الشرق الأوسط بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية، عبارة عن إسرائيل، نفط ، ومفترق طرق العالم، وإذا ما نظرنا للوضع الحالي، في منطقتنا الأوسطية، لوجدنا لبوة أمريكا( إسرائيل)، قد كبرت وأكتملت مخالبها وأنيابها، فلا يخاف عليها، من جيرنها العرب، فقد غدوا، دويلات تتقاتل فيما بينها، ولا شأن لهم بغاصبة أرض فلسطين، وأما النفط! فلم يعد مثل قبل، يستغل ليكون سلاح، يضغط به على أمريكا، فتنامي إنتاج النفط فيها، قلل من أهمية النفط في الشرق الأوسط، ووجود القواعد العسكرية، المنتشرة في هذه المنطقة، جعل من أمريكا حاضرة، حتى وإن غادرت.
لذلك قررت أمريكا إنسحابا" تكتيكيا"، من الشرق الأوسط، لتخلخل قوى التوازن، لصالح حليفتها إسرائيل، بعد أن شهدت المنطقة، فوضى عارمة، لتدخلها في دورة جهنمية للتقسيم والتفتيت، بثورات الربيع العربي، وهنا نجحت سياسة أمريكا لحد ما، في دمج إسرائيل، بدول الشرق الأوسط، وهذا المشروع الذي بدأت بتنفيذه، منذ بداية الألفية الثالثة، نجد ذلك جليا"، في هرولة دول الخليج العربي، إلى تطبيع العلاقات مع إسرائيل، وخصوصا" السعودية، من خلال رجل المخابرات المتقاعد، أنور عشقي، وبصورة علنية ودون إستحياء، وكذلك فعلت تركيا.
إلا أن السعودية هددت، الولايات المتحدة الأمريكية، جراء إنسحابها التكتيكي، من الشرق الأوسط، بسحب أصول أموالها المستثمرة، في الشركات والمصارف الأمريكية، والتي تصل إلى أرقام خرافية، تتجاوز الألف مليار، لكي تضغط على الولايات المتحدة، للعدول عن قرار إنسحابها، فالإنسحاب في حسابات السعودية، سيبقي المنطقة خاضعة ،لسطوة الجمهورية الإسلامية، خصوصا" وإن إيران، قد حققت إنتصار كبير، من خلال عقد الإتفاق النووي، مع أمريكا والدول الأوربية، ونجحت في كسر المشروع الداعشي الخليجي في المنطقة.
لكن الشيطان الأكبر، فاجأت رعاع العرب وجهالها، السعودية، وحكامها الغافلين، بمشروع قانون في الكونغرس الأمريكي، يقضي بتمكين عوائل ضحايا 11/9/2001، بطلب التعويض من السعودية، وقد أقر هذا القانون، والذي بمقتضاه سوف يتم الحجز، على الأموال والأصول السعودية، المستثمرة في المؤسسات الأمريكية، إلا أن الرئيس أوباما، لوح بنقض هذا القانون، وهنا نسأل، هل سيقر القانون؟ أم ينقض من قبل أوباما؟ وحتى نستوفي الإجابة، عن هذا الإستفهام، لا بد أن ندرك، تبعات الإقرار أو الرفض.
إن إقرار القانون يعني، إستقطاع قيمة الأضرار المادية والمعنوية، التي تسببت جراء حادث 11أيلول، من قيمة الأموال والأصول السعودية، التي تعمل داخل أمريكا، ثم إن هذا الإجراء، قد يتسبب بقطع العلاقات، بين البلدين، ويقلل ثقة الشعوب بأمريكا، وخاصة الحليفة منها، كما سوف يتسسب بضعف العلاقات التجارية، بين البلدين، لاسيما في مجال التسليح، الذي يصل حجم التبادل فيه سنويا"، لأكثر من 50 مليار دولار، وهنا يتبين لنا،إن إقرار القانون خسارة كبيرة لأمريكا، فإقراره لن يكون، وللأسباب أعلاه.
إذن إدارة أوباما، ستكون جادة في نقضه، ولكن، هل لسواد عين السعودية؟ قطعا" لا، وإنما بشروط أمريكية، سوف تملى على المملكة الداعشية، فأن إقرار هذا القانون، يجعل السعودية في عزلة سياسية عالمية، لذا فإن الحكومة الأمريكية، سوف تبتزها وتروضها، في دعم مشاريعها التوسعية الإستعمارية،وتجعل من السعودية مطية، تسوقها متى شاءت، لذلك فعدم تمرير القانون، فيه منفعة للأمريكان أكثر وأكبر، فشد الحبل أفضل من قطعه، فصاحب الحبل، يسحب مطيته لأي مكان شاء، وفي أي وقت
مقالات اخرى للكاتب