أكياس النفايات، باتت تنام على الأرصفة، والشوارع، والمنازل، والحدائق، والصحاري، حتى أننا عندما نكون في السيارة، على الطرق الخارجية السريعة، نسأل أنفسنا كيف وصلت هذه النفايات، وبهكذا كميات الى المساحات الجرداء الشاسعة؟ والمثير للإستغراب!
إن أمانة بغداد نشرت مؤخراً تقريراً، حول كمية النفايات البشرية، في مدينة بغداد لوحدها، فوصل الى حوالي (7000 ) طناً يومياً، من المخلفات ترمى في مناطق مفتوحة، دون رقابة صحية أو بيئية!
المسؤولية تقع على عاتق المواطن، كما هي على أمانة بغداد، ولكن التوعية والتثقيف للناس، مطلوب في جمع النفايات، وعدم رميها دون وضعها بأكياس كبيرة، كي لا تتناثر في المحيط القريب، من حاويات الازبال، والملاحظ ان اغلب المواطنيين، لا يرمون اكياس داخل الحاوية، ومايزيد الطين بلة، هم المعتاشون عليها، والبحث عن (قواطي البيبسي الفارغة، والعلب البلاستيكية، وبعض ما يجود به الناس، من أغراض لا تنفعهم) هولاء الباحثون عن لقمة العيش في الأزبال، ينثرون الأكياس ويمزقونها، ويبحثون في الحاويات، ويفرغون محتوياتها، ليصبح المنظر قبيحاً جداً، بعد الأنتهاء من بحثِهم!
أسباب تدهور واقع الخدمات، يبدأ من الفرد الذي لا يدرك، أن تردي الواجب الخدمي والبيئي، هو نتاج العلاقة العكسية السلبية، بينه وبين الجهات الحكومية، والتي تنفذ مشاريع لخدمة المواطن، لكنها تقابل بسوء الإستعمال، واللامبالاة، وعليه فالدولة لم تعمل بجدية، على تثقيفف الناس ومحاسبة المهملين، بل إن السيارات المحملة بالمخلفات، تلجأ للمناطق القريبة، لملأ سياراتهم والعودة الى المكابس، أما الأحياء السكنية الواسعة والبعيدة، فلا يجد من يهتم لها.
فنان بريطاني يدعى بن ويلسون، أطلق مشروعاً غريباً، لجمع العلكة المستعملة منذ 1998، ويقضي ساعات طوال في تجميعها، لإستعمالها في صنع لوحات فريدة، ورائعة مع إضافة مواد كيماوية، تجعل لونها ورائحتها مقبولتين، ويهدف الى لفت الإنتباه الى تزايد القمامة، والتلوث، والإهمال، ورفع الوعي عند الناس، الذين لا يعون آثار تراكم أنواع كثيرة من العلكة، على أرضية الشوارع، والارصفة، والأماكن العامة، وحتى مكاتب الموظفين، وأثاث المنازل!
معالجة نفايات العلكة، بإستخدامها في لوحات فنية، تسحر المشاهدين، لهو دليل على عمق مبدأ المواطنة، لدى هذا الفنان الإنكليزي، لأنه يفكر في نظافة بلده، ووشح اللوحات الزاخرة، بعبارات التوعية البيئية، في أماكن عامة، ليعكس ثقافة إستعمال العلكة، بطريقة قد لا يأبه أحد بها، فالتجربة الشخصية وإن صغرت، فإنها تترك أثراً في الناس، عند مشاهدتهم لهذا الفن الذكي، الذي يرسخ عادة جميلة، بعدم رمي العلكة أو إلصاقها!
عندما تبتسم الأرصفة، والحدائق في بلدي، وتعلن إنتصارها الأبيض، على القاذورات، والمخلفات، والنفايات، علينا بتفعيل حملة (لأجل عراق أنظف وأجمل)، لأ ننا نحتاج الى أن نجعل من العقول، والقلوب، والأفكار، تؤمن بنظافة البيوت، والمتنزهات، وهيئات الحكومة، ومؤسساتها، حيث الرسائل واضحة، إلا أنها تحتاج منا الى جهد مخلص وصادق، لنطبق الحديث الشريف: (النظافة من الإيمان).
ختاماَ : للمواطن حقوق وعليه واجبات، لذا مثلما يطالب بحقوقه، عليه أن يكون على قدر المسؤولية لتنفيذ واجباته، لتكون المعادلة عادلة، فمبدأ الحساب للمقصرين لا بد أن يُفعل بطريقة سليمة ونزيهة، لنضمن عراقاً نظيفاً يسر الناظرين.
مقالات اخرى للكاتب