كثير من الاسئلة تفرض نفسها حول الازدواجية الواضحة في مضامين الخطاب السياسي المعلن عن مسؤولي الكثير من دول المنطقة في التعليق على التدخل الروسي المباشر في الصراع السوري ، حيث المفردة المشتركة في خطابات الجميع لم تخلو من الاشارة الى محاربة الارهاب وحواضنه ، ولكن تلك النغمة فقدت تاثيرها تماما عندما تكشفت الحقائق جلية ان معظم تلك الدول لها يد بشكل او باخر في تاسيسها وفق مصالح سياساتها وتقديم الدعم والاسناد لتلك القوى الظلامية ، ومدها باحتياجاتها من المعدات والعتاد العسكري المتطور والدعم اللوجستي والمالي وكذلك السياسي من خلال الدفاع المستميت عنها في المحافل الدولية تحت ذرائع واهية ، واخيرها عندما اعلنت شركة تويوتا عن اسماء الشركات والدول التي استوردت سياراتها الـ(ستين الفا) من نوع هيلوكس ولاندكروز دفع رباعي التي يستغلها الارهاب ، لذلك ان موضوع تشكيل التحالف لم يكن في حقيقته الا ذر الرماد في العيون ، وتفسير المشاركة الفاعلة لدول الاقليم فيه يتعلق بتبعيتها قلبا وقالبا مع توجه الدول العظمى ، حيث لايوجد لتلك الدول من قرارمستقل الا الموافقة التامة على السياسات المتخذة من قبل الكبار والخضوع والاستسلام لها حتى لو كانت تتعارض مع مصالح كل شعوب المنطقة وجرها الى الفوضى والدمار والخراب الذي تعيشه منطقتنا اليوم ، وبدون جهد يتكشف فشل حرب ذلك التحالف بعد اكثرمن عام على التنظيمات الارهابية ، رغم ما تتمتع به دول التحالف من القدرات العسكرية الضخمة من رسم الخطط الحربية في غرف العمليات الاكثر خبرة واستعمال طائرات الاحدث طرازا وبتقنيات حربية عالية للرصد واستقصاء المعلومات عبر وسائط الاقمار الصناعية الاستخبارية .
وهنا تبدو الامور اكثر غموضا وضبابية عندما لم يتحقق شيء على ارض الواقع بل بالعكس اتباع سياسة خلط الاوراق تحت ظل استمرار اتساع وانتشار وتعدد اسماء تلك المجاميع الارهابية وعنواينها ومرجعياتها ، ولكن عندما نتكلم عن حقيقة الفشل بعدم تحقيق تغيير في موازين القوى ودحر تلك المجاميع الارهابية لم يكن عجزحقيقي اوفعلي في قدرات التحالف ، وانما يتناغم ذلك التسويف والتطويل في استمرار التوتر والنزاع مع مصالحهم السياسية المرسومة للمنطقة بتعميق التقاطع في السياسات الخارجية لدول المنطقة وتطرفها وحدتها وغياب الدبلوماسية المعتدلة في خطاباتها واعتمادها النفخ في النار من خلال التاجيج الطائفي والقومي الذي قسم المنطقة الى اقطاب متصارعة على الاساس الطائفي كعنوان اساسي في التصنبف ورسم التحالفات حتى وصلت الامور الى التهديدات العلنية بين العديد من الاقطاب الدولية الفاعلة في المنطقة .
ولكن بعد النتائج التي حققها التدخل الروسي في سوريا وقلب الموازين ورفع الغطاء عن المستور بضرب اوكار الشر وبنتائج ملموسة على خارطة الصراع ، الاخبار التي تتناقل عن امكانية تدخل روسي في محاربة الارهاب على ارض العراق بعد تشكيل مركز معلومات امني في بغداد ، دفع تلك الدول الى تغيير سيناريوهاتها قسريا بعد ان اميط اللثام عنها والعمل على اعادة استراتيجيتها التي رسمت سابقا على ان تبقى الحرب مفتوحة لسنوات عديدة وتظل اراضينا تحت وطاة تلك المجاميع والتنظيمات الاجرامية ونبقى تحت رحمة مساندتهم او دعمهم في تحرير ارضنا ، وذلك يترجم بوضوح الانتصارات الاخيرة التي تحققت في جبهات المواجهة مع التنظيمات الارهابية حيث لاحت فرصة حقيقية لتقريب النهاية لكابوس الارهاب التي ارادوا منها بكل الاساليب والوسائل ان تكون بعيدة المنال عن يد العراقيين .
مقالات اخرى للكاتب