تواصل حكومة الاحتلال والعدوان الإسرائيلية حربها الإجرامية الدموية واجتياحها البري والجوي والبحري العسكري الواسع لقطاع غزة ، ويواجه شعبنا الفلسطيني الصامد الصابر الأبي آلة الحرب والدمار الهمجية ، التي تقتل الأطفال على شاطئ البحر وهم يسبحون ويلعبون بالرمال ، والنساء في بيوتهن ، والمصلين في المساجد ، وتقترف مذابح ومجازر ضد الإنسانية، ويسقط الشهداء بالجملة ، دون أي رادع إنساني أو أخلاقي .
ولا ريب أن هذه الحرب الهمجية المجنونة لم تكن تتم ويشتعل أوارها دون موافقة زعيمة الشر في العالم الولايات المتحدة ، التي ترى فيها جزءاً هاماً يخدم مخططاتها ومشاريعها في المنطقة الرامية إلى خلق معادلات جديدة ، وإعادة رسم خريطة الشرق الأوسط الجديد .
لقد جاء الاجتياح والتوغل البري في قطاع غزة بعد أن فشلت المؤسسة الصهيونية الحاكمة في تحقيق أهدافها العدوانية ، وتركيع الشعب الفلسطيني بالمزيد من القوة والبطش والجبروت ، وتصفية قوى المقاومة ، ومنع إطلاق الصواريخ على المدن والمستوطنات الإسرائيلية في الجنوب ، وبعد إخفاق محاولات وقف إطلاق النار نتيجة الغطرسة الإسرائيلية .
إن التصعيد العسكري الاحتلالي الخطير يجري في ظل الصمت والتواطؤ الرجعي العربي والعالمي ، والمواقف المتخاذلة والمتهادنة مع العدوان ، الذي عرى السلطة الوطنية الفلسطينية القابعة في الغرف المكيفة برام اللـه ورئيسها محمود عباس ، التي لم تعد تشكل سقفاً وبيتاً وإطاراً موحداً وجامعاً للشعب الفلسطيني وفصائله ، وتتآمر على المقاومة ، وتعمل على مصادرة القرار الفلسطيني وإذلال قوى وفصائل المقاومة في غزة العزة ، وكذلك مصادرة ما أنجزته وحققته من انتصارات على المحتل. وكانت الآمال العريضة معقودة على الرئيس المصري الجديد عبد الفتاح السيسي باتخاذ مواقف قومية وعروبية كما كنا نتوقع ، والوقوف إلى جانب المقاومة في تصديها لهذا العدوان الغاشم ، ولكن هذه الآمال والتوقعات تبخرت في أول امتحان له .
وأمام هذه الحرب الدموية هنالك مقاومة وطنية شعبية فاجأت الإسرائيليين وشكلت صدمة كبيرة لهم ، واستطاعت تغيير إستراتيجية المواجهة والمقاومة والتصدي للآلة العسكرية المدمرة .
المطلوب الآن هو ممارسة أوسع ضغط عربي وفلسطيني وعالمي ، ومن القوى الديمقراطية اليهودية اليسارية المحبة للسلام والرافضة للحرب على بنيامين نتنياهو وحكومته اليمينية لوقف عدوانها الذي لم تستفد منه سوى الهزيمة وخيبة الأمل، والذي لم ولن يحقق أهدافه العسكرية والسياسية المتوخاة ، والجنوح إلى الحل السياسي الذي يضمن إنهاء الحصار الخانق على قطاع غزة ، وفتح المعابر ، وإرساء السلام العادل والحقيقي والشامل على أساس الاعتراف بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني ، وفي مقدمتها إقامة دولته المستقلة فوق التراب الوطني في حدود الرابع من حزيران العام 1967 .