بــــوك يمعـــــود...دبـــــــوك!!
صدمت وأنا ارى أغنية (بوك يمعود بوك) للمخلوق المضغوط على العيساوي تحقق عشرات الاف من المشاهدات على موقع اليو تيوب وهي ظاهرة فريدة غريبة تستحق الدراسة والتحليل في عالم الخرط وهبوط الذائقة الفنية في المجتمع العراقي سيد الفنون والآداب والذوق الرفيع.
فبعد التغيير والانفلات الفني وضعف الجانب الرقابي على النص الغنائي ، غصّت الساحة الغنائية العراقية بمجموعة من الأغاني، التي دخلت كل بيت عراقي والتي لا تتفق مع الغاية الحقيقية للأغنية الوطنية ذات المقومات الشعرية والموسيقية. فالبعض راح يزجّ فيها بمفردات تثير السجالات وتخدش سماع المتلقي خصوصا و تسيء إلى نظام الدولة وتاريخ الوطن .فالإكثار من إدراج مفردات غير لائقة في أغنية تسمى بالوطنية هو إساءة لها. وهي أخفاقة لا ترتقي إلى مستوى الحدث ولا مضمون الرسالة المُراد منها، وهي نموذجاً آخر عن انحدار مستوى الأغاني الوطنية.
أن نشر الغسيل القذر لمرحلة مخاض عسير يمر بها الوطن خصوصا وان من الواضح من إنتاج هذه الأغاني بطريقة ساخرة كريهة تنال من سمعة وهيبة العراق هو رسالة ملغمة شريرة تريد الإطاحة بالنظام الديمقراطي الجديد والتشكيك برموزه .وان كنا متفقين على هزاله وفساد الغالبية العظمى من ساسة البلد .و ما غياب مقوّمات هذا النوع من الأغاني لولا تخلي المؤسسة الفنية الرسمية عن دورها وصمت المعنيين عنها ، ويبدو أن صمت المعنيين سوف يطول، لأنهم غير مكترثين لما يحدث من إسفاف. برغم تغيير النظام المؤسساتي في عراقنا الجديد فإن المؤسسة الثقافية لا تزال تعاني من عجز فكري. بل هي عاجزة عن الابتكار، لذا فإنها عادت إلى أسلحة النظام ألصدامي السابق.. شعر حماسي شعبي رديء مثير للحماسة والاستعراض، وغناء تافه يلحنه موسيقيون هم ملحنو موجة الغناء المائع المثير للغرائز، مغلف بمفردات وطنية ناقصة وهو شكل من أشكال الفساد للفن السماعي المرئي المطلق الذي غرقت فيه البلاد حتى باتت فخورة بأنها تستقر في القاع.
إن أغاني هابطة وضيعه كأغنية (بوك ..يمعود.. دبوك) لا تتضمن مصطلحات سوقية وعامية فقط، بل كان للغلو فيها والتحجيم نمطا مشرعنا ، وهي دعوة للسرقة والحرمنة وتعامل فج ووضيع مع مفاصل دولة ناهضة تريد نسيان الماضي وتلحق بركب الأمم المتحضرة .
هؤلاء نواقص المطربين وغيرهم من دستة المتشمتين بمصائب العراق و الذين أرغموا على الإزاحة من الذاكرة العراقية بعد تمجيدهم صدام المقبور بعشرات الأناشيد والأغاني التي جعلت منه ماردا جبارا أزيحوا بإرادة شعبية ثم "اختبئوا في بيوتهم" أو في مواخير الملاهي والحانات الليلة مع جوقة الراقصات والداعرات ،يجب أن تمسحهم الذاكرة العراقية وتلفظهم الذائقة الفنية ويحاسبوا حسابا شعبيا لأنهم فعلا "زعانف ووجه اخرلهجمة تتستر بالفن " ولا دور لهم سوى الطعن بجسد العراق والتنكر لبلدهم !
إن اغاني مثل (منريدة ) و(بوك يمعود دبوك) تتطابق حرفيا مع ما نقوله وهي كبوة لجواد الفن العراقي الجامح الذي حلق إلى عنان السماء مسجلا بحروف من ذهب تاريخا مشرقا للفن الأصيل .
مقالات اخرى للكاتب