لم يتمكن البرلمان العراقي من عقد جلسة طارئة واحدة "بيها خير" برغم كل المصائب التي مر ويمر بها العراقيون على مدار الساعة منذ عشر سنوات. شخصيا سوف تبقى بقلبي حسرة على البرلمان وقد بدا العد التنازلي لنهاية دورته الحالية دون ان يتمكن من عقد جلسة طارئة واحدة برغم ان حياة العراقيين طارئة اصلا. وحتى في المرات القليلة التي تمت الدعوة فيها من قبل قادة ومسؤولين الى عقد جلسة طارئة للبرلمان فانها تتحول الى جلسة تشاورية بسبب عدم اكتمال النصاب القانوني. وبعد ان "يثرم" السادة النواب بصلا برؤوس بعضهم البعض "ماعدا الصلعان" فهم مستثنون حالهم في ذلك حال زعماء الكتل البارزين فانه كثيرا ما يصدر في نهاية الجلسة التشاورية بيان يائس يثير السخرية اكثر مما يفيد الناس ويشد ازرهم يدعو الى الوحدة الوطنية وتفويت الفرصة على الاعداء ورص الصفوف لمواجهة الارهاب. وهذه كلها كليشيهات تعود عليها العراقيون بل ويعرفونها اكثر من السياسيين انفسهم. فمسؤولية الطبقة السياسية سواء كانت برلمانا ام حكومة ليست هي الدعوات او الشجب والاستنكار بل تكمن مسؤوليتها بالدرجة الاساس فيما تتخذه من اجراءات عمل توفر للناس الامان والاستقرار والضمان وراحة البال.
واذا اخذنا مقطعا زمنيا من حياة الشعب العراقي الطارئة وهي الشهور الاربعة الاخيرة التي شبع فيها بان كي مون امين عام الامم المتحدة كثر الله من امثاله وممثله السابق في العراق مارتن كوبلر لطما على العراقيين جراء ما يحصل لهم من قتل يومي , بينما يتباهى كبار قادتنا بعقد لقاءات ثنائية او ثلاثية فيما بينهم يتناولون خلالها اخر المستجدات بينما هي "خربانة" من راسها. اقول لو اخذنا مقطعا واحدا لوجدنا ان البرلمان بل وكل الطبقة السياسية كانوا الاكثر برودا بالقياس الى مايجري. سياسيونا لايفرقون للاسف بين الظروف الطبيعية حتى لو كانت نسبية من حيث استقرار الامن والعملية السياسية وبين ظروف الطوارئ التي تكاد توصل البلد الى حافة الحرب الاهلية.
الحكومة لاهم لها ولاغم سوى تحميل الخارج مسؤولية ما يحصل. والبرلمان لا هم له سوى مهاجمة الحكومة ظالمة ام مظلومة او مناصرتها ظالمة ام مظلومة طبقا لتوجهات كتل البرلمان التي هي نفسها بعض كتل الحكومة وبالعكس. الحكومة ومن معها من كتل البرلمان التابعة لها او المتصالحة معها تخشى البرلمان والبرلمان ومن معه من كتل الحكومة التابعة له او المتصالحة معه يخشى الحكومة. الارهاب لا يخشى احدا لانه نجح في زرع الخصام في نفوس القادة السياسيين الذين ما عادوا يعرفون ما يمكن ان يفعلوه سوى ان يقبلوا بعضهم البعض في لقاءاتهم اليتيمة. لكن ليس من اجل المصالحة ونبذ الخلافات بل لكي يتذكروا انهم لم يقتلوا اباء بعضهم البعض. والحقيقة المرة انهم لم يعودوا يفرقوا بين .. الدولمة وراس الجسر.
مقالات اخرى للكاتب