هنا أشرقت الشمس في بلاد ما بين النهرين بلاد الرافدين , هنا تقرأ كل كتب الدنيا في بغداد , بلد عرف منذ عمق التاريخ ومن البدائية إنه منبع التطور والحضارة والمماليك , إبتدع الوسائل للعيش ليكون ساكنيه قرب الأنهار , يتمعون بالطبيعة الخلابة ويمارسون الحرف المعتمدة على الماء من زراعة وتربية مواشي وسفر الى بلدان أخرى , تزاحم البيوتات منذ حضارة أور وسومر وأخضعت طبيعة البناء بما يناسب البيئة والمتطلبات الحياتية , دجلة والفرات نهران تغزل بهم الشعراء وعاصمتهم بغداد ملتقى الأدباء والشعراء والعلماء والمفكرين , منذ أن عرف الحكم في بلاد النهرين تمركز السكان على ضفاف النهرين وكلما تقرب الأنسان منه حصل على الفرصة والأهتمام , طيلة العقود التي حكمت العراق , أعتمدت السلطات على المركزية والنظرة الطبقية والتحكم بالريع من السيطرة على مجاري الانهار ليسعد المركز وتحرم الاطراف .
سياسة الأنظمة في العراق مستمرة بذلك النهج وتعيش على كد ونكد المناطق النائية , ينظر لهم بعين الازدراء والتصغير والشكوك بوطنيتهم وأضعافهم لدرجة الحرمان , همهم مواطنيها الشاغل البحث عن وسيلة للعيش لا يفكرون بالحصول على السلطة وينافسون الأقوياء , بتقدم الزمن لم تتغيير تلك السياسات تجاه التوظيف والتعليم والحصول على فرص للعمل والتطوير( يمنحح للمركز وتحرم الأطراف ) , مدارسها متأخرة وخدماتها في تراجع , ذلك الأنطباع إنعكس على ساكنيها وشاع بين تلك الطبقة لغة التصغير والتذلل في طبيعة الكلام والمسميات ليقال مثلاً الى علي ( عليوي ) , وينظر على طبيعة اللغة والتعامل بأستهزاء , وأنهم متخلفين في نظر السلطات ومن يمثلها من المركز .
تلك الثقافة الى يومنا هذا وموظف صغير في العاصمة يستطيع تعطيل عمل محافظة , وهذا الصغير يعتقد إنه الحكومة وتعطى له تلك الصلاحيات .
في مركز بغداد أزمة كبيرة للسكن وزحامات الطرق وكثرة بيوت التجاوز وتحويل المناطق الزراعية والخضراء الى بيوت سكن عشوائي , هذا لا يقتصر على العاصمة وإنما المحافظات , ليقطع الأشجار والنخيل ويعطي التأثير السلبي على البيئة , المشكة اكبر في بغداد نتيجة مساحتها ( 5000) كم مربع وشكلها الدائري , مشكلة السكن والعمل وإفتقار المناطق البعيدة عن المركز للخدمات والمدارس المتطورة والمستشفيات وطرق النقل ووسائل الأتصال والفقر جعل منها أحياء طارة لسكانها , حيث تتراجع اجور العمل والعقارات , أحياء العاصمة بغداد وبقية المحافظات طيلة السنوات كان العمل في القلب وإهمال الأطراف والأستثمار يبحث عن ارضية لمشروع جاهز في ابو نوؤاس او الكاظمية او المنصور بينما في حقيقتة الاستثمار إحياء الخراب من النشاط الاستثماري , و تحول مركز بغداد الى مدينة صناعية يغزوها من يحترف مهنة تصليح السيارات متجاوزين على البيئة والخدمات والمجاري في الكرادة والمنصور وزيونة , دعم المناطق البعيدة وتوفير سبل العيش والحياة الكريمة من تحويل المناطق الصناعية في مدينة معزولة بعيدة عن المركز والمؤوسسات الحكومية من وزارات في مجمع واحد لتسهيل التعامل فيما بينها وفائدة المواطن وتقليل الزخم على الشارع , بغداد بحاجة الى ربط الطرق الحولية لطبيعتها الدائرية وإعادة تخطيطها الذي لم يخضع للتغير منذ 30 سنة ويبقى مركز بغداد مركز أثري للشورجة والمتحف الوطني والمدرسة المستنصرية وشارع الرشيد والمتنبي ومقهى الزهاوي ونصب الحرية وغيرها , بغداد بحاجة الى مواصلات ومشروع للمتروالحديث وخدمات للأطراف كي تكون تلك المناطق جاذبة للسكان , ويكون التخطيط في بغداد وبقية المحافظات بالشكل الطبيعي من الأطراف بأتجاه القلب .
مقالات اخرى للكاتب