مدخل
========
تدور المؤسسات الاستخبارية دوما في فلك المعلومة , وتبنى كافة التشكيلات الادارية والتصنيفات الوظيفية داخل الاجهزة الاستخبارية لصالح تدفق المعلومات والافادة منها , ومن هنا لابد ان تكون الاولوية القصوى في الدوائر الاستخبارية لأذرع جمع المعلومات .
تتفرع وتتشعب اذرع الجمع الى انواع مختلفة من الرجال والمراكز والمحطات , مهمتها تحصيل المعلومات لصالح بوابات التحليل والاستنتاج وبناء القرارات السليمة.
وتنقسم اذرع الجمع الى قسمين اساسيين هما :
1- الاذرع الادارية : ونعني بها التشكيلات الادارية.
2- الاذرع البشرية: اي العناصر البشرية.
وتختلف التسميات والمسميات حسب الدول وانظمتها الادارية ووصفها الوظيفي . ولكن في الاعم الاغلب سنأخذ المشهور والمعمول به عالمياً في بحثنا.
==================
القسم الاول :الهيكل الاداري
==================
يقوم موقع ومسمى مركز جمع المعلومات وفق التصنيف الاداري للجهاز الاستخباري , فاذا كان جهاز الاستخبارات بمستوى وزاره فتكون احدى وكالات الوزارة مختصة بجمع المعلومات تتبعها مديريات في الجمع التخصصي , واذا كانت الاستخبارات بمستوى وكالة او جهاز استخباري يكون الجمع بمستوى مديرية عامة , واذا كان جهاز الاستخبارات بمستوى مديرية عامة فسيأخذ الجمع مسمى الفرع اي فرع جمع المعلومات واحياناً منظومة جمع المعلومات , وتجنباً للتداخل , سنعتمد في بحثنا على كلمة مركز جمع المعلومات , فللمركز عادة ستة شبكات مسؤولة عن جمع المعلومات بحسب تخصصها واجبها كما يلي :
1- شبكة الخدمة السرية : مهمتها ادارة المصادر البشرية لجمع المعلومات السرية. 
2- شبكة الرصد : مهمتها رصد الجهد العلني كالتلفزيون والراديو والصحف و شبكات التواصل وسواها .
3- شبكة المراقبة : مهمتها المراقبة الفنية كالرادارات والتنصت والمراقبة الالكترونية والكاميرات.
4- شبكة التواصل : مهمتها الارتباط مع المواطنين من خلال الخط الساخن او البريد او الانترنيت ومن خلالها يتم اعلان مكافآت مالية للابلاغ عن المطلوبين .
5- شبكة التبادل او التعاون : وفيها ضباط الارتباط مع الدول الصديقة لتبادل المعلومات.
6- شبكه التحقيق : وهي المسؤولة عن استحصال المعلومات الحاصلة من نتائج التحقيق وهو مانسميه بالتغذية العكسية .
===============
تصنيف الضباط ادارياً 
===============
يحدد العنوان الاداري لضباط جمع المعلومات الاستخبارية بحسب الشبكات المعلوماتية وكما يلي :
1- ضابط الارتباط : ويسمى ضابط خدمة سرية او ضابط مصادر بالنسبه للجهد السري.
2- ضابط الرصد : وهو ضابط مجموعة رصد المعلومات العلنية ( صحف , قنوات , وغيرها). 
3- ضابط المراقبة : وهو ضابط الجهد الفني كالتنصت والرادار والمراقبة الكترونية وغيرها.
4- ضابط التبادل : وهو ضابط الجمع الذي يتواصل مع الدول الصديقة من خلال السفارات والقنصليات واللجان العسكرية والامنية المشتركة وحتى اجهزة الاستخبارات الأخرى في البلد.
5- ضابط التواصل : وهو ضابط يشرف على مجموعة الخط الساخن او وسائل الاتصال او التواصل مع المواطنين ويستلم اخبار المواطنين و المخبرين.
6- ضابط المتابعة او ضابط التغذيه العكسية :وهو الذي يشرف على استخلاص النتائج من الاعترافات واقوال الاسرى والمعتقلين والمجرمين. 
==========
الترقيم السري
==========
وتقوم مراكز الجمع بترقيم خطوط انتاج المعلومات بأكواد سرية للتدليل على المعلومة ومصدرها والشبكة المسؤولة عنها ولضمان السرية في المخاطبات , ومثال ذلك : 
1- الشبكه السرية كودها (100)
2- الشبكه العلنية كودها ( 200) 
3- الشبكه الفنية كودها( 300) 
4- شبكة التواصل كودها(400)
5- شبكة التبادل كودها ( 500) 
6- شبكة التغذية العكسية (600)
ومن ثم ترقم المصادر وفق الاكواد , ومثال على ذلك تكون قناة الجزيرة بالرقم( 7/ 200) , ويتبين من الترقيم ان المعلومة من الشبكة العلنية وتحديداً من المصدر السابع هو قناة الجزيره وهكذا.
!======================
التوزيع الجغرافي وتقسيماته الادارية
======================
يوزع الجمع جغرافياً بحسب التالي :
1- العمل الخارجي : وتعتمد فيه تسمية المحطة , وفي الغالب , فان اعلى تشكيل ادارة لجمع المعلومات الخارجية هو المحطة, ويختلف واجب المحطة حسب التركيز والجهد والواجب فقد تكون محطة للاشراف على عمل الجمع في عدة دول او ثلاث محطات في دولة واحدة , بحسب اولوية البلد المستهدف وخطورة التهديد .
وفي حاله الاستخبارات العسكرية تكون المحطة هي استخبارات التشكيل العسكري اي استخبارات الفيالق والفرق والالوية وحسب انتشار قاطع المسؤولية , وخلايا الاستخبارات تكون سرايا او مجاميع الاستطلاع في الجبهة وايضا لديهم متعاونين من الساكنين في مناطق التماس والجبهة.
2- العمل الداخلي : يكون التوزيع الجغرافي فيه على ثلاثة مستويات جغرافية ووفق أماكن التهديد وهي :
أ – المنظومة : وهي غالبا للاشراف على اقليم او عدة محافظات او ولايات .
ب - الفرع : وهو لإدارة ولاية او محافظة واحدة. 
ج - المكتب : وهو لإدارة منطقة محددة 
ومثال ذلك ان تكون لدينا منظومة الجنوب لاداره المحافظات الجنوبية , و من ثم فرع البصرة لادارة محافظة البصرة , واحياناً مكتب خاص للمنطقة الحدودية لأهميتها (كما كان النظام السابق لديه فرع في ميسان ومكتب خاص للاهوار لخطورتها).
وعلى العموم فان مركز جمع المعلومات بحاجه الى ستة شبكات لجمع المعلومات والى اذرع في الخارج والداخل لإدارة ملف الجمع يمكن تسميتها بالمحطات. 
ولا يقوم مركز الجمع بخزن اية معلومات مهمة في المحطات , وعادة يكون الجمع في المركز وشبكاته الرئيسية فقط لحفظ السرية والمركزية وحصر المعلومات في ارشيف او مركز بيانات واضح.
===================
القسم الثاني : الاذرع البشرية
==================
تصنف الموارد البشرية في اذرع الجمع للعمل الاستخباري الى :
1- المصدر : هو شخص في جانب العدو لديه مدخل مباشر او غير مباشر بواسطة واحدة الى المعلومات (فقد يكون هو في داعش او يكون نسيبه على سبيل المثال من قياديي داعش وهو مانقصد به بالمدخل غير المباشر). 
2- المخبر: هو مواطن متعاون مع الاستخبارات ويزودها بالمعلومات من خلال اللقاء او الخط الساخن او البريد , وهو مواطن يعمل في اماكن تحتاج الاستخبارات معلومات عنها او تعتبر اماكن مهمة ومورد اهتمام الاستخبارات , كرعاة الاغنام في المناطق الحدودية وموظفو المطارات و سائقو التكسي و الاحياء المشبوهة بالحواضن و السفارات و شركات السياحة والسفر و الموانيء والمنافذ الحدودية و متاجر بيع الاسمدة والصيارفة و السجون و المساجد و المطابع والعراقيون المغتربون في الدول التي ينشط بها الفكر التكفيري وكذلك المخبرون ايضا في القرى الحدودية والقرى الواقعة على ممرات التهريب غير الشرعي في الحدود.
3- المجند او المتعاون : وهو شخص او مجموعة اشخاص في جانب العدو يقدمون خدمات مختلفة كنقل بريد و اموال و اجهزه اتصال و تنظيم مواعيد و شراء الصحف وتقديم خدمات ادارية مثل المبيت او الخزن او ايجاد تسهيل عملية سفر المصدر , فالمتعاون يوفر كل الخدمات دون القدرة على انتاج او استحصال معلومات , فهو بمثابه ضابط اداري للمصادر, ويكون حتماً في جانب او ارض العدو.
4- الخلية: وهي مجموعة مصادر في منطقة او دولة يعملون على جمع المعلومات وتسمى خلية استخبارات وقد يترأسها ضابط استخبارات.
5- ضابط الارتباط: هو الضابط الذي يرتبط به مصدر او مجموعة مصادر او خلية او اكثر ويعمل بمعيته عناصر متعاونون مجندون, وهو ضابط مهم جدا في دورة استحصال المعلومات فهو يغذي المحطة بالمعلومات ويقوم بتقييم الخلايا والمصادر ويبلغ الاوامر ويوجه العمل ويوزع الرواتب والمعونات مستخدماً شتى الطرق السرية .
6- ضابط المحطة: هو ممثل الاستخبارات وجهاز الجمع السري في دولة ما , وحاله حال السفير ولكن بشكل سري , ويدير مجموعة ضباط ارتباط ومتعاونين وضباط رصد ومراقبة وضباط تواصل وضباط تبادل ومجموعة من الضباط الاداريين .
===================
جنسية العاملين بأذرع الجمع
===================
الجهاز الاستخباري هو جهاز رسمي وشرعي لكنه يعمل باسلوب غير شرعي , ومن هنا فإن عمل اذرع الجمع يتطلب التعامل مع اشخاص لاتتعامل معهم اية مؤسسة حكومية اخرى , فيمكن ملاحظة وجود عناصر كثيره من غير المواطنين في مؤسسة الجمع , اي لايمكن استخدام اي شخص في المؤسسات الامنية والعسكرية من دون حملة الجنسية العراقية , بينما الاستثناء فقط للاستخبارات وتحديدا لأذرع جمع المعلومات , حيث يمكنها ان تجند اي شخص من اية جنسية .
مثلا جهاز المخابرات الامريكي سي آي أي يعمل بملاك 14 الف منتسب وهم بالطبع كلهم امريكان ,ولكن نفقات الجهاز سنويا من 65 مليار الى 100 مليار دولار .. اي انه يجند الاف الرجال والنساء من غير الامريكان في كل انحاء العالم ويدفع لهم الاموال لتحقيق جمع المعلومات.
===============
اجراءآت لضمان السرية
===============
تنتهج الاستخبارات بشكل عام هياكل تنظيمية تتصف بالمصّدات , اي انها تضع سواتر وقائية تدور حول المركز او مقر الجهاز.
وتنظر الاجهزة في اسلوب يسهل ويسرع عملية وصول المعلومه بشكل سريع وسري ويضع عدة دوائر كالخلية والمحطة والمنظومة والمركز والمكتب لتكون خطوط ومصدات تُصعِّب اختراق الجهاز وكشف تنظيمه امام الجواسيس ومؤسسات العدو.
وكذا الامر في مركز جمع المعلومات حيث يكون صارماً في الهيكلية بمركزه ومرن جدا في الاذرع, ففي بعض الاحيان يلجأ المركز لربط احد المصادر المهمة بمحطة اخرى غير المحطة العاملة في البلد المستهدف لزيادة الحماية للمصدر واهميته والخوف من اكتشافه (مثال المصدر عنصر من داعش في الموصل والطبيعي ان يكون ارتباطه بفرع او مكتب معلومات الموصل ولكن في حالات خاصة يرتبط بمحطتنا في تركيا وهكذا).
=============
قانون المخبر السري
=============
أقر النظام السابق قانون المخبرين في بداية السبعينيات وشجع على تعاون المواطن مع الاجهزه الاستخباريه والامنية وافرط في جعل الناس تتجسس على بعضها حتى أخذت العائلة تخاف من ابنائها.
الأمر الذي خلف تركه ثقيله من الحقد والاحتقان برز بعد سقوط النظام وتسرب ملايين التقارير إلى الناس مما أحدث ردت فعل عنيفه ضد المخبرين , الحقيقه كانت 90% من تلك التقارير كيديه وكيفيه.
اما بالنسبة لموضوع قانون المخبر السري فهو قانون تعمل به كل الدول المتقدمة وجميع الاجهزة الامنية المحترفة والاستخبارية.
ولم يكن العيب في القانون بل في مؤسساتنا الامنية فهي مؤسسات عملت لعقود بالأسلوب الحكومي المركزي اي ان الجهاز الاستخباري والأمني هو المسؤول على إنفاذ القانون والمدعي على المتهم
اي ان المحكمة تأخذ بملف الجهاز الاستخباري دون تماس مع المخبر السري ,اي ان المخبر السري مسؤول امام الجهاز الاستخباري والأمني وليس أمام المحكمة والجهاز هو المسؤول أمام القضاء , وهذا الامر اربك القضاء وافقد المخبرين المصداقية.
وكان من المفترض ان يكون ارتباط المخبر السري بالقضاة مباشرة لضمان الحيادية ودفع الامور الكيدية.
======
الخلاصة
======
تقوم الاجهزة المحترفة استخبارياً بتوفير كل الإمكانيات اللازمة لأجهزة الجمع وتعظيم كل الأذرع لكي ترتفع نسبة المعلومات وتصبح الاستخبارات قادرة على انتاج المعلومات بشكل كفيل بإنجاز أهدافها.
فلو نتصور أن كل تفجير ارهابي يكلفنا دماء لاتقدر بثمن واضرار مادية لاتقل عن 50 الف دولار فإن المعلومة التي تمنع هذا التفجير لا تكلف أكثر من 500 دولار, لذا لايجوز ان نبخل في اتعس الظروف عن تفعيل اذرع جمع المعلومات .
فلو كانت لدينا أذرع جمع فاعلة ومقسمة ببرمجة وبوصلة واضحة وتهديف علمي لكفانا عن الدماء ومليارات الدولارات التي صرفت على المؤسسة العسكرية وعسكره البلد والإضرار المادية والمعنوية , لذا فإن سعر المعلومات لا تقدر فائدتها بثمن اطلاقا, والله الموفق.