بسرعة كبيرة وفرحة شديدة صاحبت التصريحات ورود الافعال التي صدرت من بعض جماعة حكومة المالكي المنتهية ولايته وصلاحيته، وانطلقت جوقة المداحين والمدافعين عنه وعن سياساته ممن يحملون صفات والقاب وشهادات كثيرة مثل (خبير قانوني) و(خبير نفطي) و(محلل ستراتيجي) و(دكتور في اقتصاديات النفط) ليعلنوا للشعب العراقي فرحة ربما بنظرهم اكبر من فرحة العيد عن صدور قرار من محكمة امريكية بمصادرة شحنة نفط من اقليم كوردستان، وغرق البعض منهم بخياله المريض الى حد الاعلان عن نجاح مساعيهم وكسبهم لدعاوى وهمية غير موجودة الا بخيالهم البعيد عن واقع الحال الموجود في العراق والذي يكشف عن أكثر من ثلث مساحة العراق خارجة عن سيطرة الحكومة التي لا تجد ما يشير الى وجودها الا في المنطقة الخضراء وقنوات ووسائل الاعلام التي تحولت الى ما يشبه اعلام وبيانات الوزير الصحاف.
في ملف النفط في العراق تختلط الكثير من الحقائق الثابته التي يستند عليها اقليم كوردستان العراق وتفضح الكثير من الخدع والتضليل والاكاذيب المكشوفة هنا وهناك والتي يراد منها اولا واخيرا الاساءة الى الكورد والى حكومة ورئاسة الاقليم وبالذات شخص الرئيس مسعود بارزاني.
علماً ان النظام القانوني للنفط في العراق كان محكوماً بمجموعة من القوانين التي تنظم وتحدد السياسات المتعلقة بعمليات استخراج وتصدير النفط وهي:
1-قانون رقم 80 لسنة 1961 الذي حدد مناطق الاستثمار لشركات النفط.
2-قانون تأسيس شركة النفط الوطنية لسنة 1962.
3-قانون تأسيس شركة النفط الوطنية العراقية رقم 11 لسنة 1964.
4-قانون تأسيس شركة النفط الوطنية العراقية رقم 103 في 1966.
5-قانون تخصيص مناطق الاستثمار لشركة النفط الوطنية العراقية رقم 97 لسنة 1967.
7-التعديلات التي صدرت على تلك القوانين.
8-قانون تأميم عمليات شركة نفط العراق المحدودة رقم 69 لسنة 1972.
9-قانون تأميم حصة شركة النفط الهولندية (شيل) رقم 90 لسنة 1973.
وقد سقطت كل تلك القوانين بسقوط النظام السياسي عام 2003، واعتبرت كل الاحكام الواردة فيها ملغية بعد صدور الدستور العراقي لعام 2005.
عليه فان اي موقف او قرار او اتجاه يسود في العراق الآن يجب ان لا يستند على اي من القوانين الواردة اعلاه فيما اذا حصل تناقض او اختلاف مع ما ورد في الدستور العراقي لعام 2005 والذي نجد من المهم بيان هذه الحقائق الثابته في هذا الموضوع المهم وهي:
1-المادة 110 من الدستور التي وردت في الباب الرابع(اختصاصات السلطات الاتحادية) والتي نصت على: تختص السلطات الاتحادية بالاختصاصات الحصرية الآتية:-(وذكرت تسع فقرات حصرية خاصة بالسلطات الاتحادية) وليس من بينها ذكر للنفط والغاز.
2-ان المادة 111 تنص على (النفط والغاز ملك كل الشعب العراقي في كل المحافظات والاقاليم) والمادة 112 تبين كيفية ادارة هذه الثروة وطريقة توزيعها، ومن خلالها يتبين موضوع الادارة المشتركة للنفط المستخرج عند نفاذ الدستور وليس النفط الموجود في الارض اي غير المستخرج والذي لم يتم البحث عنه او استخراجه من قبل الشركات النفطية.
3-المادة 114 نصت على الاختصاصات المشتركة بين السلطات الاتحادية وسلطات الاقاليم ولم يذكر فيها اي شئ عن النفط والغاز.
4-المادة 115 نصت على( كل ما لم ينص عليه في الاختصاصات الحصرية للسلطات الاتحادية يكون من صلاحية الاقاليم والمحافظات غير المنتظمة في اقليم، والصلاحيات الاخرى المشتركة بين الحكومة الاتحادية والاقاليم، تكون الاولوية فيها لقانون الاقاليم والمحافظات غير المنتظمة في اقليم في حالة الخلاف بينهما.
5-عدم تشريع قانون خاص بالنفط والغاز في العراق رغم اكمال الاتفاق عليه وتحضير مسودته ومشروعه بين الحكومة الاتحادية وحكومة الاقليم من عام2007.
6-قيام حكومة اقليم كوردستان على ضوء ما اوردناه اعلاه من المواد الدستورية في ممارسة حقها في استخراج وتصدير النفط، وهو ما دفع حكومة بغداد الى الاعلان والتصريح بانها وحدها فقط صاحبة الحق في إدارة موارد الطاقة العراقية.
7-تصاعد الخلافات وقيام الحكومة الأتحادية تضمين الموازنة المالية للبلاد فقرة تنص على اقتطاع أموال من حصة كوردستان إذا لم تلتزم بتسليم 400 ألف برميل يومياً من النفط الخام إلى الحكومة الاتحادية في العام 2014.
8-قيام رئيس الحكومة نوري المالكي بقطع استحقاقات اقليم كوردستان من الميزانية ومنذ شهر كانون الثاني 2014 مما تسبب بقطع رواتب الموظفين والمتقاعدين والشهداء ووذوي الاحتياجات الخاصة(المعوقين) ومتلقوا المعونات الاجتماعية من الارامل والمطلقات بهدف خلق ازمة مالية في الاقليم.
9-بعد عدة مفاوضات وزيارات قررت حكومة اقليم كوردستان تصدير أول شحنة من نفط كوردستان عبر خط أنابيبه الجديد إلى تركيا ومن ثم الى الاسواق العالمية. وتحميل أول شحنة من النفط الخام المنقول عبر خط الأنابيب الجديد من ميناء جيهان التركي على البحر المتوسط.
وأن ايرادات النفط المصدر من كوردستان الى تركيا ستودع في بنك تركي.
10-قيام وزارة النفط الاتحادية برفع دعوى قضائية ضد وزارة الثروات الطبيعية في حكومة اقليم كوردستان لقيامها بتصدير النفط دون موافقة الحكومة الاتحادية.
واعلانها عن اتخاذ اجراءات قانونية ضد تركيا وشركة بوتاش لخرقهما الاتفاقية الموقعة بين البلدين عام 2010، وتحذيرالشركات النفطية من شراء النفط العراقي الذي يتم تصديره دون علم وموافقة الحكومة الاتحادية.
11-صدور قرار من المحكمة الاتحادية برقم 59/اتحادية/2013 في 23/6/2014 وفيه تم رفض طلب وزارة النفط بمنع وايقاف تصدير النفط العراقي من قبل حكومة الاقليم لان ذلك يخالف السياقات القضائية.
12-واخيراً فان ما تم الاعلان وتداوله عن قيام محكمة امريكية بمصادرة شحنة النفط ينفيه واقع الحال الذي تم الاعلان من قبل العديد من المسؤولين الامريكان والذين اكدوا ان الموضوع هو خارج ولاية المحاكم والقانون الامريكي لانه من المواضيع الخاضعة للدستور العراقي الذي وحده فقط لا غيره من ينظم طريقة وشروط واحكام استخراج وانتاج وتصدير النفط والغاز في العراق وهو وحده من يفصل في الخلافات بين الحكومة الاتحادية والاقليم.
كما صدر الرد العملي في اليوم التالي عندما تم الاعلان في تركيا عن الشحنة الخامسة من النفط الكوردستاني والمنطلقة الى اسواق وموانئ العالم والتي تؤكد الحقائق الثابته وتفضح الخداع في هذا الموضوع.
مقالات اخرى للكاتب