أنا لا أعلم بالغيب،ولو كنت كذلك لما بلغ مني التهميش مبلغه ،لأن حديدي قاوم النار فلم تصهره،ولا أقرأ بالفنجان أو أضرب بالرمل أو الودع ،وليس لي قرين ينقل لي أخبار السموات والأراضين ،لكني وبحمد الله ماهر في قراءة الواقع وإجراء القياس ،والخروج بتوقعات صادقة بإذن الله،مع أنني لا يوحى إلي ولا أستعين ب"صديق"،أي أنني أكتب بقلمي وأفكر بعقلي وراض بقدري.
ما دعاني لذلك هو توقعاتي التي لا تخيب بأن مجلس النواب الحالي " الثامن عشر"،سيوافق على إتفاقية العار التي يطلق عليها "غاز العدو إحتلال " التي رفضها المجلس السابق، ووقعتها الحكومة في مرحلة لا برلمان فيها ،وسيضرب هذا المجلس مزاج الشعب الأردني الحاد بعرض الحائط ،وحتى لا نظلم أحدا فإن ثلة من النواب سيرفضون التصويت لصالحها بعضهم ينطلق من موقف مبدئي والبعض الآخر سيرفضها لزوم اللعبة المعدة سلفا .
قلت في المقدمة أنني لا أعلم بالغيب ولا أضرب بالودع ،ومع ذلك لدي الأدلة القاطعة على ما أقول واهمها أن الرافضين لإتفاقية العار تم إستبعادهم من البرلمان بطرق شتى ،وحرموا من العودة إلى المجلس والجلوس تحت القبة،حتى أن النائب السابق هند الفايز سرقت صناديق دائرتها دائرة بدو الوسط ،ورغم إعترافات المسؤولين بذلك إلا أن القضاء مرر القضية بسلام .
هذا الوضع المعيب الذي نتحدث عنه وسيكلفنا كثيرا من مخزون كرامتنا ،يقودنا إلى سؤال حول النائب الذي نريد، والنائب الذي نريده بطبيعة الحال هو صاحب الخبرة ونظيف اليد ومن يتمتع بالحكمة وحباه الله بالإستقامة،ولديه القدرة على فهم الأمور من أجل الخروج بتشريع حكيم، أي أننا نريد رجال تربية وسياسة وقانون ودين وعلم يتمتعون بحنكة وأفق واسع ،ولا نريد نوابا أثرياء دخلوا المجلس بتشبيكاتهم ومالهم السياسي ليزدادوا نفوذا على نفوذ وثراء على ثراء ، وينضمون لنادي نواب"الألو "،حرصا منهم على مصالحهم وفي النهاية يحسبون علينا انهم نوابا للشعب يشرعون له ويراقبون الحكومة!!!!!ومن هذا المنطلق أرفض الكوتا النسائية والكوتات العرقية والإثنية والدينية ، من منطلق أننا نريد نواب وطن وليس نواب حارات أو عشائر.
ما يندى له الجبين هو أن بعض السادة النواب أظهروا عجزا حتى في أداء القسم مع أنه باللغة العربية،وهذا فأل سيء لهذا المجلس الذي سيسجل حالة حرجة تربكنا جميعا لأنه لن يصوت لصالح رغبات الشعب بل سيكون حكوميا أكثر من الحكومة ،والغريب أن بعضهم في الدورة الأولى لإنتخاب نائب الرئيس صباح الثلاثاء الماضي صوت للخمسة المرشحين مع أن المطلوب هو التصويت لمرشح واحد، وآخر صوت لمرشحين إثنين ،كما أن احدهم صوت لنفسه ،وهذه وأيم الله كارثة ،وإن دل ذلك على شيء فإنما يدل على عدم وجود خبرات متراكمة تؤهل هؤلاء حتى يكونوا نوابا للشعب .
يبدو أن بعض السادة النواب في المجلس الحالي لم تصلهم الرسالة وهي أن النيابة هي خبرة وقانون ودراية وعلم ،وليست وجاهة أو قدرة على التلون والليونة من منطلق مال مع الريح حيث تميل.
مقالات اخرى للكاتب