لا يخفى على الدارسين والمتخصصين في مجال الاعلام ان مفعول الحرب الدعائية ولا سيما السوداء والاعلامية والنفسية في المجتمعات حديثة التعامل مع المتغيرات والطفرات التكنولوجية التي رافقت التحولات في انظمة الحكم من شمولية دكتاتورية الى تجربة وليدة للديمقراطية والحرية المنفلتة يكون اكثر وقعا وتاثيرا من الحرب العسكرية ، ويعطي هذا المفعول الزخم ويفسح الارضيات المناسبة لتحقيق انتصارات بالنسبة للعدو على الجانب الوطني المتمثل بالقوات الامنية بمختلف تشكيلاتها ومسمياتها الواقفة تحت مظلة القوات الحكومية وتاتمر بامرة قادتها من اعلى الهرم ونزولا ، وفي المقابل وللاسف الشديد لم ترتق الماكنة الاعلامية الحكومية بالمستوى الذي يمكنه من منافسة الاعلام المدفوع الثمن المتعكز على الدعاية السوداء على الرغم من وجود مؤسسات اعلامية ذات تقنيات واعداد وامكانات لا باس بها لكنها تفتقر الى المحترفين بصناعة المادة الدعائية ولا توجد لدى القائمين عليها الرغبة الحقيقية في الافادة من اصحاب الخبرة والمهنية في هذا التخصص وفسح المجال لهم ليؤدوا الدور المطلوب في مواجهة الاعلام المغرض الذي يقوده ناس محترفون خبروا ابجديات الاعلام وتاثيراته ومؤثراته وسبله ووسائله وكيفية الترويج وبث الاكاذيب والشائعات واضعاف الروح المعنوية والتشكيك بالقدرات الذاتية وزرع الفتن بين مكونات الجبهة الواحدة والعمل بشكل بطيء وفق مفهوم الدعاية الزاحفة للتمكن والنيل من المقابل من حيث يشعر او لايشعر كذلك اعتماد الاعلام المغرض بث الرسائل الاتصالية التي تعطي انطباع للوهلة الاولى بانها رسالة حقيقية هادفة ونبيلة الغرض منها اطلاع الرأي العام على الحقائق وتبصيره بمجريات الامور فيما هي بالحقيقة رسائل تعتمد جوانب من الحقيقة وتدس بين طياتها معلومات مغلوطة او رسائل تهدف الى تهيئة الجمهور وترويضه وتحضيره للقبول بمناقشة قضية ما كانت بالامس تعد لديه من القضايا المرفوض الحديث والتطرق اليها ومن شاكلة ذلك على سبيل المثال قضية تقسيم العراق الى ثلاثة اقاليم سنية وكردية وشيعية اذ كان المنطق العام لدى الشارع العراقي بثالوثه المذكور ومن يتعايش معه من العراقيين المكملين لتشكيلة المجتمع المنسجم رافضا لهذا السيناريو الامريكي لكن مع مرور السنين وبث الرسائل غير المباشرة وزرع افكار تتقبل تلك الفكرة ولاسيما في المجتمع الرخو الذي لا تسعفه مدركاته وقراءاته ومعارفه من التحصن من المكائد الدعائية وما يرافقها من الحرب الباردة. وشكلت قضية تعرض النازحين من اهالي الفلوجة وقبلهم من الرمادي قضية رأي أريد له ان يتحول الى رأي عام ، وللتذكير فقط عندما نزح اهالي هيت وعانه وراوة وعدد من عشائر الجغايفة والبو نمر وغيرهم من العشائر التي وقفت موقفا معاديا لتنظيم داعش وقاتلته بدلا من الاستجابة له ومبايعته (طبعا داعش مختصر لمجموعة من المضروبة مصالحهم وغائلين بالدم العراقي قبل وبعد تغيير 2003 ومن معهم من مجاميع اردفوا بهم لاكسابهم هوية يراد ترويجها على انها هوية خارجية) التذكير الذي اريد الاشارة اليه انه عند نزوح الالاف من اسر المحاربين لداعش وتعرضهم من قبل ذلك لحصار حرمهم المستلزمات الطبيعية لديمومة العيش اضافة الى تعرضهم الى القصف بعشرات قذائف الهاونات واستشـــــهاد العشرات منهم بينهم اطفال ونساء وشيوخ لم نسمع بتصريح واحد يظهر من عشرات الابواق الاعلامية الناعقة التي برزت لتشويه سمعة وصورة الحشد الشعبي وتلفيق القصص الواهية في محاولة الى تحويل بوصلة الاعلام من الانتصارات البطولية التي حققتها قوات وزارة الداخلية والدفاع والتشكيلات الاخرى من الحشدين الشعبي والعشائري وغيره في تحرير مدن صلاح الدين وصولا الى الرمادي والفلوجة والقادم افضل باذن الله ، ومن المعروف ان نازحي مناطق الفلوجة والرمادي وهيت وعانه وغيرها هم جميعهم من مكون السنة العرب وجميعهم من اهالي محافظة الانبار اي ان التفريق والتمييز بينهم لم يكن على اساس طائفي مذهبي كونهم من طائفة ومذهب واحد بل هو تمييز سياسي بامتياز فشنت الحملة ضد الحشد وما رافقها من سيناريو مج ممقوت مفاده ان تحرير الفلوجة والموصل يجب ان لا يكون على يد الحشد الذي يشكل اغلبيته مكون الشيعة العرب بينما في الحقيقة ان القوات الامنية التابعة للداخلية والدفاع وغيرها من التشكيلات لا تختلف عن تشكيلة مكونات الشعب العراقي نفسه وما يمثله من نسب سكانية تفرض بطبيعة الحال التغلب العددي اذا ما اريد الركون الى التصنيفات المغـــــرضة والتماشي مع ما تروجه من سيـــــناريوهات تحاول بها استفزاز مشاعر السكان والضحك على عقول المراهقين والشباب المندفع بهدف كسب اكثر عدد من المؤيدين وزجهم في محرقة الاقتتال والحرب الطــــائفية المقيتة.لا يستطع احد ز يزكي جميع المــــقاتلين في المعركة التي طرفيها ملتهب بانواع السلاح ولا احد يستطع ان يسيطر على مشاعر جميع المقــــاتلين بمسافة واحدة خلال المـــعارك التي تستنزف يوميا عشرات القوافل من الشهداء من الاحبة والاصدقاء الذين لبوا النداء لدرء خطر كان وشيكا وعلى اطراف بغداد ، فممكن ان ينهار هذا الجندي او ذاك ليفرغ جام غضبه على جبهة العدو الذي اباح دماء اكثر من الف وسبعمائة شهيد بدم بارد في جريمة العــــصر سبايكر التي لم تهز شـــعرة من جلد الابـــواق المرتزقة غير المنتـــمية لا للعراق ولا لمكوناته.اما ان يصار الى فبركة الصور والافلام الفيديوية وخلق وتشغيل جيوش من العاطلين والذين نفوا انفسهم الى خارج البلد بعد ان عرفوا وعلموا انهم نكرات غير مرغوب بهم فيه عبر وسائل التواصل الاجتماعي وبمعونة وتبني الاعلام المغرض الباحث عن الثمن او المسيس اساسا لاداء مثل هذه الاغراض الدنيئة التي تقف وراءها مصالح دول وعروش ملوك ورئاسات فجميع ذلك غير معني بمعاناة الناس المتضررين من كل هذه التضاربات والتخندقات المصلحية الرخيصة ومن يؤديها من ممثلي كومبارس ما زال بعضهم يتسلم زمام سلطة استحصلها من اصوات الناخبين الذين يعانون التشرد من منازلهم نتيجة ما اختارته ايديهم. ،ان سياسيي داعش الذين اصدروا عشرات البيانات الرسمية وغير الرسمية هم صناع داعش الذي يقاتل القوات الوطنية المستظلة بغطاء الحكومة وشرعيتها ، وهم اكثر خطرا من داعش المقاتل الحامل للسلاح الذي ينفق حينما ينضب الماء وينفد الغذاء والرصاص والسلاح والمال عنه بينما سياسيو داعش يمدونه بتلك المؤن ولاسيما انها تاتي من الداخل والخارج مع وجود تواطؤ وتعاون بلباس وستار وتغطية رسمية لايصال الامداد لاعداء وحدة واستقرار العراق. ان سياسيي داعش قادرون على صناعة داعش في المناطق التي ما تزال رخوة وان استكمل النصر على المجرمين والقتلة في ارض المعركة على يد المقاتلين الاشاوس ينبغي على ساسة الدولة المتصدين لداعش عسكريا ان يقضوا على بؤر الامداد وصناع داعش سياسيا وعلى الماكنة الاعلامية ان تنتج خطابا موحدا وتجتمع في لقاء عام للنزول بخطاب جديد منفح اكثر وعيا وارحب صدرا في استيعاب الاخرين وفسح المجال لكل من يريد الدلو بدلوه في خدمة البلد بالشكل الذي يحفظ جهود وكرامة الاخرين وعدم اقصاء والابتعاد عن الكيفية والمزاجية والعدائية الضيقة والعقليات الصغيرة التي تقدم مصالحها الشخصية والفئوية على المصلحة الوطنية العليا.
مقالات اخرى للكاتب