ليس بدعا أن نقول: أن من بين النتائج المتحصلة من واقعنا السياسي، المرتبك والمعقد في آن، نتيجة مؤداها أن العراق يعيش مرحلة تحول صعبة، أدواته فيها عبارة عن: اتجاهات متضادة ومتعاكسة، خيوط متشابكة، وأصوات مختلطة. هذا هو واقعنا بلا رتوش تقتضيها صور الفوتوشوب، التي تزخر بها دعايات المرشحين للانتخابات النيابية، إذ أن معظم الأطراف السياسية، لا تعرف أين تضع أقدامها، ولا تمتلك تصورا واضحا عن غدها، لأن معظمها بلا تاريخ، بل بلا أمس! ونحن نعيش هذه الفوضى التي يسمونها دعاية انتخابية، ليس من مهامنا كمتابعين للشأن السياسي البحث في النوايا، فهي لا توصل الى يقين قاطع يدلنا على الطريق، لأن النوايا لا ترسم ملامح طريق، الخطط وحدها من ترسم تلك الملامح، والقوة السياسية والسياسي الذي بلا أرث، لأن من لا تراث له، ليس بإمكانه أن يخطو خطوة واحدة، على طريق لا سابقة له به. والذي ليس له أمس، ويعيش اليوم من أجل اليوم، لا يستطيع توظيف اليوم لصناعة الغد. نعم يمكنه الحديث عن الغد، لكن صناعة الغد تتطلب نوعا من الرجال، الذين يستندون على سلامة الموقف لا حسن الطوية فقط، فالبناء يتطلب بناءين ومواد بناء، وليس نية البناء؛ فالنوايا لا تستطيع وحدها، أن تفعل شيئا البتة! في خلفية الصورة، ثمة ملامح أدركها العراقيون، ولذلك تراجعت نسبة المشاركين في الانتخابات، كلما تقدمنا في الممارسات الإنتخابية. العراقي أدرك باكرا، وقبل أن يدرك ذلك المنخرطون بالحقل السياسي، أن تجربتنا السياسية، تواجه مأزق الخيارات الصعبة، وتقف على مفترق طرق. فإما أن تستكمل رحلتها لتصبح تجربة تطرح نتاجا مثمرا، وهذا يقتضي وجود مشروع سياسي، يتجاوز كل العثرات، التي واجهتها تجربة الأحد عشر عاما المنصرمة، وإما أن تنحدر الى هاوية الديمقراطية الشكلية الفارغة، متحركة على سراط محدد، لا يؤدي إلا الى تسيير الأمور على عواهنها، بلا أفق منير. في قضية الانتخابات؛ يقع الناخبون في مأزق حراجة اللحظة، لكن ثمة تفكيراً منطقياً، يمكن أن يكون دليلا! أكثر من 9000 مرشح، بينهم معظم عناصر المشهد الفاشل، ومعظمهم تقدموا الصفوف، مما يعني أن من يليهم في قوائمهم الإنتخابية، ليس إلا ذيلا لهم! الفاشلون الذين تسيدوا المشهد، سيبقون أبناء اللحظة الراهنة، إذ أنهم قدموا أنفسهم لنا بأمس سيئ، أمسهم لا ينفع يومنا، ويومهم لا ينفع غدنا الذي صممنا على الوصول اليه! كلام قبل السلام: على الناخب أن يجاهد ويكافح، ليتسنى له التوصل الى من يختار، وتلك مهمة شاقة! سلام
مقالات اخرى للكاتب