منذ ان عرفت الإنسانية والصراع بين الحق والباطل بين التحرر والإستعباد, تشكلت لها دول وحكومات وما كانت الأنظمة الاّ أليات لتنظيم الحياة والمحافظة على حقوق الشعوب, ونشر العدالة الأجتماعية والمساواة وتكفأ الفرص في العيش وتقاسم الثروات, قوانين شرعية ووضعية نظمت العلاقات داخل الدول وعلاقتها ومصالحها مع الدول الأخرى, تضمن بالبداية حق شعوبها وتعمل على توازن علاقتها الأخرى, وكتبت معظم الحضارات في دساتيرها العلاقات الدبلوماسية وضوابها الملزمة بين الدول من حضارة بلاد ما بين النهرين والحضارة الفرعونية والرومانية والأغريقية والصينية والهندية, وقال احد الفلاسفة الصينين ( قمة المهارة ان تخضع عدوك دون قتال) , ويعني إتباع الوسائل الدبلوماسية دون خوض الحروب وتكبد الخسائر لنيل غايات شعبه, وضعت فيما بعد القوانين الدولية ومواثيق الأمم المتحدة لضمان سيادة الدول, وعرفت سيادة الدولة بوجود الشعب و الرقعة الجغرافية او الأقليم والحدود والإعتراف الدولي والسلطة الحاكمة التي تمتد شرعية حكمها من شعبها.
الأنظمة الدكتاتورية تحاول حصر السلطات والصلاحيات بالنخبة والمقربين والعائلة ومصادرة حقوق الأغلبية, اما في الديموقراطية يكون فيها الشعب مصدر السلطات وهو من يقرر الحاكم وطبيعة النظام مع محافظة الأغلبية على حقوق الأقلية, وينظم اختيار الحاكم بالطرق المباشرة كما يفعل الاغريق سابقاً وعرف في الإسلام بالبيعة او الأنتخابات في العصور الحديثة, وتطورت هذه المفاهيم واستخدمت الدول الدبلوماسية العلنية الداخلية والخارجية, ومصارحة الشعوب ليعلن ما يدور في الكواليس من خلال المؤتمرات الصحفية ونقل ما يدور في الإجتماعات بصورة مباشرة عبر وسائل الأعلام لإطلاع الرأي العام, وكسب وده للتفاعل مع معظم القضايا, وفي بعض القوانين يتم العودة للشعب لأخذ رأيهم وقراءة الأفكاره من خلال مراكز البحوث الستراتيجية والإستبيانات, وكثيرا اليوم ما نرى على واقع الأرض في المشهد العراقي ونقرأ الخرائط الحكومية وسيادة السلطة طالما يتردد إرتباط بقاء هذا الشخص او ذاك بقبول هذه الدولة او تلك, والخرائط ترسم وفق ما تقبل به امريكا وايران والسعودية وقطر وتركيا ومصروالأردن والإماراتاو جزرالقمر... الخ , والقادة يستجدون العطف ويتوسلون بالدول لكسب رضاهم, من خلال تبادل الزيارات والعلاقات الدبلوماسية المتذبذبة واطلاق التصريحات وفق الأهواء الدولية, وهذا ما جعل الساسة العراقية اداة للمناوشات دولية وصراعات النفوذ وعلى حساب استقرار العراق وأمنه وإقتصاده, وحكومته مرتبطة بالمصالح الدولية, يرتضون لأنفسهم إرضاء الدول والبحث عن توطيد العلاقات التجارية والأقتصادية والسياسية, وإهمال الداخل وجعله سوق مفتوح لكل السياسات التي تصب في مصالح الدول مقابل مساندتم سياسياً ومادياً, وتعطيل طاقات شعبهم بالوقوف بوجه المشاريع الإستثمارية وتشغيل الشباب، الكفاءات العراقية, وهذا ما جعلهم يرتضون بالتعاقدات الزائفة والصفقات الفاسدة, محور ما يدور من تنظيم علاقات سرية اوعلنية تحت أيّ غطاء ويهدف لأهداف ذاتية دون ان يقدم مصلحة الدولة, والإنطلاق من تلك العلاقات الى النجاح في قيادة الدولة واستقرارها, يعد نوع من المصادرة للحقوق الشعبية وتسلق على الشعوب بخضوع للإرادة الخارجية, وإستيلاء نخبة من القادة السياسين على مقاليد الحكم على حساب رأي اغلبية الشعب وصندوق الإقتراع, وعودة لدكتاتورية تحقق مأرب الدول منتجة حكومة مليئة بالتعثرات وتصادم المصالح الداخلية مع الرغبات الخارجية ومعظم ما يدور اليوم في المنطقة صرعات طائفية وقطبية دولية, وبهذا يبتعد الساسة عن تطلعات شعبهم وإنطلاقهم للنجاح على اساس الثوابت الوطنية, وتكون معظم السياسة الخارجية للدولة في قراءات مختلفة تبع لطبيعة الطبقة وأيدلوجيات طموح تلك النخبة التي تتجاوز مباديء جماهيرها ومصادرة رغباتها وتطلعاتها.