على الرغم من اهمية الرأسمال المحلي الإقتصادية والإجتماعية والسياسية كونه اداة رافعة لكفاءة الإقتصاد العراقي وتنوعه ، واداة مساهمة في خلق الطبقات الإجتماعية المختلفه من خلال زجة للكفاءات العراقية المتنوعة في سوق العمل الذي سيوفره للبلد ، وخاصة طبقة العمال ، والطبقة الرسطى ، ناهيك عن خلق رأسمالية وطنية تتطور في عمليات الإنتاج والخدمات المتنوعة ، وبالتالي حصولنا على النتائج السياسية الإيجابية في تفعيل الحراك الوطني، بحكم تنوع المصالح والإتجاهات الطبقية والسياسية في المجتمع وربط المواطنين اكثر فأكثر بالهوية الوطنية وسحبهم تدريجيا من التشبث بالقومية والطائفية على مدى استمرار تجربته بنجاحاتها وإخفاقاتها ، فتوظيف رأس المال يلتزم بالضرورة القوانين الفعالة السياسية والإقتصادية والحقوقية والإجتماعية في البلد التي تضمن النجاح للتجربة التي هي اداة مساهمة مهمة ، حيث يتشارك القطاع الخاص المحلي مع الدولة في المهام ، ويكون وفق فلسفتها ورؤيتها لعملية التطور وهي عملية ليست بالسهلة ، إلا إن تجربة الرأسمال المحلي تكاد ان تكون محدودة .
إن المتتبع لتفكير الأغلبية من المساهمين في النشاط الإقتصادي الخاص الذي تركز اغلبه في الخدمات المقدمة الى المجتمع ، وهي نشاطات متعلقة ، بتوفير الكهرباء للناس خلال فترة إنقطاعها من المحطات الحكومية ، ونشاطات خدمة الإنترنيت ، وفي مجال الإتصالات وفي التجارة بانواعها ، وفي مجالات الإنشاء والتشييد والتعمير ، وفي الصناعات الخفيفة ، وفي النقل النهري والبري ، والمواصلات والإتصالات , وغيرها ، يلاحظ المظاهر التالية :
1) إن مساهم الرأسمال الخاص في الناتج المحلي الإجمالي الصافي تشكل نسبة ضئيلة حيث بلغت في عام 2008م نسبة 30,5% من الناتج.. (1)
بينما تهدف الخطة الإستراتيجية لتطوير القطاع الخاص ....(1) الى زيادة النسبة الى 35% في عام 2017م والى تشغيل 30% من القوة العاملة لنفس الفترة وتطمح الخطة الى وصول نسبة المساهمة هذه الى 45% بحلول عام 2022م ، فستقوم الدولة بتوظيف 447 مليار دولار لتطوير القطاع الخاص يوظف منها 300 مليار دولار لتوفير القروض الميسرة
2) ان المنتج المحلي غير محمي ، من منافسة المنتوج الأجنبي المستورد الأمر الذي إنعكس سلبا ، ومنع الرأسمال المحلي على ضعفه من معاودة الإستثمار في المجالات الإقتصادية ، المنافسة من قبل البضاعة المستوردة التي تفوق البضاعة المحلية جودة ، وتنخفض عنها سعرا ، ومن الأمثلة السافرة عن ذلك ، منتجات الصناعات الغذائية المستوردة من إيران او تركيا على سبيل المثال ، افضل وارخص من منتجاتنا المحلية .
3) الفساد الإداري ، والمطالبة الصريحة ، من قبل بعض المتنفذين ووكلائهم، بالرشاوي والكومشن لتسهيل الحصول على السلف الحكومية ، وعلى التسهيلات الأخرى عرقل توجه اصحاب المشاريع لوضعها موضع التنفيذ
4) حتى وإن افلح الرأسمال في توظيف قدراته في الإقتصاد العراقي ، سيواجه بالروتين القاتل والقوانين المعرقلة لتوجهاته ، ولمحاربة التجار الذين سيجدون فيه المنافس الخطر على نشاطاتهم التجارية ، ونشاطات المؤسسات التي يتاجرون معها .
5) تكاد ان تكون التشريعات التي تسهل مساهمة هذا القطاع الهام في الإقتصاد معدومة او ناقصة غير مساعدة على نموه ، وخاصة فيما يتعلق بالتسهيلات المالية ، او توفير المواد الأولية بالأسعار التي تمكنه من المنافسة مع السلع المستوردة من المناشئ قليلة التكلفة . فكثيرة هي الشكوات التي يطلقها اصحاب الصناعات الخفيفة عن شحة المواد الأولبة ، ناهيك عن معاناة المقاولين العاملين في البناء والتشييد في حصولهم على المواد الأولية
6) تلعب عمليات التهريب والتسهيلات الكمركية للبضائع المصنعة الداخلة الى العراق ، دورا كعامل معرقل لنشوء هذا القطاع . ان الرأسمال بطبيعته غير مجازف ويبحث عن التوظيف في المنشآت ذات المردود الربحي المضمون والسريع .
7) الوضع الأمني المستقر ، والوضع السياسي المستقر عاملان هامان في النجاح ، فالرأسمالي الوطني غير مستعد ان ينشئ مشروعا يتحول الى حطام بفعل عمل ارهابي ، والتقلبات السياسية بيئة غير مساعدة لذلك النجاح المرجو .
8) تحتاج مشاريع الرأسمال بشكل عام والرأسمال المحلي بشكل خاص الى الأهتمام بالبنى التحتية والخدمات ، ومد شبكة واسعة من الطرق والجسور ، وخدمات الماء والكهرباء , والغاز والوقود ، ومخازن حفظ المواد الأولية ومخازن حفظ المنتوجات ، والى الأسواق العصرية ، ولابد من توسيع الموانئ ورفع طاقتها الإستيعابية ومن الضروري تجنب ما حدث في سبعينات القرن الماضي اثناء الخطة الإنفجارية حين انهارت ارصفة الموانئ في البصرة نتيجة ثقل المواد المستوردة .
9) ان التجربة الماضية للنشاط الرأسمالي الخاص افرزت دروسا مؤلمة لكل من يهمه تطور البلد ، فقد تم توظيف اغلب الرأسمال المحلي في التجارة ، فامتلأت الأسواق بالبضاعة الرديئة المستوردة من المناشئ الرخيصة , وتلاعب بعض التجار في المواد الغذائية المستوردة ، بدون التوقف عند الجودة والصلاحية الزمنية للإستعمال البشري ، ناهيك عن المضاربات الهادفة لرفع اسعار البضائع التي مارسها البعض وليس الكل .
10) اضافة للعوامل التقنية والبشرية السالفة نعاني في بلدنا من نظام ادارة موروث يتسم ، بالبيروقراطية والبطء في التنفيذ ، والمزاجية الحادة للموظفين والمراجعين ، وكثرة المتطلبات الروتينية المحبطة ، والتي تأصلت في دوائر الدولة وفي المؤسسات الخاصة ، هناك سلسلة من المتطلبات النمطية التي لا اود تعدادها الآن ، لإنها معروفة .
إن السير من اجل إنجاح الخطة المطروحة يتطلب المعالجة الجادة والناجحة للعوامل المذكورة تفصيليا في النقاط العشرة السابقة ويضاف لها وبالدرجة الأساس تعزيز الديمقراطية والشفافية بين الجهات المسؤولة في الدولة وبين الرأسمال المحلي الخاص ، ووضع الخطط التفصيلية والتفضيلية عن التوظيف ، وان لا يكون هذا التوظيف عشوائيا ، بل يجب ان يكون منوعا ما بين الصناعة والزراعة والنقل والمواصلات والإتصالات ، والتجارة والبنى التحتية ، والخدمات والصحة ( الطب والتمريض ) والخدمات البلدية، بإختصار ان يشمل الإحتياجات الضرورية للمجتمع ، وان يراعى في التأسيس ، ان يكون على الأسس العلمية ووفقا للتطورات التكنولوجية في العالم ووفق احسن المواصفات ، وأن تكون هناك رؤية وطنية نابعة من المصلحة العراقية وتصب في تطوير البلد , وان تتم التسهيلات البنكية والقانونية التي تعزز التطور ، وأخيراً وليس آخراً ان تتعزز المسيرة السياسية في البلد وفق اسس الديمقراطية المنشودة واحترام حقوق الإنسان ، وفسح المجال امام المبتكرات والبحوث العلمية ، لوضعها تحت تصرف المنتجين ونتمنى لبلدنا كل الخير والتقدم .
الهوامش
1... الخطة الإستراتيجية لتطوير القطاع الخاص لسنوات 2014-2030م هذا الرابط
http://iraqieconomists.net/ar/wp-content/uploads/sites/2/2014/10/Private-Sector-Strategy-Arabic.pdf
مقالات اخرى للكاتب