كلمة تحولت إلى ظاهرة اجتماعية يرددها جميع العراقيون أينما حلو ويكاد لا يمر وقت طويل على أي عراقي إلا ويجد لها موضعا بين ثنايا حديثه مع الآخرين فأخذوا يهزأون بها من كل ظاهرة غريبة تلقاهم خلال حياتهم اليومية فيقال هذا الشرطي منفيست وهذا المعلم وهذا الضابط وهذا السائق وكل شئ يعتقدون انه ليس على مايرام .
هذه المنفيست أصبحت اليوم وبالا على العراقيين وخاصة الفقراء منهم والذين يمتلكون السيارات القديمة ذات اللوحات السوداء بعدما حددت الدولة فترة زمنية قصيرة لاستبدال هذه اللوحات إضافة إلى منافذ قليلة مما حدا بآلاف منهم أن يبيتوا في أبواب هذه المنافذ بغية الحصول على فرصة لانجاز معاملاتهم التي دخل على خطها أبناء الحرام من المتصيدين بالماء العكر من الوسطاء الغير شرعيين ساعدهم في ذلك جهاز فاسد من شرطة المرور وموظفي الكمارك حتى أصبح ثمن ترويج المعاملة يتعدى الألف دولار أميركي تؤخذ دون وجه حق في ظل إجراءات حكومية فاسدة تساعد على انتشار هذه الظاهرة علما بان اغلب المراجعين من أصحاب السيارات القديمة لا يمتلكون قوت يومهم مما يكونون مضطرين للاستدانة من اجل انجاز معاملات سياراتهم فبل أن تصبح (خردة) لتجد من يبخسون الناس أشيائهم ليعرضوا مبالغ زهيدة مقابل سياراتهم التي هي مصدر معيشتهم .
النزاهة من طرفها تركت الحبل على الغارب ودعت هولاء الفاسدين يزاولون أعمالهم الدنيئة دون مسائلة قانونية ودون أن تحرك أجهزتها الرقابية لمتابعة هكذا أمور تدخل في صلب حياة المواطن العادية .
حدثني احد الأصدقاء بان احد اقاربة ممن يزاولون مهنة التعقيب امتلك دارا سكنية في بغداد بعد إن عمل في ترويج هكذا معاملات في غضون اقل من سنة فكيف هو حال ضباط المرور وشرطتها وموظفي الكمارك الذين يعملون كالمنشار الذي وصفه إخواننا المصريون ( طالع واكل راجع واكل) .هذا الصديق اخبرني بان قريبه طيب الذكر حدثه بان المعقبين يدخلون من الأبواب الداخلية وحتى الفراش الذي يقف على باب غرفة الموظف يحصل على رصيد موبايل عن كل دخول إلى الغرفة..
الحكومة والبرلمان من جانبهما غارقان في مهاترات سياسية لا نهاية لها مثل حكاية البيضة والدجاجة والمواطن مغلوب على أمره أما أن يستدين أو يبيت في الشوارع بغية الحصول على موطئ قدم في هذه الدوائر أو أن يبيع مصدر رزقه بتراب الفلوس..هكذا هي حياة العراقيين أصبحت كلها ( منفيست ) ولا تظن الله بغافل عما يفعلون.
مقالات اخرى للكاتب