عندما كانت حالة الصراع سائدة في اوربا بين دولها نصحهم حكمائها وعقلائها بالكف عن الصراع فيما بينهم والتوجه حيث مكامن العسل واللبن والمقصود المنطقة العربية فتوحد الجهد الاوربي واتجه نحو مكامن الخير . فكانت الحرب العالمية الاولى سنة 1914 علاوة على اسباب ذاتية في اوربا نفسها اقتصادية وجغرافية خسرت الدولة العثمانية كل شيء والتي كانت تمثل الدولة الاسلامية الممتدة على رقعة كبيرة من العالم في اوربا وآسيا وافريقيا , لم يبقى منها شيء سوى المساحة التي تقيم عليها تركيا حالياً لأسباب وعوامل ذاتية وموضوعية ومستقبلية مرّت بها الدولة العثمانية لا مجال لسرد تفاصيلها . على اثر ذلك تم تقسيم المنطقة العربية الى دول متعددة وتنصيب من تعاون مع المستعمرين الاوربين الصليبين اشخاص يقودون كتل بشرية كانت تتمثل في الغالب بالعشائرية ومجاميع مختلفة اخرى يحرّكها المال تناهض الدولة العثمانية متوافقة مع البريطانيين والفرنسيين تشد قياداتهم المغريات والوعود التي وعدوا بها يطلقون على حالهم هذا ؛ الثورة العربية ؛ بعد بسط نفوذ الدول الاستعمارية كان لابد من ادامة سيطرتها و حكمها من خلال العناصر التي تعاونت معها فكان ذلك . تم تأسيس دول متعددة ملكية تحاكي انظمتهم شكلاً لا مضموناً ملوك وبرلمانات و وزارات وهيئات ودساتير منظمة وفق مناهج الدول الاستعمارية مرتبطة بمعاهدات مجحفة وغير منصفة ولا منطقية . مما ترتب على هذه الدول وشعوبها دخولها في متاهات لا مخرج لها وخلق حالات من القلق وعدم الاستقرار ادت الى التأخير في مواكبة التطورات التي تحدث في العالم واستمرار الثورات ومناهضة الدول الاستعمارية الباغية من قبل شعوب المنطقة بالمقابل كانت الدول الاستعمارية تستخدم العنف المفرط ضد من يقوم بمعارضتها متجاهلة كل الاعراف الانسانية والقانونية والمنطقية المتعارف عليها والمعمول بها , بعد الحرب العالمية الثانية تغيرت امور كثيرة في الجوانب الاقتصادية والسياسية والعسكرية لصالح الكثير من شعوب العالم لكن الكثير من حكومات دول العالم الثالث وخاصة العربية منها ضلت متمسكة بالدكتاتورية وحجب الحقوق المدنية عن شعوبها والابتعاد عن مصالحها ومهادنة دول الاستعمار الباغي متقصدين في سبيل ضمان مصالحهم الفردية وبقائهم في الحكم مما خلق حال من التوتر وعدم الاستقرار والتطور , وفي حالة انبثاق حكومات تناقض ذلك نتيجة انقلابات عسكرية تحاول تغيير السياقات المعمول بها تتعرض الى حالة كبيرة من الاضطهاد والتآمر والاعتداء الاستعماري الصهيوني مثل ما واجهته مصر والعراق وسوريا .
المستعمرين بشكل عام يمارسون الديمقراطية والتعددية الحزبية دول علمانية بحتة نجحوا في قيادة بلدانهم بفصل الدين عن السياسة والخلاص من هيمنة الكنيسة والصراع الديني , هذه المشكلة التي كانت تعاني منها اوربا كدول استعمارية حاولت وتحاول تعميمها على من تستعمرهم وتتاجر نفاقاً بالديمقراطية والتعددية الحزبية والدولة المدنية وحقوق الانسان وفي الباطن تشجع الدكتاتورية واضطهاد الشعوب , والدكتاتورية اشكال مختلفة دكتاتورية فردية ودينية وقومية وحزبية وعشائرية ومذهبية كلها تعني الأستئثاربالسلطة والغاء دور الآخرين وتحجيمهم . والمستعمرين يشجعون على هذا كي تبقى الانظمة العاملة بذلك تحت سيطرتهم وفي تناقض دائم مع شعوبهم . العرب لم يتخلصوا من هذه العقدة المتوارثة من قبل الميلاد الى اليوم الكل يعرف ان الديمقراطية مصدر قوة للفرد والمجتمع لكننا لا نعرف كيفية استخدامها بشكلها الصحيح من الممكن تبديل الحاكم وتبديل نهجه لكن لا يمكن تبديل نهج ديمقراطي شعبي عام بسهولة وهذه الحالة تعتبر مشكلة للمستعمرين خذ اسرائيل مثالاً وخذ مصر في زمن جمال عبد الناصر والعراق زمن صدام حسين وبقية حكام الدول العربية الملكية والجمهورية رغم الاساليب المختلفة في التعامل مع المسألة الوطنية والقومية تبقى " العلة واحدة " عدم الاهتمام بالمسألة الفردية واعطائها الاولوية والارتقاء بها الى الحالة الاجتماعية العامة وبالتالي جعل الوطنية المرتكز الاول والاساسي للأنطلاق الى الحالات الاخرى مثل القومية والعالمية والانسانية العامة تجاه شعوب العالم المواطن والوطنية هم الاساس التي تتمركز عليها الدولة بقوانينها وأجرآتها وتوجهاتها , عندما يكون الوطن عزيزاً يكون المجتمع كذلك وبالتالي تكون الدولة قوية وعزيزة من عزة شعبها والعكس صحيح , مشكلتنا كشعوب عربية الافتقار الى هذه المسألة والعمل بها كثقافة سياسية اطارها ومحتواها العدالة الاجتماعية الشاملة لكل مكونات الشعب المختلفة دينية وقومية ومذهبية واثنية تعتبر الوطنية اساس ذلك كله , العمل بهذا يعني الاستقرار والامان والتطور والتكافئ والمنعة تجاه من يحاول الاعتداء ونهب خيرات البلد واذلال شعبه , علينا التفكير والنظر الى دول العالم كيف اصبحت قوية وما هي العوامل التي جعلتها تحافظ على قوتها واستقرارها وتطورها . العوامل الاساسية تكمن في الفرد نفسه اعطائه حقه كاملاً ومحاسبته على واجباته بالكامل ونفس المفهوم ينطبق على المجتمع الذي يتشكل من مجموع الافراد . متى ما يتخلص العرب من هذه " العقدة " سيتغير حالهم داخلياً وخارجياً ظمن محيطهم العاملين فيه ويصبحون ذا فاعلية وتأثير اقوى , المؤشرات تنبئ بان الشعوب نفضت يدها من الدكتاتوريات الفردية والحزبية والدينية والقومية وغيرها وتتطلع وتسعى بالقوة في اتجاه العدالة الاجتماعية تجاه الفرد والمجتمع . لماذا تكون اوطاننا طاردة لشعوبها وتكون دول اخرى حاضنة لهم لماذا نقلدهم في كل شيئ الا نظم الحكم لديهم وقوانينهم المتعاملين بها تجاه شعوبهم لماذا نعجز في ذلك , الشعوب تسأل هذا وثارت في مصر وتونس وسوريا والعراق وبالرغم من المؤامرة العالمية الاستعمارية الصهيونية الرجعية على ثورة الشعوب العربية ستستمر الثورة ولن تتوقف اوتهادن من يعتدون عليها ويستئثرون بحقوقها وخيراتها وستكون قاسية مع من يريد ويحاول استغلالها وحجب حقوقها المشروعة كائن من كان دول استعمارية خارجية او دكتاتوريات محلية . هذا الحال سيكون السمة الاساسية والمرحلة المستقبلية لدول العالم الثالث والدول العربية ولا مناص من ذلك ابداً , مؤشرات الصراع الحالية والتناقضات السائدة والمنظور للحالة المستقبلية لنتائج كل هذا توحي بالكارثة الحقيقية التي ستحل بحكومات وحكام المنطقة وداعميهم من مستعمرين وصهاينة . ايران تتاجر بالدين لتخريب الدين والاستئثار بحقوق العرب والمسلمين , والاميركان وريثي الاستعمار العالمي منتشين لذلك ومتعاونين معها للنهب والسلب والسيطرة وفرهدة خيرات العرب واسرائيل متكأة على وسائد الامان والاستقرار ضاحكة على مايحل بنا من كوارثرتصنعها بنا ايران الاسلامية بالمسلمين والحكام العرب بالعرب المسلوبي القوة والارادة والطغات العرب يلوذون بهؤلاء لا بشعوبهم بغية الحفاض على كراسيهم وعروشهم . لهذه المأساة لابد من الخلاص والتحرر والانعتاق من هذه العقدة الكارثية وسيكون ذلك بأذن الله .
مقالات اخرى للكاتب