أحمد، الشاب العراقي الذي إنفجر حزام ناسف بوجهه هو وزوجته بينما كانا يتناولان وجبة طعام اثناء فسحة بسيطة في بغداد التي تعاني نقصاً حاداً في الأماكن الترفيهية، قرر الهجرة بشكل غير شرعي الى إحدى دول أوربا الشمالية. مسيرته هو زوجته وابنه البالغ من العمر أربعة أشهر وثقها أحد المهاجرين معه، حيث قال ان الفنادق رفضت إستقبال أحمد وعائلته، ما أضطره ان يبيت في الشارع لحين ظهور ضوء الشمس، الا ان المصائب لا تأتي فرادا، فأثناء إفتراشهم الشارع واجهتهم مشكلة نفاذ حليب إبنه الرضيع، والذي ساعدته (مومسات) صربيات في العثور على محل يفتح لساعة متأخرة ودفعن ثمن الحليب كمساعدة له ولعائلته.

أحمد، أو الهجرة، حكاية من مئات الحكايات التي بت تسمعها في طريقك الى عملك، أو عند تصفحك لمواقع التواصل الإجتماعي، وفي أي إجتماع يجمع شابين أو أكثر.

وزير الخارجية إبراهيم الجعفري لم يعد بوسعه الا دعوة المجتمع الدولي لمساعدة المهاجرين العراقيين وتقليل حجم الدماء التي تسيل منهم بسبب من وصفهم بـ(تجار الطريق)، معتبرا أن هجرة العراقيين جاءت كرد فعل على "الإرهاب" الذي أجبرهم على ترك مناطقهم وأموالهم.

ويقول الجعفري في بيان على هامش لقائه بالأمين المساعد والمدير التنفيذي للجنة مكافحة "الإرهاب" في الأمم المتحدة جون بول لابورد، تلقت “بغداد الإخبارية” نسخة منه، ان “العراق يؤدي مهمة مقاومة "الإرهاب" في الخط الأول، وقدم ضحايا على كل المستويات"، مؤكدا على “ضرورة رفع حجم الدعم المقدم للعراق بما يتناسب وحجم التحدي "الإرهابي" على الأرض”.

ويضيف الجعفري أن “الهجرة في تاريخ البلدان اقترنت بمعارضة الأنظمة الدكتاتورية، إلا أن الهجرة من العراق كانت رد فعل على "الإرهاب" الذي أجبرهم على ترك مناطقهم وأموالهم هربا منه”، مبينا أن “المهاجرين بحاجة إلى رعاية من المجتمع الدولي ومساعدتهم للتقليل من معاناتهم وحجم الدماء التي تسقط منهم بسبب تجار الطريق”.

وفي لقاء تشاوري مع مجموعة من الإعلاميين، حضرته “بغداد الإخبارية”، يقول الجعفري ان “الدبلوماسية العراقية تعاني الكثير بسبب عدم التنسيق بين السياسيين والخارجية”، كاشفاً ان “بعض السياسيين عند ذهابهم الى دول خارج العراق، يشترطون على مسؤوليها الذين يلتقونهم عدم حضور السفير العراقي في تلك الدولة”.

الكاتب والمحلل السياسي صالح البدري يقول في حديث لـ”بغداد الإخبارية” انه “من المستغرب ان تختصر أسباب هجرة الشباب بالإرهاب”، مؤكداً ان “الشاب العراقي اليوم تائهاً في أحسن أحواله”.

ويشير البدري الى ان “الفساد المستشري في مفاصل الدولة العراقية، وتعدد السلطات وحملة السلاح، ونقص الخدمات والأماكن الترفيهية كلها أسباب دفعت الشباب الى اليأس فالهجرة”.
ويلفت البدري الى ان “تعامل المسؤولين (السطحي) مع مطالب الشباب بالعيش الكريم دفعهم الى التظاهر، أو الهجرة، حيث من غير المستبعد ان تتحول هذه التظاهرات الى ثورة عارمة تنهي العملية السياسية، خاصة وانها إكتسبت صوت المرجعية”.
ويؤكد البدري ان “الاستخفاف بعقول الشباب وصل الى ان صحيفة الصباح شبه الرسمية تنشر إعلاناً لإحدى شركات السياحة تقدم (تخفيضاً هائلاً) لرحلة ذهاب (وجهة واحدة) الى إسطنبول التركية، وكأنها تقول لهم (إرحلوا)”