1
على قدمٍ وساق ورقبة ورجل وهزة بطن وضمير ميت ، تتواصل وبنجاحٍ مذهل عمليات تصنيع وتفريخ حشد أدباء وكتاب وصحفيين وزمّارين من صنف « نصف وربع ردن « في بغداد وأخياتها وفي الشتات . وكي لا نرمي حجراً جزافاً ببركة جائفة ، أدعو من يستطيع الى ذلك سبيلاً ، أن يذهب فوراً صوب كتاب العضوية في اتحاد الأدباء ونقابة الصحفيين ونقابة الفنانين ، ليرى هذه الحشود الجديدة التي حصلت على الهوية الرسمية . يكتبون رواية وقصة وشعراً ، وينشرونه بكتب أنيقة ثمنها من ضلع الماخور الكبير ، وواحدهم إن كتب سطرين ، اقترف عشرة أخطاء ، ثم تراهم في كل مهرجان وسفرة وتكريم وقلادة وشهادة تقدير وطعام وفير ودولار خرير ، أما الأنقياء الذين صاروا قلة ، فواحدهم يكاد لا يتدبر حتى خبز يومه .
2
ويسألونك عن خطر الديمقراطية بشكلها القائم الآن في العراق المريض دام ظلّكم ، فيجيب جنابنا دام ظلّنا ، إنّ الديمقراطية عموماً هي نعمة أرضية رحيمة وطيبة ، لكنها في العراق بلاد ما بين القهرين العظيمين المحتلة احتلالاً مركّباً عسكرياً واقتصادياً وفكرياً ، قد صارت غطاء وساتراً للحراميّة والخائنين . تلفزيونات وجرائد ووسائط كثيرة تفضح وتعرّي ، وجمهور كبير يتظاهر ويهتف ضدّ الساقطين وأبناء المزاد ، واوغاد حاكمون ومسؤولون يظهرون كلّ يوم على الشاشة ، ويعترفون برذائلهم وسمسرتهم ، وفي الزبدة ، سيبقى الحرامي القاتل الساقط جالساً فوق كرسيه الكنز الراسخ ، ويبقى المواطن المعترض مقهوراً ببيته ، أو متظاهراً في الشارع مع سلة صور نوع « سيلفي « .
3
في الدولة المدنية المتحضرة المتطورة القوية ، ثمة وظيفتان فائضتان عن حاجة الرعية الآن ، هما شيخ الدين السياسي التجاري ومراجعه العظام من كلّ لون وملة ، ووظيفة شيخ العشيرة التاجر أو زعيم « الفخذ « الرادح في كل زمان ومكان . عبادة الله وتفسير الدين السهل لا تحتاج الى واسطة ومفسّرين ، وسلطة القانون والأمن الاجتماعي ، لا تحتاج الى شيخ عشيرة . على رجل الدين أن يجلس في مسجده ويؤذن ويقرأ القرآن فقط ، وعلى شيخ العشيرة أن يقعد في مضيفه ويسولف مع ضيوفه ويقدم لهم ما تيسر من طعام وقهوة ، ويطبّق القانون خارج مأساة « الفَصِل والفِصلية « البريئة .
في هذا الباب والتوصيف المبين ، نحن لا نعمّم ، وكثرة من هؤلاء هم من الطيبين الطاهرين من كل نجس وسوء وصفقة مخجلة
مقالات اخرى للكاتب