عندما تختار الحكومات اعتماد الاعلام التعبوي، فهي كمن يركن لاستخدام سلاح ما، وعليه فاما تدرك كيفية حمله و اطلاق النار منه او فانها قد تصيب شخصا ما غير العدو بمقتل، وربما تكون هي الضحية.
للحرب ضد داعش مجال كبير من الاهتمام في الاعلام وفي سواه، لكن الانشائية المفرغة الا من حماسة مصطنعة للمذيع و من اداء محلي في تعابير الوجه والنبرات، والتي تربط كل شيء، وحتى مصالح الدول العظمى بالموقف الرسمي، يبدو انه لا يستهدف الا ارضاء وقبول المسؤول الرسمي، والذي صرح بدوره وفي اكثر من مجال من انه لا يطيب له هذا الاداء المتملق الفارغ العاجز في ترجمة شيفرات المرحلة الى خطاب مقنع حقيقي غير مخادع ببلاهة من يعرفون شكل الكتابة الاعلامية و يجهلون تضمينها.
تاملوا مضامين العناوين التي تصدر عن مسؤولين في دول مجاورة، تاملوا مثلا ما صدر عن”حاجي زاده” القائد العسكري في سلاح الصواريخ الايرانية، وكيف بعث برسائله عبر التلفزيون و كيف صدرها الاعلام الايراني بما يشكل حاجز خوف امام المحللين العسكريين و السلك الدبلوماسي الغربي و كذلك المشاهد ايا كانت اللغة التي يفهمها.
تاملوا ايضا التصريحات و التصريحات المقابلة بين سوريا و السعودية حول قضية بقاء الاسد من رفضه، وكيف يجعل اداء المؤوسستين الاعلاميتين السورية و السعودية بقية وسائل الاعلام في مجال يديم حلقات الخبر و النقاش البرامجي يبنيان على اسس ما يصدرانه” السعودية و سوريا” من مواقف سياسية بغلاف اعلامي محشو بمضامين وعناوين.
الخارجية الامريكية نفسها ومنذ دخولها على خط ازمة الشرق الاوسط، فانها تمهد بعناوين قصيرة من مكتبها الصحفي، لمواعيد و اسباب زيارة وزيرها للمنطقة، كان تقول” ان الوزير يشعر بالقلق للمواجهات الاخيرة بين الفلسطينين و الاسرائيلين”.
كم ارجو شخصيا ان تصيبنا بعض العدوى المنتجة لاعلام افضل، كان تسبق زيارة رئيس الوزراء عناوين حقيقة بهوية عراقية كان نقول” معصوم للاسد: لن ندفع فاتورة غيرنا” او محمد رضا السيستاني: عباءتي لا تحمي احدا” او مثلا” بارزاني: حرق مقراتنا رصاصة من داعش”.
الكثير من العناوين و المضامين ستبعث الاطمئنان ليس فقط في العراق و ليس فقط ستصحح وتسهل فهم المتابعين لما يجري، بل ايضا ستنشئ اسلوب تفكير صحيح و علمي يجعل الاشياء باوزانها الطبيعية و الشخصيات في مكانتها التي تتاثر ان تمت الترجمة عنها بشكل مغلوط كما يصف بعض الاطباء عقارا مغلوطا.
مقالات اخرى للكاتب