لاشك في أن كوردستان هي من أكثر المناطق أمانا في العراق والسلام والإطمئنان يسودان الإقليم، ولكن صفو هذه المنطقة هناك ما يعكره دائما، فكثيرة هي الأسباب التي قد تهدد أمن المواطن الشخصي والأمن العام والتي قد لاتقتصرعلى التهديدات الإرهابية بل تتعداها الى الكوارث الطبيعية وحتى المظاهرات الصاخبة وأي حدث يمكن أن ينتهي بالإساءة الى الأمن العام مثل إخلاء ساحات كرة القدم بعد إنتهاء المباريات جراء أعمال الشغب أو حتى جرائم القتل والسرقة..الخ
الأمر الذي يمكن أن يسيطرعليه تكتلوجيا من خلال أحدث وسائل الإتصالات وتكنلوجيا المعلومات، ولكن الى أي مدى يمكن إستخدام هذه التكنلوجيا ؟ والى أي حد يمكن أن تعزز التكنلوجيا الأمن الشخصي والعام ؟ ماهو دور المواطن في حماية مدينته؟ ماهو أسلوب التفاعل بين قوات الشرطة والمواطن من أجل تعزيز الثقة وتثبيت الأمن من خلال مبدأ التشارك في المعلومات ؟ كيف يمكن أن يساهم المواطن في حماية الأمن قبل وأثناء وبعد حدوث المشكلا ت من منظور تكنلوجي ؟
من أجل الإجابة على هذه الأسئلة، يجب الأخذ بنظرالإعتبارالأولويات التي تمتلكها كوردستان من الناحية التكنلوجية، فكوردستان اليوم تفتقر الى تغطية كاملة من حيث الشبكات السلكية أو ما يمكن أن نسميه شبكات الهواتف التي يمكن إستخدامها لأغراض الأنترنت بإ ستعمال تكنلوجيا ADSL، لذا فقد أزدهرت أسواق الشبكات اللاسلكية في الأقليم وأصبحت الكثير من الشركات تتهافت على المنطقة وتعرض خدمات الأنترنت على أسس الشبكات اللاسلكية والتي يمكن أن نذكر منها ال WiMAX وGPERS ..الخ والتي أصبحت تكنلوجيات في طريقه الى الإنقراض كون التقدم التكنلوجي في هذا المجال سريع جدا والأقليم بحاجة الى مواكبة التطور الذي يحدث في هذا المجال.
عمليات الإنقاذ غالبا ماتتمثل بثلاث مراحل، مرحلة إرسال البيانات الى السلطات الأمنية، ومرحلة التدخل من قبل قوات الشرطة والأمن ومرحلة معالجة إفرازات الحدث أو إخلاء المنطقة المنكوبة. في كل مرحلة من هذه المراحل يمكن إستخدام تكنلوجيا رخيصة الثمن من أجل إنقاذ أو تشخيص الحالة في أسرع وقت ممكن. ففي مرحلة إرسال البيانات، يمكن للمواطن ومن خلال جهاز هاتفه الذكي ال smartphone أن يساعد على إرسال البيانات وذلك من خلال تجهيز الهاتف بأجهزة تحسس التي من شأنها أن تجمع المعلومات، وترسلها الى الجهات المعنية، فمثلا عندما يحدث إطلاق نار في منطقة ما، تتحسس جميع اجهزة الهاتف هذا الصوت وتقوم بنقل معلومات الى الجهاز المركزي للشرطة والأمن العام حيث يتم من خلال تلك المعلومات التعرف على موقع إطلاق النار وزمن حدوثه بدقة ليتم التدخل في وقت قياسي لا يتعدى دقائق معدودات .
أما المرحلة الثانية هي مرحلة التدخل، فما أن تعرف السلطات الأمنية بالحدث حتى يتم التدخل ،وهنا أهم شيء يذكرهو إستعمال شبكة الإتصالات اللاسلكية التي تعرف ب LTE ذات السرعة العالية، فمن خلالها تستطيع أجهزة الشرطة نقل الوقائع بالصورة والصوت في الوقت الحقيقي الى السلطات العليا كي يتم إتخاذ قرار سريع وحكيم في نفس الوقت إعتمادا على المعلومات المخزونة ، والسهولة تكمن أن في شبكة LTE تقسم المنطقة الى خلايا من أجل سهولة السيطرة والصيانة وتبادل المعلومات بينها.
ألمرحلة الأخيرة هي مرحلة إخلاء المنطقة من الناس، ففي سيناريوهات مثل ملعب كرة القدم أو التظاهرات، هنالك شبكات لاسلكية دون بنية تسمى adhoc والتي من أهم خصائصها إنها لا تتعطل عندما يحاول الجميع الإتصال من خلالها بعكس الشبكات اللاسلكية ذات بنية أو برج. ففي عمليات الإخلاء، يكفي تعيين عدة أشخاص لديهم معرفة ودراية خاصة بال smartphones كي يقوموا بقيادة الناس بشكل منظم الى مناطق الإخلاء دون أن يكون هنالك إزدحام على مخرج دون آخر.
إن المراحل السابقة الذكر والتكنلوجيا التي تحدثنا عنها ليست من الخيال العلمي وليست من الأمور مستحيلة التحقيق، بل على العكس فإن تغطية المدينة بالشبكات اللاسلكية هي أرخص وأسهل صيانة من الشبكات السلكية باهظة الثمن، فإ تباع هذا الأسلوب في التعامل مع الحوادث يعتبر أمرا مهما من الناحية التشاركية بين المواطن والسلطات العليا لقاعدة البيانات التي تسمى اليوم Open Data، الأمر الذي يخلق تفاعلا وأجواء من الثقة بينهما، ويؤدي الى إتخاذ قرارات سريعة فور حدوث الازمة. فإلى أي مدى يمكن لحكومة إقليم كوردستان إستخدام هذه التكنلوجيا ؟ والى أي مدى تستطيع بناء المواطن الملتزم والحريص ؟ والى أي مدى تستطيع خلق هذا التفاعل الإيجابي ؟