إذا تقاتلت دولتان نوويتان قويتان ‘ فإنهما تستعملان كلَّ صنوف السلاح باستثناء الغضب النووي . توجّه واحدتهما للثانية أقسى الضربات الموجعات ، لكن الزرّ النووي يبقى داخل حقيبة الأمان وتبقى معادلة توازن الرعب قائمة ، لأن استعمال هذا السلاح الفتّاك سيقضي على الدولتين معاً . بعدها ستتصالحان وتتسالمان وتتوادان ، وتعود طرق التجارة والحب بينهما إلى مسارها الطبيعي ، ويتكفل الزمان بعلاج ما سببتهُ الحرب من كدمات على قلوب الناس .
نفس هذا التوصيف يحدث في المحمية الخضراء ببغداد منذ أن داستها وخرّبتها وأمرضتها وأفسدتها بساطيل الوحوش الشواذ الهمج الأمريكان ، حيث المعادلة المسيطرة على كل المشهد البائس ، هي معادلة توازن الفاسدين .
حراميٌّ يقابله حرامي وفاسدة تواجهها فاسدة ، ومشهد عهر وسمسرة بموازاة قرينهُ . الوزير الذي يهدد وزيرأ بكشف المستور من الفضيحة ، سيردّ عليه بنفس لون الكارت الأحمر ويقول له إسكت يا حقير يا نذل لأنّ تحت يميني كوشر أوراق وصور ثابتة ومتحركة وملونة وملطخة مثل ملابس عاهرة ، إنْ أخرجتَها للناس المعذبين الفقراء ، فقد تصل بك إلى دكة المشنقة .
على مدى ثلاث عشرة سنة نشرت الفضائيات والأرضيات وأخياتهما من وسائل الإتصال البلدية والإفرنجية ، جبلاً هائلاً من قضايا وفظائع النهب والتزوير والرشوة المعلنة وغسيل الأموال ، وأيضاً غسيل الضمير والشرف والغيرة والكرامة .
أمام منظر الخزي والعار والشنار هذا ، لم نرَ وزيراً أو رئيساً أو نائباً أو محافظاً أو مؤتمناً على مال وعرض الناس ، قد تمّ سحلهُ من أذنيه وزرعه في قفص الحاكم العادل ، حيث التلبس بالتهمة يكاد يصرخ من قوة الدليل .
ألعملية الفاسدة كلها تجري وتتمّ برعاية وسقاية وحماية مخلصة من القحبة الكونية أمريكا ، التي تفضّل دوماً التعامل مع اللصوص والخائنين وأبناء المجاهيل .
في بلاد ما بين « القهرين « لم تعد العمامة واللحية والجبة والحجاب والعقال ودمغة السجود على الجباه ، مانعاً حاسماً في إشاعة النزاهة والعدل وقيم الشرف المفقودة ، حيث ما زالت البلاد مشتولة على تاج قائمة الدول الأفسد على الأرض .
أما غزوة وزير الهجوم المبدع خالد العبيدي تحت قبة برلمان المحمية الطبيعية ، فأغلب الظن أنها ستتحول تالياً إلى نصف سكتة ضميرية ، مع تظهير سينمائي لسرقات وسراق صغار ، لطمطمة ودفن المنهوبات الكبرى ، وألله أعلم بما في صدور الحرامية ، و « صدور « الحراميات !!
مقالات اخرى للكاتب