آثرت الحركة الإسلامية (الجناح الشمالي ) برئاسة الشيخ رائد صلاح والشيخ كمال خطيب ، تتويج الرئيس المصري المخلوع محمد مرسي وتكريمه ومنحه لقب "نصير الأقصى" خلال فعاليات مهرجان الأقصى الذي تقيمه كل عام تحت عنوان "الأقصى في خطر " .
ويأتي هذا التتويج في وقت تشتد فيه المؤامرة الصهيو أمريكية على شعبنا الفلسطيني بهدف تصفية قضيته الوطنية ، وحرمانه من حقه بإقامة دولته الحرة المستقلة فوق ترابه الوطني ، وعقب العدوان الاحتلال الوحشي الهمجي على قطاع غزة وما خلفه من دمار شامل وخسائر بشرية ومادية هائلة .
لا جدال أن فلسطين كلها في خطر ، والقدس في خطر ، والأقصى في خطر ليس كمكان ومزار مقدس للعبادة والصلاة والدعاء والمغفرة ، وإنما كرمز تاريخي وتراثي وحضاري وفلسطيني ، ومن رموز السيادة الوطنية الفلسطينية ، ولكن الحركة الإسلامية تتباكى على الأقصى وتستغل المشاعر الدينية وتلعب بالعواطف لجذب القطاعات الشعبية والترويج لأيديولوجيتها ونشر فكرها الإخواني الرجعي ، وتتويجها لمحمد مرسي يمثل إساءة للأقصى وللمسلمين المتنورين الذي يختلفون مع فكر الإخوان ومع الطرح الإسلاموي والنهج التكفيري للحركات الجهادية والسلفية ، ولا يخدم قضية الأقصى الذي يتعرض للانتهاكات الاحتلالية المستمرة ، ولا القضية الوطنية التي تتهددها المشاريع والمؤامرات التصفوية المشبوهة .
لا شك أن هذا التتويج يثبت ويؤكد حقيقة واضحة كخيوط الشمس أن الحركة الإسلامية في الداخل الفلسطيني امتداد طبيعي لحركة "الإخوان المسلمون" ، وهو دليل ساطع على إفلاسها وأزمتها العميقة إثر سقوط وتهاوي المشروع الإخواني الإسلاموي وعزل مرسي بفضل الهبة الشعبية لملايين المصريين في الشوارع والميادين المصرية ، ووقوف الجيش المصري إلى جانب الحاضنة الشعبية والنبض الجماهيري ، ونتيجة صمود الدولة السورية وفشل مخطط تجزئتها وتفكيكها وتجزئتها .
إن سقوط الإخوان المسلمين يمثل نهاية لحقبة من تاريخ الجماعات الأصولية والسلفية والمنظمات التكفيرية والجهادية ، التي حولت الدين لحالة من التسلط والقهر والعنف ولغة التكفير والإرهاب وأوقعت نفسها في فخ مدمر ، بعد هيمنتها على الساحة العربية منذ السبعينات ، وكانت بمثابة قوة المعارضة للأنظمة السياسية القائمة ، ونجحت في جذب واستقطاب قطاعات جماهيرية وشعبية من الفقراء والمسحوقين والمشردين والجياع ، من خلال ماكينة تعبوية عالية القدرة على الحشد والشحن الديني والعاطفي والسياسي ، واستفادتها بذكاء من ضعف وتآكل الشرعية السياسية من جهة ، وفشل خطط التنمية وتعثر المشروع الحضاري المدني وغياب العدالة الاجتماعية من جهة أخرى ، ضمن قطاعات وفئات وطبقات اجتماعية متعددة .
لقد سقط مرسي وانهار المشروع الإسلاموي وفقدت أيديولوجيا الإسلام السياسي جزءاً كبيراً من بريقها ورصيدها الشعبي ، وتتويجه لن يفيده شيئاً ، ولن يفيد ألإخوان المسلمين الذي يمثلهم . فقد فات القطار ، ولا يمكن إخراج الكرة من المرمى ،وإعادة المياه لمجاريها ، وإرجاع مرسي لسدة لحكم ، وكما تقول كلمات الأغنية "راحت عليك حبيبي " .