في مجتمعاتنا ليس اشنع من ان تتهم بتغيير راي او عزوف عن فكرة سابقة ، حتى اصبحنا نتعامل مع استبدال فكرة بفكرة اخرى ، او راي براي اخر ، وكانه جريمة اخلاقية ينبذها المجتمع و يطالها القانون . رغم ان سنة الكون والطبيعة هي التغير المستمر من حال الى حال وفي كل لحظة ، وما تبدل الفصول والانواء فيها الا دليل بارز على ذاك . كنت اناقش احد ارحامي على النت عن موضوع خروج الشعائر الحسينية عن اي ضابط مشيرا الى ان هذا الامر آخذ بالتفاقم عاما بعد عام مع سكوت المرجعيات الدينية وضعف الدولة وهزال الوعي الجمعي . بكل سهولة ظن صاحبي انه سيصيبني في مقتلي عندما اتهمني بان الغرب "يعني اميركا" هي السبب في هذا التحول المريع في حياتي الفكرية . واستشاط اخونا في الله غضبا عندما اكدت له صدق تحليله النابغ بكل برود مؤيدا تاثير الغرب ، و مضيفا انني لا استطيع رؤية الطوفان وانا في وسطه . و احتاج الى جبل يعصمني لانظر من اعلاه الى ما يجري لاميز الطيب من الخبيث . طبعا كنا نتجاذب اطراف الحديث المتوتر فيما كان المكان الذي يتحدث منه محاوري يضج بلطميات المله باسم الذي احمله وامثاله مسؤولية تضليل جيل كامل من شباب الشيعة وجعلهم يتسابقون على اقتناء اخر "حفلاته "الايمانية فيما البلد غارق في بركتين موحلتين . بركة دم وبركة ماء فاذا خرج من الاولى اوغل في الاخرى . وقد يحدث ان يوغل في الاثنين في آن واحد لكن لا يحدث ان ينجو من احداهما . واوشك صاحبي ان يفقد اتزانه عندما افهمته ان اخر مرة سمعت فيها صوت مله باسم - و من دون قصد مني -كان قبل اكثر من ١٥ عاما في حي السيدة زينب المنكوب . حينها اقترح علي ان اعود فورا الى العراق او ايران قبل ان تزل قدمي بعد ثبوتها . فالمسكين صاحبي يعتقد جازما بان التحول عن ملـّة مُله باسم هو التحول عن دين محمد "ص" ما يعني الارتداد بعينه والعياذ بالله . يعني ان اللطمية بالنسبة لصاحبنا وللملايين من امثاله اصبحت مسالة مبدأ بحد ذاتها وهي عماد الدين وخيمته الوارفة . لست الذي توصل بذكائه لهذه القناعة ، هو بلحم لسانه وشحمه اكدها ، ثم اردف قائلا : بدأت اشعر بالمسؤولية على مصيرك لانك متغير جذريا وانك نزعت جلد الامس . مرة اخرى استشاط غضبا عندما اكدت له تغيري الجذري ونزعي جلد الامس وانني انزع هذا الجلد في كل يوم بل وفي كل ليلة وهذا هو فرقي مع الجمادات التي تحتاج الى تسونامي ياباني لتتزحزح من مكانها الذي وجدت فيه . واوضحت له ان غايتي الوصول الى الحقيقة وليست لتحقيق مصلحة شخصة آنية … بييييب … انقطع الاتصال واظنه سيبقى مقطوعا الى الابد فالرجل وهو من اترابي لا شك انه بدأ يخشى على مصيره مني و من تيار التغيير اذا ما واصل النقاش . عظمة محمد بن عبد الله "صلى الله عليه وآله وسلم" ان التغيير كان خلاصة رسالته وانه نزف دما واعصابا من اجل انجاح مشروعه التغييري حتى ينقل عنه قوله الشريف : ما اوذي نبي كما اوذيت" . تصوروا انسانا من لحمنا ودمنا وانفسنا يبعث لاكثر خلق الله صلافة و جلافة وعصبية وتخلفا ثم يخلق منهم مجتمعا مدنيا تحكمه قوانين تنظم الحياة . كيف لا وهو القائل : (المغبون من تساوى يوماه) . ترى كم خطيبا منبريا يروي هذا الحديث على مستمعيه ويشرح لهم ابعاده ؟ أظنه لو فعل ذلك صادقا فانه لن يجد في اليوم الثاني مستمعا لخطبته العصماء سوى المله الباسم وصاحب الماتم الشريف .
مقالات اخرى للكاتب