من المعلوم ان التاريخ هو سجل الاحداث الصادق , وأنه يكتب ولا يخطئ , ويراقب التطورات ويدونها كما انزلت , فلا سلطان يعيق يده , ولا طاغية يغلق فمه , بل نراه يكتب ما يراه ويسمعه , ودليل ذلك اننا بعد آلاف السنين وصلت الينا سير الاخيار والأبرار وكأننا نعيش بينهم , نحصد من خيرهم , ونتنسم نفحات برِّهم , فنحبهم من اجل ذلك ونأنس بقراءة سيرتهم , ونتمطق بحلاوتها , ويبقى ذكرهم في عقولنا نبراسا يضئ لنا طريقنا كالعلماء والمصلحين والقادة فضلا عن الاولين من الاجيال الماضية , وكذلك وصلت الينا سير الاشرار والفجار فكأننا نختنق من عفن رائحتهم , وتتمعر وجوهُنا من سوء صنيعهم , وتتفطر قلوبُنا اسفا لأفعالهم , ونحمل في قلوبنا غيظا وحنقا عليهم , وربما لم يضرونا بشئ ابدا بل ربما لم يعيشوا في بلداننا ولم تمتد ايديهم الينا , ولكن هذه هي الفطرة السليمة والعقل المستقيم , فماذا سنشعر لو سمعنا بسيرة هولاكو وهتلر وستالين ولينين وغيرهم من مصاصي الدماء وتجار الحروب , والسؤال هنا ماذا سيكتب التاريخ عن نوري المالكي وبالتأكيد سيكتب التاريخ لأنه لا يستثني احدا ولا يجامل احدا , وأظنه سيكتب انه : ينادي بحقوق الانسان وهو منها بعيد بعد المشرقين , ويثرثر بالإصلاحات ومضت السنوات العجاف ولم نرى ما تكلم عنه حتى ولو في الاحلام , ويتفيهق بالوحدة الوطنية وهو احدث شرخا واسعا لا يرتق – إلا بعوامل الزمن - في اللحمة العراقية , سيكتب التاريخ انه صدع رؤؤسنا بحكم الدكتاتورية وهي في الواقع امه التي رضع لبنها , وعاش في حجرها , وتقمط بقماطها , وبرّ بها بر الولد بوالدته , وما اراه إلا نسخة من حكم الطواغيت يفكر برؤؤسهم ويبطش بأيديهم , ويسير بأرجلهم ويتمثل بهم صباح مساء . فتهجير هنا وقصف هناك وتضييق في مكان اخر وما الانبار وديالى وحزام بغداد منا ببعيد , ولو اراد المريد ان يعدد ما يفعله المالكي لسود بذلك الصفحات , ولكن التاريخ سيكفينا مؤؤنة الكتابات ولابد ان يأتي يوما وتذكرك الاجيال فيما اذا رحلت الى الدار الآخرة – ام ان هذه الرحلة غائبة عنك – وسيذكرونك ويكتبونك في كتب التاريخ التي ستقرئها اطفالنا في الابتدائية , فماذا سيقولون عنك فيما اذا جاءهم في احدى الاسئلة : عرّف نوري المالكي : ارى ايديهم تتسابق لتكتب عبارات الوحشية والقسوة والظلم والإجحاف وغيبوبة الانصاف , والقتل والتهجير والرعونة في اتخاذ القرار , ارى وجوهم تتمعر , وقلوبهم تتفطر , وأقلامهم ضجراً تتكسر , فإذا ما اعادوا اقلامهم ارى الحبر فيه شئ من الرفض والعناد ان يسيل فيكتب عنك وربما سلطوا عليك لعناتهم الداخلية دون ان يرفعوا اصواتهم , وهكذا نوري تكون اسطورة تناقلتها الاجيال , بسوء الافعال , وفحش الاقوال , وسرقة الاموال , (قال الله تعالى : وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ ) ابراهيم 42.
مقالات اخرى للكاتب