ألتحق معنا هذا اليوم ضابط شرطة برتبة لواء هاشم هادي أسماعيل وقدم أقتراح حول كيفية توزيع دوريات اللجنة وتهيئة مقرات لمديريات الشرطة، وقلنا له نسق مع لواء زهير . وجاءنا أيضا الدكتور عمر الكبيسي وهو طبيب قلبية معروف يعمل في مستشفى ابن البيطار ومديرا له وطلب المساعدة في أصدار تخويل لتحريك سيارات المستشفى والعمل على أعادة المكائن والمعدات التي بحوزت منسوبي المستشفى أو تتبع المسروقات، وزودناه بما يريد ( عندما كتبت له تخويلا بأستعادة كل ما يخص المستشفى ) وباشر بعمله . حصلنا على عدد من أجهزة الثريا من القوات الأمريكية، حيث كان لدينا جهاز موبايل واحد جلبه الزبيدي معه من الخارج أعطينا واحدا من أجهزة الثريا ألى ولدي ( علي ) وطلبنا منه الجلوس في مكان مكشوف لتأمين الشبكة الهاتفية، وكان يرد على أتصالات بعض أقطاب المعارضة في الخارج، مثل ( الدكتور أحمد الجلبي) و( الشريف علي بن الحسين ) و ( دكتور اياد علاوي ) ......وغيرهم . وزعنا أجهزة الثريا على رؤساء اللجان الفرعية الخدمية المهمة وطلبنا منهم الأسراع بتقديم أسماء أعضاء لجانهم والمباشرة في وزاراتهم، كما جائني شاب للأسف لم أدون أسمه وذكر أن هناك آثارا عائدة للمتحف العراقي مخزونة في ملجأ حصين خلف جامع أم الطبول يتعرض لمحاولات السرقة من قبل الحواسم الأراذل، فقلت له تلاحظ عدم وجود قوات عسكرية لدينا، ونطلب همتك وهمة شباب المنطقة بعدم السماح لمثل هؤلاء بطمس تأريخ العراق الخالد، وأن الحكومة ستشكل قريبا وسيعود كل شيء الى طبيعته ( هكذا كنا نظن )، وغادرنا هذا الشاب مكسور الخاطر، ولا أعرف ماذا حصل للأثار هناك بعد ذلك . شاهدت شاب مقطوع اليد من الرسغ أعتقد أن أسمه نزار حيث قطع النظام السابق يده بجريمة تعامله بالدولار وطلبنا منه عرض مآساته على وسائل الاعلام، وهو واحد من تسعة أشخاص يمتهنون التجارة تعرضوا لهذه الجريمة البشعة، توفي أحدهم وهو شاب كردي فيلي ( كاكا عزيز أن لم تخني الذاكرة )، وقد استقبل الرئيس بوش في وقت لاحق سبعة منهم في البيت الأبيض بعد أن نقلوا الى الولايات المتحدة الامريكية عن طريق ألمانيا وسط أهتمام رسمي وأعلامي كبير، وأن أحدهم كان قد هرب الى هولندا زمن النظام السابق ومسكه ضابط الجوازات عند الحدود الاردنية وخلصه ( أصيل طبرة حسب ما ذكر لي لاحقا والذي كان يترأس فريق كرة القدم الذي كان متوجه الى العاصمة الاردنية ) . فعندما سمع محافظ المدينة الهولندية التي يعيش فيها بلقاءه مع بوش، زاره في داره، وأخذ الصورة التي ألتقطت له مع بوش وعلقها في باب مدرسة أبن المجنى عليه، والأن يشكوا أكثر من أربعة آلاف مواطن من المقطوعة أجزاء من أجسادهم قلة الاهتمام بهم، فمتى ينزل مسؤولينا الأكارم من بروجهم العاجية ويدخلوا بيوت الشهداء والارامل والمظلومين ويتعايشوا مع مآسيهم الدامية، ومتى يعقد أجتماع دولي لهؤلاء الناس كي يعرف العالم بمظلوميتهم، في وقت تعقد مؤتمرات على قضايا أقل شانا وأوطأ أهمية، تنفق عليها أموال طائلة فيها الصحيح وغير الصحيح . في هذا اليوم جائنا ضابط أمريكي هو( الكولونيل كنك ) وهو من المتقدمين مركزا في القوات الامريكية ويمتاز بدهاء وفطنة كبيرة وقدرة على المحادثة والمناورة، وكان رئيسا لوحدة عسكرية مدنية أعتقد انها مرتبطة بأحد الأجهزة المخابراتية، وتضم أقساما عديدة في مجال المعلومات والخدمات الانسانية، وقد نجح هذا الضابط نجاحا باهرا في عمله ورقي الى رتبة اعلى في وقت لاحق، وأجري له أحتفالا كبيرا في ساحة الأحتفالات، حضره الجنرالات الأمريكان الأعلى درجة في الجيش الامريكي في العراق، دعيت له وشاهدت عدد كبير من الفتيات العراقيات الجميلات يشرفن على ترتيب الحفل أو التقاط الصور للحضور، عرفت فيما بعد أنهن من بقايا اللجنة الأولمبية في سكرتارية عدي ومن بينهن أبنة سفير، وكان بين المدعوين معي المرحوم الشهيد السيد آياد شبر الموسوي، كما شاهدت من بين الحضور العراقيين وهم بعدد اصابع اليد الشهيد عزيز الياسري، وعدنان الجنابي عضو مجلس النواب الحالي . وأتخذ هذا الضابط من قصر المؤتمرات مقرا له بعد مدة من الزمن للقاء شيوخ العشائر والشخصيات المهمة . وعودة الى زيارة الكولونيل اللبق كنك لنا في فندق المرديان يوم 16/4 الطابق الثالث، والذي كان حديثنا معه مطولا بدأه قائلا : مهمتنا مسؤولية حماية بغداد والاشياء المهمة التي نتفق عليها، وأعادة الماء، والكهرباء، والصحة، والنقل، والمواصلات، والبناء وأستطرد قائلا لا صلاحية لدي حول طبيعة الحكومة في بغداد ( يشير الى عمل لجنتنا )، وأن هدفي أن تكون بغداد آمنة ( هذا يتناقض مع عدم منع عمليات السلب والنهب )، وعملنا معكم هو التعاون في هذا المجال وأمل أن نتفق كأصدقاء، وأود أن اعرف هل أن من بين الموجودين من كان متعاون مع صدام ؟؟؟ وما هي الأشياء التي قمتم بها في المدينة الايام السابقة ؟؟؟ وكذلك أشار الى طرح الافكار بحرية، وهذا لايعني الموافقة على كل شيء يطرح، ثم ركز على الديانات الثلاثة الاسلام والمسيحية واليهودية، وقال أن نبي الله أبراهيم (ع) أبو الأنبياء جميعا وأن كل معتنقي الديانات يتوجهون الى الله وأن اختلف الأسلوب، المهم بالنسبة لنا حرية الأديان والشعائر لاننا نعرف أن هناك رب واحد، ولا يستطيع أحد ان يجبر آخر على اختيار دينه بالقوة . وطلب ازالة صور صدام المتبقية، وأكد على اننا جلسنا معا وتعاونا وسنتعاون على أمن وحرية بغداد، هذا جوهر كلام الكولونيل الذي رد عليه الزبيدي قائلا : أنا ممثل الجلبي، وألتقينا بعلماء الدين وقمنا بالاجراءات لاعادة الحياة بشكل طبيعي في مجال الماء، والمستشفيات، والدفاع المدني وسنقوم بجولة في بغداد مع الضباط المسؤولين، وأن وجهاء بغداد ورجال الدين حضروا وأبدوا تعاونهم معنا، وهذا يعتبر بمثابة أنتخاب لنا، وغدا عندنا أجتماع أخر معهم للتباحث حول ما تحتاجه بغداد، وأنا نحتاج الى مساعدتكم في رفع أكداس العتاد، والاسلحة المختلفة المتروكة في كل شوارع بغداد، والساحات، وكذلك معالجة موضوع اللقاحات التي دمرت وتهدد البيئة، فضلا عن المشاكل الخطرة في الفرن الذري (( حيث راجعتنا مجموعة يوم 15/4 ( اليوم السابق ) من المختصين في لجنة الطاقة الذرية، وشرحوا الكارثة التي ستحل ببغداد اذا لم يردع الحواسم الذين أخذوا يعبثون بمركز البحوث النووية في سلمان باك واسماء المجموعة هم : 1- دكتور محمد زيدان 2- دكتور فاضل محسن التميمي 3- الفيزياوي يحيى عبود، شرحنا للأمريكان ما ذكرته لنا هذه المجموعة ولكن تحركهم لأيقاف الكارثة كان بطيئا ولا اعرف السبب، وفي اليوم الثاني ذهب الدكتور حامد الباهلي والدكتور محمد زيدان الى مقر قيادة الشرطة في كلية الشرطة فأصطحبهم ضابط امريكي الى مقر عسكري أمريكي مجاور للكلية وهم في سيارة شرطة امامهم دبابة وخلفهم دبابة وحجزا لمدة ثلاثة ساعات ولا يعرفون السبب وأطلق سراحهم بعدها مع وعد من الامريكان بأرسال قوات عسكرية لانقاذ موقع الطاقة الذرية من التدمير الاعمى وعندما ذهبت هذه المجموعة الغيورة في اليوم الثاني الى الموقع لم يجدوا اي قوات امريكية لحمايته وشاهدوا التخريب الذي يمارسة اللصوص من دون أدراك ما سيحصل بسبب المخلفات النووية ومختبرات الذبابة الحلزونية وغيرها )) . ( كنت اكتب في بعض الأحيان قصاصات ورق واضعها أمام الزبيدي لمساعدته في الأجابة ) . عقب الكولونيل قائلا نعتني أحد رجال الدين أثناء دخولنا من مدينة النجف الأشرف بالكافر فأجاب أحد الحضور أن 35 عاما من التشويش الفكري أثرت على عقول الناس وأن كتاب الله لا يفرق بين الأنبياء . وكان أخر سؤال طرحه الكولونيل هل هنك طريقة للتعامل بيننا ؟؟؟؟ فأجابه الزبيدي : نعم !!!! بعدها طلب الكابتن بول العمل على تغيير ملابس الشرطة، وهو ما أشرنا اليه سابقا . جائنا عدد من السادة الأشرف وكذلك الشيخ جبار ستار رئيس طائفة الصابئة المندائيين وطرحوا بعض الافكار، مع الاشارة الى تزايد أعداد المتطوعين فوجهنا بعض الشباب بان يعملوا لوحات دلالة تشير الى أسماء الوزارات، وعمل قوائم مستقلة لكل وزارة حيث يصطف الموظفين في طوابير طويلة في ساحة نادي العلوية لتسجيل أسماؤهم . اردنا بذلك أن نرفع من هممهم ووعدنا بأن توزيع الرواتب سيكون لمن يلتحق بوزارته أولا، وكانوا يأتوني بالقوائم قبل المغرب كل يوم وما زالت جميع القوائم معي الى الآن . كانت التغطية الاعلامية كبيرة جدا شملت الجوانب الميدانية لعمل اللجنة حتى في جولاتنا على المستشفيات، ومحطات الماء، وشبكات الكهرباء، ومحطات الوقود، وهذا ما سنشرح تفاصيله لاحقا . بينما كنا جالسين في الكافتريا الخارجية في الفندق، التي أقترح مدير الفندق أن تكون مقرا لأجتماعاتنا، دخل علينا شخص عراقي يرتدي الملابس العسكرية الأمريكية، فقدمه الزبيدي لي على أنه من رجال المعارضة ومن الذين كانوا يحضرون مؤتمراتها وهذا الشخص هو اللواء جودت العبيدي، ولقد أعتقل مع الزبيدي يوم 27/4 أما أنا فلم اعتقل بالصدفة، بعد أن غير الامريكان مكان الاجتماع بنا لاكثر من مرة، فأعتذرت في المرة الأخيرة التي حددوها للاجتماع، وعندما ذهب الزبيدي والعبيدي لهذا الموعد أعتقلوهما وهي قصة يطول شرحها .
مقالات اخرى للكاتب