اعلم أن العدوان على الناس في أموالهم ذاهب في آمالهم في تحصيلها لما يرونه حينئذ من غايتها ومصيرها انتهابها من أيديهم، وإذا ذهبت آمالهم في اكتسابها وتحصيلها انقبضت أيديهم عن السعي في ذلك. وعلى قدر الأعتداء ونسبته يكون انقباض الرعايا عن السعي في الاكتساب، فإذا كان الأعتداء كثيرا عاما في جميع ابواب المعاش كان القعود عن الكسب كذلك لذهابه بالآمال جملة". مقدمة ابن خلدون. وبالجملة، فإن ابن خلدون يشير إلى مسألة بالغة الأهمية، ألا وهي أن على الحاكم ملاحظة الظلم الذي قد يقع على أبناء رعيته، خاصة عندما يتعلق هذا الظلم بمعاشهم وقوت عيالهم لأنه (( كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته)). الديمقراطية، نظام سياسي يمارس الشعب فيها حكم نفسه من خلال الإنتخابات، الأمر الذي يكرس حق المواطنة والمشاركة، فالحق كفله الدستورللمواطن من خلال الترشيح والأنتخاب؛ والمشاركة مفهوم ذو معنى سياسي وثقافي، والجامع بينهما هي القنوات الدستورية؛ والتي نبني من خلالها الدولة العصرية العادلة. بدأت تجربتنا النيابية بعد سقوط الصنم بالإستفتاء على الدستور؛ والذي صّوت له غالبية الشعب العراقي وبعدها تم إنتخاب حكومة جاءت عن طريق صناديق الإقتراع، لكن هذه التجربة شابتها وماتزال تشوبها بعض الأخطاء؛ مثلما هي في التجارب الوليدة، وهذا لا يعفي القائمين على السلطة اليوم بأنهم جزء من الأزمة، إذ يقع العبء الأكبر عليهمفي ضرورة إيجاد حل لها، لأنهم مسؤولين أمام الله عن كل شاردة وواردة تحصل هنا أو هناك. بل على على العكس نرى تهميش من قبل القائمين على الحكم اليوم لبقية الشركاء وتفرد من قبلهم في إتخاذ القرار، وإنتقائية في تفسير القوانين التي تصب في مصلحتهم، دون ان يضعوا مصلحة المواطن في الحسبان؛ إلا عندما تقترب مواعيد الإنتخابات تتصدر اللافتات شعاراتهم الرنانة في العزم والبناء... وعلى أي شيء عزموا، وما الذي سيبنونه !!عموما ما بنوه ليس إلا مشاريع فاشلة...إقلع رصيفا وأعد بناءه...ثم أقلعه ، وهكذا للمرة العاشرة في كل عام..! وهذا ديدنهم ؛ لأنهم لصوص وفاسدين ومرتشين غلغلتهم أنانيتهم وتفردهم في كل مفاصل الحكومة، فغدت وكرا للعهر السياسي. اليوم ، وإذا لم يضربوا ضربتهم التالية ويؤجلون الأنتخابات برمتها، وليس في الأنبار ونيونوى فقط، وهذا ما ستكشفه الأيام القادمة، فإن واجب وتكليف المواطن الشرعي هو أن يقدس صندوق الإقتراع؛ ويجعل موعد الأنتخابات موعدا مقدسا، يسعى اليه على ركبه، وليس الجلوس في البيت والعزوف عن الإنتخابات، وهذا ليس رأي كاتب مثلي، بل رأي مراجع الدين بلا إستثناء (سنة وشيعة)، لكي ينتخب المواطن من يعتقد حقيقة أنه سيلبي طموحاته وآماله في كل ماتحتاجه محافظته من خدمات، ونشير الى أن على المواطن الإلتفات الى مسألة غاية في الإهمية، إذ أن الإنتخابات المزمع إقامتها في ال ـ 20 من نيسان هي انتخابات مجالس محافظات، وليست انتخابات نيابية لمجلس النواب.. ما يعني أن المواطن يتعين عليه الإنتباه الى الوعود التي يقطعها المرشح، هل هي في هذا الأطار أم لا... مقال: إنهم دخلوا فصل الخريف باكرا، ولا بد لهم من جرعة كبيرة من فقدان الحس كي يواجهوا هذه الحقيقة....!
مقالات اخرى للكاتب