي بضرب مثل اخر وهو المنتخب الالماني الذي سجل رقما قياسيا في مشاركاته بالمونديال ( ١٠٠ مشاركة) رغم انه حرم من بطولتين . والامر لا ينطبق على الالمان فقط ، بل على كل المنتخبات التي جاءت لترفع راية بلدها في اكبر جمهرة رياضية . يبدو لي - والله العالم - انهم جميعا يطبقون باللاشعور واحدا من اهم تجليات نبينا محمد " عليه وعلى آله افضل الصلاة والسلام" ... (اعقِلْ وتوكل) . منذ اكثر من عام وهذه الفرق "تعقل " وهاهي اليوم تعمل بجهد سخي وتتوكل لتحصد ثمن عقلها. اما نحن فلا نعقِل ولا نعقَل ونريد من رب العالمين ان نتوكل عليه ليحقق لنا المعجزات كوننا الامة المدللة المرحومة . مواقع التواصل الاجتماعي تزخر بالدعوات لحفظ العراق وشعبه و قبله سورية وشعبها وربما بعدهما بوركينافاسو ، ابشركم بان هذه الدعوات لن تتجاوز حدود التراقي مالم يسبقها "اعقِل " . يكفي ان تلقي نظرة على ماجرى ويجري في سورية من دمار بالبشر والحجر لتعرف اين تذهب الدعوات . ربما سيظهر لك من يتنطع فيقول ان في ذلك "صالحا" ... ثلاثون الف طفل يقتلون خلال ثلاث سنوات في سورية !!! فاي صالح يستحق كل هذا البذل السخي ؟ شخصيا لا ارى اليوم امة تستحق ان ترد الحامية على مناخرها مثل ما نستحق نحن اليوم ... لاننا آلينا - مثل اللقيط عمرو بن العاص - الا ان نقبح وجه التاريخ بافكارنا و مجازرنا التي انسلت من ارحام تلك الافكار الهدامة . فماذا نحن قائلون غدا ؟ حييتم وبييتم
مقالات اخرى للكاتب