ربما لن تجد اختلافاً واضحاً بين الرؤية التي قد يتبناها شخص ما حول ماهيتها، لكن مع ذلك تبقى دائما بعض الاشكاليات التي تتضح من خلال البيئة والاجتماع والدين والفكر والسياسة وجملة امور اخرى تظهر اثارها على المستوى الادراكي للفرد.
ولعل تنامي ظاهرة التحرش في المجتمع من الجواب السلبية للرؤئ ، و التى كثرت مؤخرا فى العراق وساعد على انتشارها الانفلات الامني وكثرة الوقفات الدراسية والاحتجاجات الغير مبررة، والفراغ الهائل الذي يعاني منه الشباب بسبب البطالة المتفشية واختفاء الانشطة الرياضية ومستلزماتها التي يفرغ فيها الشباب طاقاته وتحولها إلى ساحات قمامة اوبناء العشوائيات او اسواق مبعثرة فاقدة لابسط مقومات النظافة مما خلق جواً للانحراف الخلقي الذى فتح الباب على مصارعة للتحرش اللفظي او الجسدي للمراة وشباب لايفرقون بين انسة او امرأة بصورة جعلت الاباء والامهات يرتعدون خوفا على بناتهم اثناء ذهابهن للنزهة او التعليم او القيام بمهام العمل للاسرة.
يقابلها صمت اجتماعي وعجز رسمي، اليوم وكما يشاهد في الشارع زاد التحرش أكثر من السابق لان معظم الفاعلين يعرفون ان ليس هناك من يردعهم ويوقفهم عند اخطائهم في بلد مازال يحاول الإمساك بملفه الأمني وقمع العمليات الارهابية المستمرة ومحاولة إيقاف مد الفساد الإداري والمالي الذي أصابه منذ اكثر من اربعة عقود ماضية والعقوبات الاقتصادية التي فرضت عليه نتيجة اخطاء النظام المقبور للبعث وما بعده ومن حالة الارباك الذي ساد المجتمع وعدم الثبات في المؤسسات الاجتماعية والتربوية والتخبط في التخطيط للانشطة الرياضية السليمة وبُعدها عن التخصص والكفاءة كلاً في مجال اختصاصه .
ومع الاسف ان قوة الشخصية لدى الكثير من العاملات ورفضهن قبول ذلك في الوظائف العامة ادى الى حرمانهن من التدرج الوظيفي والحوافز المالية مقارنة بزملائهن الذكور رغم تفوقهن على بعضهم علما وخبرة وعملاً. ولم يقتصر التحرش بالنساء على مرافق العمل والسوق ووسائل النقل العامة، بل وصل إلى الحرم الجامعي. وفي المدارس لاسيما في مرحلتي الابتدائية والمتوسطة نتيجة تباين أعمار الطلبة, فضلا عن انتشار الأجهزة ذات التكنولوجيا المتطورة التي تتيح فتح المواقع الإباحية, التي تعرض برامج وأفلام تثير الغريزة لدى الجانبين و مغايرة للتقاليد الإسلامية وهذهالبرامج والأفلام تحمل في طياتها سلوكيات سلبية تؤثر على الشباب عامة والمراهقينخاصة ، اكثر مما يدفعهم الى القيام بهذه الاعمال بهدف التخلص من الشحنات الغريزية،
وطبعاً ان صفة التحرش تطلق علي أي نوع من الكلمات الرخيصة الغير مقبولة أو القيام بأفعال لها إيحاء جنسى مباشر أو غير مباشر وتنتهك السمع أو البصر أو الجسد وتنتهك خصوصية الفرد أو مشاعره، وتجعله لا يشعر بالارتياح أو عدم الإحساس بالأمان والخوف .ويشمل التحرش باللمس، و بالنداءات أو الإيحاءات، ش بالعين ( الغمز )، او بالملاحقة والتتبع،
ومع تزايد عدد مستخدمي الإنترنت ومن لديهم حسابات على شبكات التّواصل الإجتماعيّ وحيث يزداد عدد مستخدمي الأجهزة الإلكترونيّة المتّصلة باستمرار بالإنترنت، لم تعد ظاهرة التحرّش الجنسيّ تقتصر على التحرش المباشر بالضحيّة، بل أصبح في إمكان المتحرّش الوصول إلى الضحيّة داخل بيتها، وفي مكان عملها، وفي أيّ وقت الكترونياً،
أو عبر وسائل التخزين التقنية الرخيصة جدا في ظل انعدام نظام التفتيش المحكم وروتينية نظام الباحث النفسي والتربوي او فقدانه في المدارس, فضلا عن التسيب وفساد الكوادر التدريسية والانتقائية والمحسوبية في تعيين مدراء المدارس غير الاكفاء.
وكما ان بعض الفتيات والنساء الائي يرتدين ملابس مغرية وغير محتشمة تبعث في نفوس الشباب غريزة في ظل عدم وجود وعي لدى الشباب فتحدث هذه الظواهر وقد تزول اذا ما تسلح الشباب بروح الاسلام وتتبع الشريعة الإسلامية والقران الكريم في اية 33 الاحزاب يقول ( وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَىٰ ) وهذا يحتم على الجميع التضامن والعمل وانطلاقاً من العائلة من اجل نشر القيم الاجتماعية لبلدنا ونشر التعاليم الإسلامية بين الطرفين النساء والرجال.اذاً لابد من مواجهة الأسرة لهذه الظاهرة شيء و التنشئة الاجتماعية والأخلاقية والدينية والتربية علي أساس حق الانسان في صيانة شرفه وجسده وماله.
وان العملية لم تعد قاصرة على الممارسات الّتي تتعرّض لها الفتيات في الشوارع خلال المناسبات والأعياد فقط، لكنّها أصبحت تهدّد كلّ فتاة وهي في اي مكان وزمان تتصفّح حسابها على شبكات التّواصل الإجتماعيّ. كما أنّها لم تعدّ تستهدف الفتيات خاصة، انما أضحت تهدّد الشباب أيضاً، وإن كانت بنسب أقلّ من تلك الّتي تتعرّض لها الفتيات. وفي ظلّ تنامي وتخفّي المتحرّش وراء شاشة صغيرة، فإنّ المواجهة لا بدّ أن تكون مجتمعيّة بغطاء تربوي صالح، وعدم الاعتماد على الطرق القانونية فقط .
كما يجب التعامل مع الجنس الناعم باعتباره إنسانا وليس مجرد وعاء للجنس، أن كسر الصمت تجاه جرائم التحرش الجنسي لن يتم إلا برفع مستوى الوعي بحقوق المرأة لوقف هذه التصرفات الشاذة والتي لاتليق بالمجتمعات الانسانية ولاتقرها الاديان السماوية . ان الوالدان رغم انشغالهم في توفير مستلزمات العائلة و المال من أجل مواجهة أعباء الحياة ...سورة التغابن اية 14({ إنما أموالكم وأولادكم فتنة واللّه عنده أجر عظيم}.
ولكن من أهم وظائف الاباء هي تربية الأبناء وعدم تركهم يلهون في الشوارع يلتقون بأصدقاء السوء ويقفون في الطرقات يعترضون الفتيات عليهم ارغاب ابنائهم في استغلال جيد لأوقات الفراغ, ودفعهم نحو المشاركة في المعسكرات باشراف مختصين وغيرها من الأنشطة السليمة التي يمكن أن يخرج فيها الشباب طاقاته وحماسه ويشغل وقته في شيء مفيد دون الحاق الضرر بالآخرين.الاية القرانية 46سورة الكهف (الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا)
والدولة عليها المسؤولية العظمى لتاسيس الشرطة المجتمعية والاداب او المراقبة الغير محسوسة ويمكن ايضاً العمل على ايجاد غرف للارشاد في الحدائق العامة والمولات التي تتكاثر فيها العوائل.
وللاعلام دور مهم في تنمية اخلاقيات الشباب نحو السبل الصحيحة للمعايشة في المجتمع والنهي عن الاعمال الغير سالمة فيه .
مقالات اخرى للكاتب